مقالات

فريق الأزمة الوطنية

متاريس سودانية

م/جبريل حسن:

توقفت عن كتابة المتاريس زهاء الثلاثة أشهر الماضية كنت أظن أن الوطن في حاجة إلى تعافى كامل من التناول المتكرر للأوضاع المتفجرة واحتياجي الشخصي لصمت عميق أصحح به مخاوفي على الوطن وأوازن به بين الانتقاد والحقيقة في ملاحقة جوانب الأزمة الوطنية.

ولكن وضح لي أن فريق الأزمة الوطنية أضاف بعدا جديدا للأزمة وهو الاصطفاف من بعيد لبناء مشروع نخبوي جديد تقوده حظوة المناصب ومركزية المال للتأثير على سلوك الشعب السوداني لقبول تحالفات ظاهرها عمل سياسي وباطنها أحكام قبضة السلطة والمال لعلمنا التام أن كاميرات الصحفيين ومؤتمراتهم لن تجلب الناخبين الجوعي لمصيرهم المحتوم وهو الوعود الانتخابية اللئيمة الكاذبة. وهناك حتما من يفهم الصورة اكثر من الحديث كناخب لا يجيد الكتابة ولا القراءة لكن يسمع ويفهم الصورة التي أمامه والتي تتسول صوته عندما تفشل في الوصول للسلطة والحكم.
صورة أخرى اكثر لمعانا اشبح بتحضير الجن في عكس علاقة الأمن والدفاع نفس العدو القديم. مع نقيض دعم مبادرة الطيب الجد بشكل استباقي وعكسي الان في تطابق رؤى فرقاء الأمس.
لكن بالمقابل يتفوق منتسبو الوطني والإسلامية على أقرانهم في كل مرة تصريحات تحذيرية عميقة وصمت قيادي رهيب لأنهم ينتظرون لحظة حاسمة تأتيهم بالانتخابات، إطلاقا لا يفكرون بالطرق القديمة (انقلاب من داخل الجيش) بل ينتظرون تحالف النخب والأسياد ليسقط عليهم المن والسلوى بانتخابات مبكرة.

صورة أخرى أكثر حيرة وهي تفكيك الجيش عبر بوابة تسييرية المحامين والحديث عن دمج قوات الدعم السريع والحركات دون النظر لقانون الجيش السوداني وتاريخه فعملية قيادة إدماج (كمي دون معايير وأعراف عسكرية أمنية) لهذه القوات محصلته دمج الجيش في الدعم السريع والحركات وليس الحركات والدعم السريع في الجيش وهي الخطوة الأكثر خطورة في السيطرة على السودان بإضعاف قواته المسلحة،دون النظر لقضايا الأمن القومي وتفكيك المنظومة العسكرية لصالح أطماع الأحلاف الخارجية.
صورة أخرى أكثر إدانة لأحزاب النخب التاريخية وغياب دورها الوطني الذي صنعه رعيلهم الأول فمن التباهي القديم بالجماهيرية والمريدين إلى اصطفاف وتحالفات لا تثمن و لاتغني من جوع تعكس فقدان الوزن والثقة القديمة يضاف لها السقطة بقبول التحلق تحت مظلة الحرية والتغيير في استهبال سياسي وسط تحالف المعادن والمال التي لم يكونو يوما واحدا خلف ثورتها أو البكاء على شهدائها.
نقول هذا وبلادنا تتجه لأزمة أكثر حدة فوضع الجهاز التنفيذي القائم للدولة أصبح أكثر فوضوية. وأبلغ سلوك في توصيف الفساد الدستوري والإداري الذي يعوق عمل المراجع القومي الذي يضع الدولة والجهاز التشريعي الرقابي في حقيقة حجم الاعتداء على المال العام وإظهار خلل الأداء الإداري للدولة فغياب المساءلة التشريعية هو غياب لأسس الحكم الرشيد وإهدار لموارد الدولة والشعب وعقبة أمام الانتقال.
صورة أخيرة لا تتسق مع الواقع وهي المطالبات المتعددة بإلغاء اتفاق جوبا وهي خطوة تزيد من تعقيد المشهد وربما نسف استقرار الدولة لأن اتفاق جوبا اتفاق متعلق بقضية الحرب والسلام وهو اتفاق سياسي دولي انجزته حكومة الثورة والحكمة في عدم معارضته إنه يجيب على الأسئلة الكبيرة (كيف يحكم السودان) واسكت صوت البندقية ولا سيما أقر مؤتمرا لشرق السودان وغرب وشمال كردفان ومؤتمرا لولاية الخرطوم كما أوجد نظام الحكم الذاتي لمناطق جنوب كردفان والنيل الأزرق وإقرار نظام الحكم الفيدرالي ونظام الأقاليم في خطوة لإعادة النظام الإداري القديم للسودان في ظل وضع تماثلي وهي من أهم القضايا التي يمكن أن تعيد اللحمة الوطنية وتعيد الخريطة السكانية القديمة للسودان وفقا لأسس طبيعية يتعايش فيها السودانيين كمجتمع واحد.

وبعيدا عن منظومة الخريطة السكانية والإدارية الحديثة التي أوجدها النظام السابق واوجدت معه الأزمات وزادت من خطاب العنصرية والجهوية والمناطقية والجغرافية والعرقية واللون.

كما بعث هذا الاتفاق الأمل لقطاع عريض من النازحين واللاجئين، فاتفاق جوبا هو سانحة للم الشمل السوداني من جديد.. ولكن!!.
حتى يقبل الشعب السوداني بذلك يجب على أطراف اتفاق جوبا للسلام قبول مبدأ انتقاد هذا الاتفاق لأنه من صنع البشر ويقبل التصويب والمراجعة، كما عليهم جلب السلام أولاً لتنظيماتهم وسلوكهم بالتعاون التنظيمي لمكونات المسار الواحد لمساعدة الدولة في تنفيذ الاتفاق على نحو المتوازن مع دفع الآخرين في القبول به كاستحقاق تفاوضي يجب تطبيقه.
فالشعب السوداني قبل أن تقبل مؤسساته تطبيق هذا الاتفاق يجب إنهاء حالة التمييز بين الحركات والفصائل وهي واحدة من عيوب هذا الاتفاق، كما أن صعوبة تطبيق هذا الاتفاق في ظل وضع انتقالي للدولة يزيد من المخاوف بفشله وينذر بخروج منسوبي هذه الحركات عن إرادة قياداتهم فضلا عن شح موارد الدولة وإحجام المانحين عن إسناد الاتفاق لأن التدفقات المالية مربوطة بانفراج الأزمة السياسية وسلامة المؤسسات المالية.
عليه على أقل تقدير تحتاج بلادنا من النخب السودانية وقوي الثورة والفاعلين بالمسار السياسي للعب أدوار وطنية في مقبل الأيام وباختصار، :أنتم “فريق الأزمة” بامتياز .
كل الإحترام
م. جبريل حسن أحمد إبراهيم
gebrelhassan@gmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق