مقالات

ماذا جلب الذهب لـ”أبوحمد”

د.  عبدالمعز الخراط المحامي:

مدينة أبو حمد تقع بولاية نهر النيل على بعد ساعتين من مدينة عطبرة، والتي تبعد عن العاصمة الخرطوم حوالي خمس ساعات، وحوالي ٣٥٠ كيلو متر،تزيد أو تنقص قليلا!
تسكن مدينة أب حمد مجموعة من المكونات السودانية ويعتبر الرباطاب السكان الأصليون لهذه المدينة كما وفد إليهم مكونات أخرى مثل: العبابدة،والكنوز،وعدد قليل من عرب الفادنية ومثلهم من الجعليين، وهي في الجانب الشرقي من النيل عند انحناءته، وأما عن داخل النيل فهنالك عجب عجاب من الجمال والسحر الحلال من الطبيعة الفاتنة والساحرة فهنالك مئات من الجزر إن لم أقل آلآف!!!
وينقسم أو يتفرع النيل إلى فرعين كبيرين بينهما ترفل جزيرة(مقرات) ذات الأربعين كيلو طولا،وخمسة كيلومترات عرضا أو أقل، وفي ضفة الجزيرة الشرقي فرع النيل الغربي، ومابين الفرع الشرقي للجزيرة عدة فروع لاتحصى كثرة وجمالا،إلى الضفة الشرقية، وأما الضفة الغربية للجزيرة ففيها مثل عدد الفروع والجزر حتى تصل إلى الضفة الغربية للنيل!!!
يعتمد سكان هذه المدينة على الزراعة،والتجارة،وهم معروفون بالكرم،والنشاط،ولهجة معروفة بحذف جزء من الحرف الأخير للكلمة، فهم يختلفون عن الشايقية والمناصير الذين لديهم إمالة مع حذف الأخير إذا كان آخره تاء مربوطة واستبداله بياء خجولة،وأما الجعليون فينطقون بلا إمالة ولا حذف(مثل قراءة حفص عن عاصم).
وسكان أب حمد يعرف بعضهم بعضا حتى سكان الجزر يعرفون سكان المدينة!!!
شهدت المدينة أمواج متلاطمة من الهجرات التي قذفها تعدين الذهب من كل أفريقيا،مما أدى إلى تغيير التركيبة الديموغرافية نوعا ما، وبالتالي ازدهرت بعض التجارات،وتعددت الثقافات،مع الاحتفاظ بنكهة الأصالة،فجاء المعدنون من دول الجوار مثل:أثيوبيا، أريتريا،تشاد،نيجيريا،…إلخ.
وانتعش السوق قليلا، فالمعدنون يتسوقون في أب حمد، فعرفت المدينة الفنادق،واللوكندات،واستئجار البيوت(ليس كثيرا) و(الدهابة) _مصطلح يطلقه الناس على المعدنين_ بما لديهم من مال وفير يبذلونه لشراء مستلزماتهم وأغراضهم ولايهمهم ثمنه!!!
فارتفعت الأسعار،وغلا كل رخيص، مع العلم بأن الزراعة هي مهنة السكان الأصليين، والزراعة سوقها يعمه البوار والكساد بسبب سياسة وزير مالية ضيق النظرة،المهم أن أب حمد صارت أغلى مدينة ف كباية شاي سادة ب ٤٠٠ج وكباية القهوة ب ٥٠٠ج!!!
وأقل مشوار بالركشة ب الف جنيه!!!
تعالوا معي لنر ماذا عن البنيات التحتية في أب حمد،لقد رأيت أهم صرح للعدالة، والمكان الذي يأتي إليه المواطنون وهم ينشدون العدالة،فأصابتني صدمة لم أستفق منها حتى كتابة هذه السطور!!!
إن مباني محكمة أب حمد متواضعة لدرجة لا يمكن تخيلها!!!
وأقسم بالله العلي العظيم ثلاثا أن مضيفة شيخ العرب الطيب التوم التهامي بقريتي المشايخة بالزيدب أفضل منها روعة وجمالا ومتانة!!!
بل إنني أظلم المضيفة إذا قارنتها بمباني المحكمة لمدينة أب حمد!!
المحكمة ليس فيها كافتيريا، وحمامات حدث ولا حرج، بعيدة عن وسط المدينة، وأنا خسرت مبلغ ٣ ألف جنيه عشان آكل فول ب ٧٠٠جنيه!!!
تحدثت مع القاضي المشرف فقال لي:لقد تم تحسينها!!!
المهم هذه المحكمة الآن مبانيها لاتليق بمدينة الذهب،ولا حتى موقعها!!
المدينة كذلك ليست فيها شوارع مسفلتة كمدينة الدامر،وليست مؤسساتها جيدة البنيان،وإننا لنتساءل: ماذا فعل السياسيون لهذه المدينة؟
بل ماذا فعل (الذهب) لمدينته؟
كل السياسيين لم يفعلوا شيئا ملموسا ماعدا المعتمد السابق الرجل الهمام ذو القلب الحار/ عبد العال خرسان ابن قرية (أبو) سليم فلقد رأيت بعض إنجازاته مثل مستشفى اب حمد فهو بالجد مبنى يختلف عن بقية مباني بقية المؤسسات بمدينة الذهب،رائع،متين،وقوي،وحدثني بعض السكان أن عبد العال كان يجلس معهم في القهوة،وكان يريد تخطيط العشوائيات بالمدينة ولكنه وجد معارضين شرسين من بعض السكان!!
المهم بقية المباني غالبها من الجالوص،وحتى مباني معظم أهل المدينة لازالت بالطين!!!!
وأما عن الأمن فقد أدت زيادة الهجرات لزيادة معدل الجرائم وبالذات المخدرات، فلم تعد مدينة الذهب كما سبق!!!
والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة: ما الذي جلبه الذهب ل(أب حمد)؟
المؤسسات الحكومية معظمها غير مؤهلة من ناحية البناء،والسوق غالِِ جدا جدا جدا، وسوق المحاصيل الزراعية كاسدة،مع العلم ان معظم أبناء مدينة الذهب لايعملون بالذهب!!!
ماذا فعلت حكومة الولاية لبناء مدينة الذهب بذهبها الذي يتم تصديره لخارج هذه المدينة التي تئن من المعناة؟
أين نصيب مدينة الذهب من ذهبها؟
لماذا لا تعطي حكومة الولاية حصة هذه المدينة من موردها حتى تظهر بمظهر الذهب؟
أم أن ذهبها يذهب مع الذين يذهبون من غير أبنائها؟
أين أبناء هذه المدينة الغيوريون عليها؟
وأترك لكم الإجابة عن سؤال المقال!!!
د.عبدالمعز الخراط المحامي.

 

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق