د.راشد مصطفى بخيت:
ذبحت الكمنجات انثيال الموسيقى السودانية وأحالتها لمحض شجن محزن، طبيعة مرتدة إلى الداخل، وغير مكترثة بضجيج الخارج وعنفوان دائرة الرقيص.
في لحظة احتضار هذا الجسد الذابل المحطم في العام ١٩٩٠ أعادت ساورا نفخ روح الموسيقى الحديثة بآلات نفخ غاضبة وأوتار ثورية.
إذ بخلاف الأنين الذي تصدره الكمنجات، الشبيه بحالة استغاثة كائن محتضر، تهدئ أوتار النورمال جيتار والبيز جيتار الأنفس المنسحبة، وتعيد آلات النفخ بث حماسة جمالية متجهة صوب وعي حديث.
كانت ساورا إذاً أولى صرخات المقاومة الثقافية موسيقياً، متجذرة في الرفض نعم، لكن مأثرتها الأكبر كانت في تلك المراوحة بين موسيقى الشعر و موسيقى الصوت والآلات.
الكمنجات ذبحت الموسيقى السودانية ذبح الشاه وسلبتها روح التمرد إلى الأبد، وكذلك العود.