مقالات

حكومة القضارف وإدمان الإستهبال في تنفيذ طريق الحواتة

بقلم/ د.عبد الكريم الهاشمي:

بدعوة كريمة من رئيس لجنة إسناد تنفيذ المعابر المائية وإعادة ترميم الردمية الرابطة بين الحواته والمفازه (18 كيلوميتر)، رافقنا وفدا ضم عددا من اعضاء اللجنة، يتقدمه رئيسها بالإنابة الأستاذ أحمد عوض الله، لزيارة موقع الطريق والوقوف على سير العمل، حيث وقف الوفد بكل المواقع التي يجري فيها العمل، كما التقى بمهندس هيئة الطرق والجسور بولاية القضارف، ومهندس شركة بيكا للأنشطة المتعددة المحدودة، التي تعمل في صيانة الردمية. من خلال الزيارة والإستطلاعات التي اجريت تبين الآتي:
– إن ما تم من إنجاز في المعابر المائية (ثلاثة معابر) يعد إنجازا كبيرا تستحق عليه اللجنة الثناء والتقدير بالرغم من التأخير الذي ربما يتسبب في عدم إكمال بعضها، حيث إكتمل العمل في معبرين، ينتظران عمل الردميات التي تربطهما بالطريق (خمسين متر في مدخل ومخرج المعبر)، لم يكتمل المعبر الثالث لبطء العمل وضعف الإهتمام الذي صاحب الإنشاء الذي بدأ في فبراير السابق، إذ أن الفترة ما بين فبراير واغسطس كانت كافية لإكمال العمل في الثلاث معابر والتي يبلغ طول أكبرها (12 متر)..
– إن العمل الذي يجري الآن لا يتناسب والوعود التي أطلقتها الولاية ويرددها بعض اعضاء اللجنة مبشرين المواطنين بهذه الوعود، حيث وعدت الولاية في لقاء تم في شهر مايو السابق، ضم الوالي، ولجنة من اعيان المنطقة
بقيادة رئيس لجنة الإسناد لاحقا، السيد احمد العمدة، حيث وعد الوالي أن تشمل عمليات إعادة التأهيل والصيانة، المسافة الرابطة بين المفازة والحواته (18 كيلو)، إلا أن هذا الوعد صار سرابا وكان نوعا من الإستهبال السياسي إذ تبين أن المسافة المتفق عليها، والتي يجري فيها العمل الآن، ثلاثة كيلومتر فقط (تمخض الجبل فولد فأرا)، وحتى العمل هذه المسافة المتواضعة والمسيئة شاب عقوداتها نوعا من التعتيم وعدم الشفافية، إذ لم يعلم احد من اللجنة او الجهاز التنفيذي بالمحلية، الشروط التي تم بها التعاقد، دع عنك الإطلاع عليها، اما الأدهى، فإن الشركة التي تعمل في في صيانة الردمية لم توقع على أي عقد، وبالتالي لا تستطيع اللجنة أن تبدئ اي ملاحظة إلا في إطار عام غير ملزم (لا تندهش القارئ الكريم هذه حقائق وليس إدعاءات). ليس أمام اللجنة الآن غير الإستجابة والإذعان للأمر الواقع وذلك بتحديد مناطق الهشاشة التي ظلت تتعرض للإنجراف بصورة متكررة بدقة، حتى يتم التوظيف الأمثل للمسافة المتعاقد عليها شفاهة، والبالغة [3000 متر] لتوزع على طول الردمية لترقيع مسافة (18 كيلومتر). الجدير بالذكر أن رئيس اللجنة بالإنابة الأستاذ احمد عوض أكد إهتمام الوالي وإنفعاله بقضية صيانة الردمية وإكمال المعابر، حيث أشاد بتعاونه مع اللجنة، مما يفتح بابا للأمل والثقة في تعاون الولاية من جديد في موضوع الطريق سيما الوالي شخصيا وهذا يتطلب سرعة لقاء الوالي فلربما تحمل الأيام القادمة راهنا جديدا.
– لا يمكن الإستفادة من العمل الذي تم في صيانة الردمية
بوضعه الراهن ما لم تتم صيانة كل المناطق التي يتكرر انجرافها وهذا يستلزم أن تقوم الولاية بواجبها كاملا تجاه مواطنيها في الإسراع بإكمال العمل. ما يؤسف له أن الولاية لا تعير هذا الأمر أدنى إهتمام، بل ظلت تستثمر في إستغفال وتضليل المواطنين، عبر إلهائهم بالوعود الكاذبة ذات النتائج الصفرية، وهذا ما كشفه العمل على الارض، حيث تعمل هيئة الطرق والجسور بالولاية في رصف مسافة 300 متر (فقط) (أي والله 300 متر فقط)، هيئة تمثل ولاية تعمل على رصف 300 متر فقط – هل هنالك غش وإستهبال وإستخفاف أكثر من هذا- مما يؤكد جليا ان ولاية القضارف غير مهتمة بمعاناة المواطنين بالحواته، ولا تولي أمر الطريق اي إهتمام حتى إن تسبب إنقطاعه في وفاة الحوامل والاطفال، أو زاد عناء الشيوخ والكبار، أو أدى لإنعدام المواد التموينية ومدخلات الانتاج، طالما ان نهج الولاية الذي تتعاطى به مع قضايا المنطقة يقوم على مفهوم المثل (كتير الفشفاش على أم الفضل تاكل وتزغرد).
– إذا إستمر العمل في صيانة الردمية بهذا الضعف، وألامبالاة التي تتعامل بها حكومة الولاية، سينقطع الطريق لا محالة، رغم الجهود التي تبزلها لجنة الاسناد، وستتكرر المعاناة، والمأساة، التي ارهقت المواطن لفترات سابقة متطاولة.
– بالرغم من المبادرات الشعبية التي تنطلق بين الحين والحين، والتي تجد كثير من الدعم والتقدير من المواطنين، لما تبزله من جهد في إستنفار المجتمع، وإستنهاض همته، والسعي لملاحقة المسؤولين، لكن يظل امر الطريق شأن ولائي تنصلت منه الولاية قصدا، وما يدلل على هذه الفرضية، إسقاط هذا الطريق من قائمة اولويات عمليات صيانة الطرق والردميات التي إنتظمت حاضرة الولاية، والمحليات المدللة والقريبة من حاضرة الولاية، وبهذا تكون قد أسقطت حق المواطن المغلوب على امره في محلية الرهد، إذ لا يعقل أن يكون نصيب محلية الرهد ثلاثة كيلومتر من هذا المولد (حسبنا الله ونعم الوكيل).
– إن إنتزاع الحقوق والمطالبة بالعدالة في التنمية المتوازنة يتطلب وحدة صف أصحاب المصلحة، وإظهار قوتهم بدرجة تمنع المستهترين من المسؤولين من التفكير في إغتصاب حقهم في التنمية، وتردع الطامعين في عدم الوفاء بها، وهذا يتطلب نبذ الخلاف، والحد من التشظي، وإستشعار قادة العمل السياسي والناشطين والفاعلين في المجتمع لمسؤولياتهم تجاه المواطنين، ومالم يتحد أصحاب المصلحة والمستفيدين فسوف لن ينالوا حقهم في التنمية، وسيظلون يرزحون تحت وطأة التهميش المتعمد، وهذا يحتم على الجميع تأجيل خلافاتهم السياسية، وترك التأفف والإستعلاء من المشاركة في المواعين التي تجمع ابناء المنطقة بمختلف مشاربهم بصورة لا تحتمل التنافي، كذلك يجب أن ينزع الجميع عن نهج “لنا الصدر دون الآخرين او القبر”، او نهج “يا فيها او نطفيها”، وأن يتركوا الانانية التي تدفع اصحابها للتفكير القاصر في إمكانية إحتكار المبادرات الساعية للمطالبة بالحقوق، وتجييرها لذواتهم او لمجموعاتهم، كذلك لابد من التنزه من الحماقة التي تخيل لاصحابها أن المشروعات التنموية لا تتحقق إلا عبرهم وهذا ما يجعلهم يرفضون العمل الجماعي مع الآخرين بتبريرات فطيرة تفتقر للمنطق والحجة بل تنزع للإقصاء والإستعلاء. ينبغي أن يضع الجميع يدهم في يد لجنة الاسناد، وان تتوحد جهود كل المخلصين للدفع بالعمل، فإن الحمل ثقيل، والعقبة كؤود تتطلب تضافر كل الجهود، فلن تستطيع هذه اللجنة أو غيرها من اللجان أن تكمل هذا العمل دون دعم حكومي، وسند شعبي عريض، في ظل الغياب التام للجهاز التنفيذي بالمحلية. وفي هذا الإطار يناشد مواطني المنطقة الإخوة في المبادرة التي عرفت بمبادرة الأخ محمد بله بالنهوض من جديد والتنسيق مع اللجنة القائمة، او العمل بشكل منفصل، طالما ان الهدف واحد، والمصلحة مشتركة، والمكاسب الشخصية منعدمة. تحتاج لجنة الإسناد لرفع إيقاع عملها الإداري، وذلك بتكثيف الإجتماعات، وتعزيز ملاحقة الجهات المسؤولة، كذلك لا بد لها من خلق أواصر للتواصل الدائم مع المواطنين بغرض إستنهاضهم وتنويرهم بما تم.
– آخر المداد نرصع به لوحة من الثناء وعقدا من الزمرجد نزين به جيد اللجنة الشعبية التي تصدت لهذا العمل في هذا الزمن الغابر وهي تضع لبنة في طريق طويل وشاق من المبادرات الشعبية، وترسي مبدأ لكيفية إنتزاع الحقوق وتحقيق حلم المواطنين في التنمية والرفاهية.

Krimhashimi5@gmail.co.
0912677147

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق