بقلم/ إسماعيل أحمد آدم:
يتسابق الكل نحو المصالح الصغيرة تاركين خلفهم مطالب الثورة ودماء الشهداء. للتذكير لولا انتفاضة الشعب لما كنت أنت هنا.
إذاً لولا الثورات المتراكمة على مر تاريخ النظام السابق وأخيراً انضمام الجيش لثورة ديسمبر المجيدة لكنا في نفس المربع نتقاسم هم الرفقة وعشم السلطة (نفاق سياسي).
ابتدر مقالي من بداية توقيع الوثيقة وانضمام الجبهة الثورية للسلطة.
بعد فض الاعتصام (حدث ما حدث)
وتم توقيع اتفاق الشراكة بين الحرية والتغيير والمجلس العسكري وشُكِّلت الحكومة بتوافق تام بين الشركاء وهم في (تناغم تام) كما كان يحلو لحمدوك.
تحركت عجلة الحكومة الانتقالية وتم توقيع اتفاق سلام جوبا الشريك الثالث، وفي أول موتمر صحفي للجبهة الثورية أكد الدكتور الهادي إدريس رئيس الجبهة الثورية – المنتهية ولايته شرعياً في قيادة الجبهة وحركة جيش تحرير السودان المجلس الانتقالي- مسؤوليتهم مع شركائهم عن تنفيذ الاتفاق وإدارة السودان. ونزل هذا التصريح برداً وسلاماً على الشعب السوداني الذي كان يتطلع للاستقرار.
تم تشكيل حكومة كفاءات وبعد دخول الجبهة الثورية للسلطة، ظهرت الحرية والتغيير على حقيقتها وطالبت بتغيير الحكومة بحكومة كفاءات حزبية وسرعان ما خرج حزب المعارضة من الحرية والتغيير، وليس غريباً أن يخرج الحزب (الشيوعي) من هذا التحالف لأنه يعمل فقط في المعارضة حتى ولو كان وحده.
عام كامل وهم في شد وجذب مع الحرية والتغيير داخل الاجتماعات واللجان المختلفة ولجان المقاومة المحزبة لتقسيم الثروة والسلطة ومقاعد المجلس التشريعي
(الكيكة).
ثورة ديسمبر تكالبت عليها متغيرات جديدة وحكومة جديدة ومعارضة جديدة وتمكين وإقصاء جديد.
ماذنبك أيها ياسوداني (الشعب الصامد)؟
تباين وإقصاء للآخرين وانفراد بالسلطة مع اقتراب نهاية فترة حكم العسكر تقديرات خاطئة ثم (أحلام ظلوط).
العسكر قالو كلمتهم: “غيرك كان أشطر”
تحدث د.الهادي إدريس، في تصريح صحفي عن تنفيذ ما نسبته 10% من الاتفاق، مؤكداً أنهم ماضون في تنفيذ الاتفاق رغم التحديات
إلا أنه سرعان “ما انكشف المغتي ستار”.
ساهم دكتور الهادي بشكل كبير في تقسيم الجبهة الثورية إلى جبهتين، الأولى تضم كل من الهادي والطاهر حجر ومالك عقار (كراع جوة وكراع برة)، والثانية تضم د. جبريل إبراهيم ومني أركو مناوي وشاكوش وأردول وتسمى بمعسكر (الموز).
من هنا (انبشقت) الجبهة الثورية بين الحرية والتغيير والعسكر، وهذا في تقديري سبب كاف لفشل اتفاق جوبا وعدم تنفيذ الوثيقة الدستورية وجعل الهوة أوسع بينهم والمكون العسكري والقوى السياسية.
على هذا الأساس تم قرار 25 الذي سماه د. الهادي إدريس بانقلاب ببيان من الأمين الإعلامي للحركة وسرعان ما غير الوصف بـ(تصحيح المسار) في مؤتمر صحفي آخر (صاحب المكنتين).
أما الحرية والتغيير قالت بإنه انقلاب، وقبله كان عضو السيادي – وقتها- محمد الفكي سليمان، قد قال مقولته الشهيرة (هبوا لحماية ثورتكم)، أما مناوي فقد وصف ماحدث في مؤتمر صحفي بأنه (فض شراكة).
في حالة إذا استولى بعض الأشخاص على حكومة منتخبة يسمى هذا انقلاباً.
كل المعطيات تؤكد أنه ليس انقلاب وإنما هو فض الشراكة (الفطامة من الرضاعة).
في تقديري ازدواجية المصلحة (تضيع الجمل بما حمل)
من جانب آخر، واجب السلطات ممثلة في مفوضية السلام، وموقفها من كل ذلك تسويات وقواسم مشتركة، هل الاتفاق محدد لقيادات وقبائل بعينها لماذا تركتهم للعبث بالمكتسبات والبروتوكولات والسلطة وإشباع رغباتهم الخاصة.
في تقديري مفوضية السلام مسؤولة وهي التي اخفقت وساهمت ودعمت تمكين القيادات فقط لمصلحتها ولمصحة أشخاص محدودين.
اتفاق سلام جوبا حق للشعب السوداني وهو (محدد المناطق) داخل الاتفاق، وإذا كانت المفوضية قد عملت على تطبيق نصوصه أو كانت لديها رسالة ورؤية في تنفيذ الاتفاق و تطبيقة لكان الوضع مختلفا وانعكس إيجاباً على استقرار المواطن وأمنه ولسادت العدالة والمساوة بين الناس في الثروة والسلطة، لقد ولى زمن الامتيازات التاريخية.
التباينات والاختلافات بين الأحزاب السياسية واضحة وهي التي رفضت السلام والحوار مع المعارضة المسلحة في أديس أبابا، ومن هنا الإشارة واضحة، والمجلس العسكري موقفه غير ذلك فقد اتجه وفتح حواراً مع الحركات المسلحة بجوبا، وقد قال الجنرال للحرية والتغيير: ”
لوماعايزين سلام الحركات المسلحة جاية بي الشارع امشو اتصدو ليها ما تخش الخرطوم”
تقدم المجلس العسكري وفتح الحوارات مع قيادات الجبهة الثورية حتى شعرت الحرية والتغيير بخطورة الاتفاق وما كان لديها خيار سوى الانضمام للحوار. وللتباينات الكثيرة حول الاتفاق تسلمت الحرية والتغيير ملف المفاوضات ووقعت الاتفاق مع الجبهة الثورية.
اذا من هنا نترحم على روح الشهيد الفريق جمال وزير الدفاع وفي ذلك الوقت كان قد أحرز تقدما في الترتيبات الأمنية وتم التوقيع عليه ولكن (الطمع ودر ما جمع).
بدأت الحرية والتغيير في تنفيذ أجندتها بشكل مرعب وشكلت حكومة من عضويتها لتضمن إدارة مصالحها مع شركائها (اتفاق تحت التربيزة) كحد أدنى متفق عليه مع تنفيذ برنامج تحالفات مع دول أجنبية عن طريق السفارات وتأمين قوة اقتصادية لحماية شركاتها من المحاسبة
وإشرافها على كل الملفات مثل، ملف لجنة إزالة التمكين، ولجنة التحقيق في فض الاعتصام وهذه من أهم الملفات التي لم نسمع عنها أي تقرير.
وفي تقديري أن المتحدث بإسم المجلس العسكري الفريق أول ركن شمس الدين كباشي عندما كشف لنا الاتقاق على فض الاعتصام مع الحرية والتغيير ومخرجات الاجتماع بفض الاعتصام وتشكيل لجنة لفض الاعتصام وبعدها (حدث ما حدث) كان شفافاً وأكثر وضوحاً.
أما لجنة فض الاعتصام (نبيل اديب) فهي إلى الآن صامتة صمت أهل القبور، البينة واضحة (التاتشرات) والمركبات تتبع للجيش والتوثيقات على وسائل الإعلام المختلفة وشهادة الجنرال،
إذاًمن هنا بدأت أكبر أكذوبة وخيانة للشعب السوداني من الأحزاب السياسية والحرية والتغيير.
ومن هنا نرى أنه لابد من الآتي:
إعادة هيكلة ومراجعة وطنية الأحزاب السياسية والأحزاب العقائدية.
دمج وتسريح كل الجيوش الموجودة داخل الجيش وإعادة تدريبها على مهامها حفظ الأرض والشعب دون انتماء لأي جهة سياسية فقط (جيش السودان).
فتح ومراجعة اتفاق سلام جوبا لمعالجة الأخطاء وإعادة صياغة الملفات وتصحيحها ويشمل ذلك كل قضايا المركز والهامش في الثروة والسلطة
واختيار كفاءات فنية وإدارية وخبرات وطنية لإدارة الحوار على أساس المواطنة المتساوية والإشراف على تفيذ الملفات على أرض الواقع نصاً وروحاً.
اتفاق جوبا حقق مصالح لكيانات محددة ومكاسب في الثروة والسلطة وهذا ويؤثر على المكونات الاجتماعية الأخرى وعليه لابد من فتح الاتفاق ومعالجة الاختلالات.
ولا بد من إشراك الحركات غير الموقعة في المرحلة المقبلة وإدخالها في مظلة السلام واستيعابها في أي عملية سياسية لإدارة الدولة.
في تقديري الجيش والأمن والدعم السريع هي مؤسسات يمكن أن تخضع للإدارة التنفيذية، وإذا وجدت حكومة وطنية خالصة بضغط من الشعب صاحب الكلمة الأولى والأخيرة ستنصرف هذه القوات لمهامها الحقيقية.
إذا رجعنا لكل الانقلابات السابقة نجد الانقلاب مخطط سياسي وتنفيذ عسكري بعد الانقلاب يكتشف الجيش خيانة السياسيين له وينقلب الجيش عليهم ويستولي على السلطة.
الوضع لايحتمل لا بد من وفاق سياسي جامع لأكبر مكونات الشعب السوداني، ومعالجة أخطاء الفترة السابقة الناتجة عن عدم الخبرة في إدارة الملفات، ولا بد من بناء علاقات خارجية وإبعاد كل من ليس لهم مؤهلات أكاديمية وفنية وأخلاقية في هذه البوابة المهمة التي لا تحتمل
(الخيانة)، خاصة وأن العلاقات والتحالفات الخارجية لها أبعاد أمنية اقتصادية سياسية.
إسماعيل أحمد آدم، عضو هيئة القيادة بحركة جيش تحرير السودان المجلس الانتقالي/ الإصلاح.