د. نور الدين بريمة:
إنّ عادة الطُّغاة في تاريخهم البعيد أو القريب، غالبًا لا يعترفون بزلّاتِهم أو فجُورِهم، ودومًا ما يهربون من تحمّل مسؤولياتهم، وترك أبواب المُحاسبة، مُواربةً على ما اقترفوه من آثام، ثم يطفقون في غيّهم وطغيانهم، ليبرّروا سلامتهم منها، ثم يحمّلوا أوزارهم إلى غيرهم، وإن أرادوا (الزَّوْغَانْ) والتكتيك للخروج من اللعبة، فيصرّون على الإلتفاف- مُراوغة ومُخادعة- كمُراوغة البُرهان و(زَوْغَانِه) من (خَوَازِيقه) الإنقلابية.
فمساء الإثنين الرّابع من يوليو الجاري، فاجأ رئيس المجلس الإنقلابي، عبد الفتاح البُرهان الأوساط الثوريّة والسياسيّة والمجتمعيّة في الداخل والخارج، بظهوره المُباغت، معلنًا فيه عن حُزمة من القرارات، أو بالأحرى سمّها (بالخَوَازِيقْ) إعتقد فيها أنها ربما تخفّف عليه وطأة الهُجوم، والرّفض الشعبي الكاسح لسوءاته الإنقلابيّة، وتُبقِي البساط تحت رجليه، إلا أن الخطاب أكد لشعبنا الثائر الصّامد، أن شوارع حريّته وسلامه وعدالته لن تخونه، إذا ما ظلّ مُؤمنًا ومُمْسكًا بجمْرِها.
إبتدر قائد الإنقلاب خطابه ولكأنّه الحريص على أمن وسلامة الوطن قائلًا: (البلاد تمرّ بأزمة تهدّد وحدتها وتماسك لُحمتها الوطنيّة)، دون أن يقرّ ويعترف بصناعتها، وتناسى (سعادته) قصدًا وعمْدًا أنه قد اكتسب (خَوازيقه) بيديه، وبمعاونة فصائله وشركائه في الإنقلاب، ليتنصّل عن مسؤولياته التي حمّلها إلى خصومه السيّاسيّين، بالإشارة إلى إختلافاتهم وتبايناتهم.
ليعلن عن قرار (إنسحاب المؤسسة العسكريّة من المفاوضات الجارية، برعاية الآلية الثلاثيّة- المكونة من الأمم المتحدة، والإتّحاد الأفريقي، والهيئة الحكوميّة للتنمية الأفريقيّة “إيغاد”)، مما يعني (زوغانه) من أخوان الرضاعة الذين كانوا يمنُّون النفس بجني ثمار الإنقلاب، وهذا يعني مواراة الثرى لحوارهم، الذي تمّ تجْميده بلا سقف ولا ميعاد، لأنه- لا يستقيم شرعًا ولا عقلًا- الجمع بين الأختين.
ووعد قائد الإنقلاب (حل مجلس السيادة.. بعد الإتفاق على تشكيل حكومة كفاءات)، بالطبع هذا هو لُبّ (الخَوَازِيقْ والزَّوْغَانَاتْ) وبيْت القصيد وأمنية الإنقلابي لأنّه إن كان أمينًا، فمن باب أولى وأجْدى وأنفع للثورة حل المجلس، دون رهْنه بتشكيل الحكومة، التي لن يكون البُرهان طرفًا في تشكيلها، سيّما وأن أساس الصّراع، بين مدرسته الإنقلابيّة، والمؤمنين بالدولة المدنيّة الدّيمقراطيّة.
نعم لاعتصامات المدن السودانية ونعم للعصيان المدني.