منوعات وفنون
النقيضـــان
السر الخزين:
1
حينما دلفت ليلا من زقاقي القديم والمطر ينهمر قفزت أمامي قطة تموء رغم زخات المطر توقفني صراخها الخافت وصراخ الهبوب تأملت الزقاق الضيق المتعرج لم أجد سوى عشرات القطط تموء أيقنت أن طارئ أقتحم زقاقنا القديم ورحت أعدو في المطر
2
قطة صغيرة تقطع في وجهي الطريق تقفز أمامي في فزع مريب رجعت ارتكزت أتأملها أرحت جسدي المنهك فوق حافة جدار مهترئ مشبع بماء المطر وجدتني لصيقا بها كان البرق بالكاد يخطف الأبصار ورعد يزمجر انقطع الناس تحت السماء ماعدا انا وقطط كثيرة تموء وواحدة في حالة فزع وصراخ حبست أنفاسي كانت تموء بصوت خافت متقطع تدنو مني وفي لحظة أحكمت عليها قبضتي رحت أطوقها بكلتا يديّ في منطقة الخاصرة تأملتها من قمة رأسها حتى اسفل كفلها ثم وجهها المبلل بماء المطر
3
قطة لا تختلف عن سائر ربعها عدا موائها الخافت المتصل عاينتها تحت وهج البرق أنثى يغطي جسدها النحيل فرو أبيض أملس تتخلله بقع سوداء اختلطت بطين المطر وبياض جسدها المتسخ
4
أحسست بوجع نفسي حررتها من قبضتي أمسكتها برفق تحت الصقيع البارد حملتها بين أصابع مرتعشة ثم تفرستها للمرة العاشرة كانت عمياء كفيفة البصر
5
تقاسمنا بيتنا الصفيح لكن شئ ما ظل يقلق راحتي أنها لا تبصر..!
6
حينما شكوت أمرها إلى شيخ القرية الضرير قال لا تتركها.
7
دخلت مساء يوم موغل الظلام بيتنا الصفيح كانت وفأر سمين يتسامران الفأر لم يبرح عند اقتحامي خلوته المشبوهة ظل مكانه بجوارها يتسامران تقدمت خطوة ثم اثنان ثم ثلاث (طنشاني) دلفت غرفتي منهكا مذهولا (فأر سمين وقطة نحيلة) تخلصت من ثيابي الثقيلة وعدت إليهما مازالا يتسامران يتناجيان جلست بينهما مذهولا أرتعش بردا الفأر ظل مكانه باردا يلتهم ثوما طازجا غصت أتأملهما مازالا يتناجيان.
8
ضاق صدري فهذا المقتحم لا يستحي دارت بي الشكوك ثم كيف بالسافل مغازلة قطة صغيرة بائسة كفيفة البصر (فار دمي وغلا) استغفرت ربي.
9
مازالا .. يتسامران .. يتناجيان
10
أيقنت أنهما يتسامران يتغازلان الغضب بلغ قصبة حلقومي أيتعاشقان في عقر داري دار رأسي أمامي
11
دنوت منهما مازالا يتسامران الليل يمضي وانا متيبس بين الصقيع وحيرتي وصمتي.
تحت ضوء قمر يضاجع سحاب يغسل وجه بيتنا الصفيح ازدادت حيرتي اأقتلهما بجرم مشهود أم اصبر وأتغاضى.
12
اقتربت من الفأر السمين لم يعرني اهتماما لم يتحرك أشطط غضبي دنوت أكثر أمسكت به بعنف لم يقاوم ظل يلتهمي مبتسما بعينين واسعتين مكحلتين من الرمش إلى الرمش صدمني قررت أن أكتم أنفاسه وأقذف به في أتون العتمة لولا أنني نظرت قطتي البائسة تلامستي تلاطفني تدور حولي ثم تجلس تحت قدمي تنظر لي بعينين منطفئتين وابتسامة خجولة أيقنت أن (الطرف قد قال مرحبا) تراجعت وأطلقته لكنه ظل مكانه
13
التقطته من جديد نظرت في وجهه متمعنا تأملته أكثر ثم عينيه المكحلتين لم يبرح كانتا بلا بريق أمعنت النظر ثانية كان كفيفا لا يبصر..!
14
أخذتهما إلى ركن قصي في بيتنا الصفيح أشعلت شمعتين وزوجتهما تحت ضوء القمر.
15
عند الغسق المطر ينهمر وفي أتون الزقاق قطط تموء تحت رذاذ المطر.
(السالفة انتهت).