سياحة وآثار وتراث

مسجد أم درمان يضع السلطة في واجب المسؤولية

بقلم- علي يوسف:

جامع أم درمان العتيق الذي جاء ميلاده عام 1901م كمنارة دينية سامقة في إقامة الصلوات وتعاليم الإسلام السمحة بقيادة الخطيب عمر أحمد مكي الشهير بعمر الإمام، صار اليوم يعيش أوضاعاً بالغة السوء حيث يذبل رونقه وتتعثر خطواته وتتخطفه عاديات الزمن العسير.
مسجد أم درمان العتيق الذي تحفه البقعة بكل رونقها وتاريخها ظل صامدا وقويا في رسالته الدينية منذ أن كان مبنيا من الشكاب والقش في عام1902م مرورا باحتضانه للمعهد العلمي الذي أسسه عدد من العلماء على راسهم كبير العلماء ابوالقاسم هاشم، مروراً بتخريجه طلاب شهادة العالمية بنظام الأزهر الشريف.

هذا الجامع لم يجد الدعم والتقدير في ذلك الظرف الزمني بل تواصلت رسالته القيمة من خلال أسرة عمر الإمام في زهو وكبرياء في سبيل نصرة الدين وهم عوض عمر الإمام وإخوته عبدالقادر وصديق وأحمد عمر الإمام.

على الصعيد العام قاد هذا الجامع الكبير أوائل المواكب التي هبت ضد المستعمر والتي التحم معها الزعيم الأزهري حتى اعتقل بعض طلابه والأخوين التاج وحامد عمرالإمام.
الآن تتفاقم إشكالية مسجد أم درمان العتيق من جديد كأنها رياح عاتية وغضبة بركانية لاتبقي ولاتذر فقد أُعيد بناء الجامع عام 2002م بعد أن تهدم من جدرانه 1998م.

فقدت أخذت شوكة الجامع تضعف وبدأ يفقد ثقله الديني حيث لم تعد الـ  30 عقاراً التي يمتلكها بمثابة وقف تلعب دورها المطلوب في توفير المهام والمسؤوليات الكثيرة التي يضطلع بها سيما أن بعضها مابين الخرطوم وأم درمان، فالواضح أن لجنة المسجد التي تقوم بالعمل الإداري بالتنسيق مع وزارة الأوقاف ومحلية أم درمان عاجزة تماما عن الاضطلاع بمهام الصيانة والتجديد والنظافة في ظل مطلوبات الإيجار الضعيفة.

فلجنة المسجد تقوم بمجهودات كبيرة من أجل استمرار المسجد في أداء مهامه العظيمة رغم عدم تعاون الأوقاف معها وهي الجهة المسؤولة عن إيجار العقارات والاستماع لوجهة نظر اللجنة في ذلك إلا أن اللجنة ظلت تتواصل مع الخيرين وأهل البر والإحسان في كثير من الأحيان لإكمال كل ماينقص المسجد أو يحتاج لصيانة.
من الواضح أن مسجد أم درمان العتيق الذي ظل يستقبل العلماء من مصر والمغرب والجزائر وتركيا وغيرها في أوضاع لايحسد عليها وأصبح دوره التاريخي في الإطار الدعوي مهددا بالتراجع والانحسار فالمسجد الأمدرماني العتيق يمثل درة المدينة العريقة لاتغيب دروسه الدينية القيمة ولاينطفئ نوره الوضاح فقد جاءت سانحة احتكام الدولة ممثلة في وزارة الأوقاف ومحلية أم درمان إلى واجبات المسؤولية فالسلطة التي لا تقدر الدور المتعاظم لمسجد أم درمان العتيق حريا بها الذهاب من صولجانها إلى غير رجعة مصحوبة باللعنة والغضب الإلهي.
مسجد أم درمان سيبقى امتحانا عسيرا لقدرة أهل الحكم في إظهار نقاء ضمائرهم وعلو كعبهم أو الذهاب إلى عالم الظلام.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق