الجيش أعلن مرارا خروجه من العملية السياسية فكيف أصبح طرفاً في اتفاق إطاري؟
لماذا عشرة أيام للتوقيع وهناك اتفاق تم الإعلان عنه؟
العديد من المراقبين السياسين لم يتبينوا محتوى الرسالة التي هدف المؤتمر الاعلان عنها
المؤتمر يتسابق مع إرهاصات أخرى مضادة لعل أبرزها بروز اختلافات فى الآلية الرباعية
محمد وداعة:
تابعت المؤتمر الصحفي للحرية والتغيير (مجموعة المركزي)، ومع الأسف ذُهلت للطريقة التي تم بها ترتيب المؤتمر الصحفي وبغض الطرف عن الجوانب الإجرائية والشكلية التي صاحبت انعقاد المؤتمر، فإن العديد من المراقبين السياسيين لم يتبينوا محتوى الرسالة التي هدف المؤتمر للإعلان عنها، فبينما تحدث البعض عن توقيع اتفاق إطاري، تحدث البعض عن السعي للوصول لاتفاق إطاري، وتباينت إفادات المتحدثين عن المقصود بالعدالة الانتقالية، وإقحام مصطلح (أصحاب المصلحة) واعتبار أسر الشهداء والجرحى والمفقودين من أصحاب المصلحة، وأن تحقيق العدالة للضحايا يتطلب عقد مؤتمر للنظر في ذلك دون الإشارة إلى مصير لجان التحقيق القائمة وبالذات لجنة التحقيق فى أحداث فض الاعتصام.
وللوهلة الأولى ربما قصدت مجموعة المركزي تسيس موضوع العدالة وإغراقه فى تفاصيل التسوية، بينما لم يطلب ذوي (الضحايا)، وهو أيضاً مصطلح يتم تداوله بما يقصد به أسر الشهداء والمفقودين، لا شك أن تحقيق العدالة للشهداء و(الضحايا) كما ورد في المؤتمر الصحفي ، هو أمر يتعلق بالحق الخاص لأولياء الدم، وهو الأساس لتحقيق العدالة بواسطة القضاء، وحسب تسريبات ذات المصداقية فإن (التفاهمات) المزعومة تقتضي أولاً وضع اتفاق إطاري يتطلب التفاوض على تفاصيله، وهذا هو مربط الفرس، وهو ما سيتقرر أما بالضغوط أو الأجواء العامة بعد أن يتورط الجميع، خاصة وأن النقاط التي تم (التفاهم) حولها، لم تكن أصلاً محل اختلاف بين جميع الفرقاء، سواء كان ذلك بين مجموعة المركزي والجيش الذي تحول من (الإنقلابيين) إلى المكون العسكري)، أو بين المركزي والكتلة الديمقراطية، أو أية مجموعة أخرى.
في تقديري فإن المؤتمر أقيم على عجل، يتجلى ذلك فى تكرار الحديث واضطراب الإجابات واختلافها، كما لم تحضره قوى رئيسية في مجموعة المركزي، وجاء مرتجلاً في قضية مهمة، وبدا وكأنه في تسابق مع إرهاصات أخرى مضادة، لعل أبرزها بروز اختلافات في الآلية الرباعية، أو تباينات في الثلاثية، وما رشح من اختلافات (أمريكية – سعودية) بشأن دور المملكة في التأثير على الانتخابات النصفية الأمريكية ربما شيعت الرباعية إلى مثواها الأخير، وبالتأكيد ضغوطات من قوى مؤثرة رافضة للتسوية بالشكل المطروح، سارعت مجموعة المركزي لإعلان الوصول لاتفاق إطاري لتؤكد أن الاتفاق ثنائي، ولا يسعفها في ذلك قولها إنها لن توقع الاتفاق إلا بعد الاتفاق مع بقية القوى السياسية حسبما صنفتها وهذا الشرط ينفي وجود اتفاق لارتباط التوقيع بقوى أخرى لا يعرف موقف بعضها ويعرف موقف البعض الآخر.
تصريحات الطرف الثاني في الاتفاق الإطاري المزعوم، نفت وجود اتفاق، وقالت بوجود تفاهمات، ويؤكد ذلك إجابة الأستاذ ياسر عرمان، بأن توقيع الاتفاق الإطاري يحتاج عشرة أيام، والوصول للاتفاق النهائي شهراً أو أكثر، فلماذا عشرة أيام وهناك اتفاق تم الإعلان عنه، خاصة وأن الترتيبات كانت قد اكتملت للتوقيع عليه بتاريخ 15/11/2022م بمدينة الطائف السعودية ، وعليه فإن مجموعة المركزي بحديثها في المؤتمر الصحفي قد جنت على نفسها ، وأعلنت عن عموميات لا يمكن تسميتها اتفاقا، وكرست لحالة الانقسام السياسي وقننت للإقصاء و الانفراد بالرأي فى رسم مستقبل غامض للعملية السياسية.
ولا شك أنها واهمة في قدرتها على تسويق مثل هذا الاتفاق ، وإقناع أية جهة خارج المركزي بجدواه.
ولن تجدي الدعوات للقوى الأخرى للانضمام لهذا الاتفاق لأنه غير واضح كيف سيتم ملء الإطار؟ هذا اتفاق ثنائي ولا شك.
نواصل…