تاج السر محمد حامد:
كتب أحد السفراء المقال أدناه تعقيبا لموضوع اغتيال الدبلوماسية وتعيينات الترضية بعد أن غمس ريشته فى محبرته المملؤة بدموعه وهو يتذكر الدبلوماسيين المهنيين الذين أزيحوا بتعسف غشيم ليحل محلهم اخرون .. عجبى .. واليكم المقال :-
قرأت بإعجاب ما خطه الصحافى تاج السر محمد حامد، محذرا من اغتيال الدبلوماسية.. ومناديا بالابتعاد من تعيينات الترضية ؛ دمعت عيناى وأنا اتذكر العشرات من الدبلوماسيين المهنيين..ضاعت سنوات خدمتهم..وازيحوا بتعسف غشيم…ليحل محلهم اخرون لترضيات حزبية أو على اسس محسوبية تحت شعار (نوديك فى حتة ترتاح فيها وتنغنغ-!!!)…وبمثل هذه القناعات تصبح المهنة الدبلوماسية هى الاكثر عرضة لتغولات فطيرة :، تسهم فى تعميق جراح الوطن..الذى يعانى ترهل وتشظ فى مؤسساته المركزية…..الراحل (عمر قرنى ) نموذج و مثال لما تتعرض له المهنة الدبلوماسية من اغتيال. جاء سعيدا الى البيت التى احب بعد انتفاضة ابريل ١٩٨٥، و بعد الفترة القلقة التى عاشتها البلاد تحت مسمى فترة الديمقراطية الثالثة؛ جاء نظام الانقاذ؛ وبذكاء لا يخلو من خبث تولى الراحل على سحلول سدة وزارة الخارجية ؛ وحين بدأت معاول الهدم والتبديل فى الجسم الدبلوماسى ،بدأ الراحل سحلول متحيرا بين مايود انجازه من ابعاد . (انتهى) .
وهذا ما جعلنى أعيد نشر هذا المقال مرة ثانية لكى يستوعب هذا الجيل الذى يفتقر للدبلوماسية هذا النوع من النماذج .. عندما كان مبارك زروق أول وزير خارجية للسودان وقف أمام البرلمان وقدم بيانا عن إنشاء الوزارة الحديثه التى فرضتها مسؤوليات السيادة واعباؤها .. مشيرا إلى أنه فى المرحلة الاولى يتم إختيار الدبلوماسيين لاعتبارات عديده تبدأ بالمظهر العام ثم الاهليه والخبرة والمعرفة العامة فأين نحن من كل ذلك سؤال يفرض نفسه ؟ ويحتاج للإجابة .
اما المرحلة الثانية تبدأ بتكوين لجنة من الخارجية والخدمة العامة والجامعة وطبيب ( علم نفس) لإجراء المعاينة للناجحين فى الإمتحان الخاص بالإلتحاق بالخارجية .. وسوف يكون هؤلاء هم الكوادر الدبلوماسية الحديثة للوزارة الفتية لأنهم أرادوا الإستوثاق والدقة فى إختيار من يمثلون السودان ويتحدثون بإسمه فى الخارج .. ويريدون ان تكون وزارة السيادة عنوانا للمقدرة السودانية وكفاءاتها .. ذلك مانرجو الإصرار عليه من الحكومة الإنتقالية علما بأن السودان يملك رصيدا رائعا من التجربة والخبرة الدبلوماسية .. فهل هناك أذن صاغية ! .
ولابد لنا وفى هذه المساحة ان نتذكر محمد أحمد المحجوب الذى وقف مساندا بإسم السودان لنضال الشعوب فى كل بلد فى الحرية والسيادة .. وتبنى ثورة الجزائر فى الكفاح وأصبح الناطق الرسمى بإسم الوفود العربية .. والقى خطابه التاريخى مستخدما لغة القانون الدولى بإدانته دول العدوان الثلاثى .. فلم يكن يتصور وقتها ان هذا العملاق الأسمر بمقدوره ان يشد وفود الأمم المتحده إليه ويقنعها بالمنطق والدبلوماسية .. والتى نفتقدها اليوم !.
فالتفاليد والقيم السودانية تكاد تكون الدبلوماسية بعينها ولذلك أحسنوا التصرف وأتخاذ الموقف الصحيح دون عناء ودون وضع تقارير أو مذكرات أو تقديرات مسبقة .. فالتقاليد السودانية فى ذاك الزمن جعلت المسؤولين يحسنون التصرف عند كل موقف واستخدام الصيغة التلقائية والصحيحة سواء كانوا على مستوى وزراء أو سفراء او حتى نواب قناصل .. ليتهم الأن يتعلمون هذا النوع من النماذج ويستفيدوا من إيحاءاتها ويتصرفوا على ضوئها على أساس ان العمل الدبلوماسى أحد اساسياته ( الكبرياء الوطنى) الذى لا يقبل تسامحا ولا إسترخاء .. وكفى .