محمد وداعة:
التسوية تحرك الساكن و تثير غضب الشارع
التسوية لن تحل الأزمة السياسية وربما تكون هدنة ستنتهي بانقلاب آخر
انقسام مجموعة المركزي تجاه التسوية الجارية
تجديد عضوية السودان بمجلس حقوق الإنسان يغير المعادلة
الإعلان السياسي للتوافق الوطني والمبادرة السودانية يربك الحسابات
تحول ملموس فى منهج الثلاثية والرباعية تجاه حل الأزمة السودانية
لم أتوقع أن يثير مقال الأمس (التسوية الجارية.. على نار هادئة)، ما أثاره من ردود فعل عنيفة فى الأوساط السياسية، وحتى بين المهتمين بالشأن السوداني داخل وخارج السودان، ومن جهات أجنبية منخرطة في التسوية.
وفعل المقال فعله فى مجموعة المركزى فانقسمت (أربعة طويلة) إلى إثنين مع خط التسوية وإثنين رافضين لها، وهذا وفقاً لتصريحات مثلت المجموعتين، وهذا الانقسام له ما بعده لجهة تفكك مجموعة المجلس المركزي.
أما الجنرال الكبير فقد بدا متردداً حيال الاستمرار في التسوية، وذلك بعد أن أبدت جهات في الرباعية وجهة نظر جديدة حول مسار التسوية، بقولها إن مجموعة المجلس المركزي لوحدها لا تكفي لإجراء تسوية، لا سيما وأن رؤية المجموعات الأجنبية من السفراء والدبلوماسيين، تراجعت في التعويل على الحل الثنائي بعد أن تلقوا توجيهات جديدة بشأن مساهمتهم فى حل الأزمة السودانية، ولعل فى مقدمتها أن تتسم حركتهم بالحيادية وعدم خسارة أي طرف بما في ذلك توقعاتهم لنتائج الانتخابات وما سيتمخض عنها من واقع جديد كلياً.
تأكيدات لهذه الوجهة الجديدة ربما تمثلت في تمرير تجديد عضوية السودان بمجلس حقوق الإنسان، وهو موقف تعذر على الكثيرين فهمه تأسيساً لعدم إدراكهم للأسباب الحقيقية وراء رغبة ممثلي هذه الدول في التدخل في الأزمة السودانية، والذي يتمثل في الحفاظ على مصالحهم، دون الإلتفات إلى مصالح بلادنا.
إذاً هناك تغيير ملموس في موقف الأطراف الدولية، سواء كان ذلك فى الرباعية التي أبدت أطرافاَ فيها تردداً بعد أن لمست استحالة تمرير مشروعها عبر الثلاثية، وبالتحديد هناك تغيير كبير في منهج الثلاثية التي استأنفت نشاطها ومحاولتها جمع الفرقاء على طاولة الحوار، وإصرار أطراف فيها على دورهم وعدم السماح باختطافه.
بلا شك كان للمؤتمر الصحفي الذي تم فيه توقيع الإعلان المشترك بين قوى الحرية والتغيير- التوافق الوطني ، والمبادرة السودانية للترتيبات الدستورية، كان له عظيم الأثر، أولاً لأنها المرة الأولى التي تجتمع فيها كتلتين كبيرتين على رؤية سياسية لحل الأزمة، لا سيما أن قوى الإعلان السياسيى تعكف على تعديل الوثيقة الدستورية لسنة 2019م تعديل 2020م، وربما كشفت عن هذه التعديلات مطلع الأسبوع القادم.
هذا في نظر كثير من المحللين يمثل خطوة إيجابية لجهة بناء الكتلة المدنية دون إقصاء، وهذه الكتلة الجديدة تمثل القسم الأكبر من أطراف السلام وعدد من قوى إعلان الحرية والتغيير ( الوطني الاتحادي، البعث السوداني والجمهوري)، بالإضافة إلى وزن الاتحادي الأصل ودوره المنتظر في أي عملية سياسية قادمة، بالإضافة إلى قوى وطنية أخرى، خاصة وأن كتلة الإعلان السياسي أكدت انفتاحها على الأطراف الأخرى، و تجري اتصالات مع قوى مؤثرة من مجموعة المركزي لتوسيع الكتلة المدنية بحيث تعدل الوثيقة الدستورية بإرادة أكبر كتلة ممكنة.
يخطئ من يظنون بجدوى أي حل ثنائي يعيد الأمور إلى ما قبل انقلاب 25 أكتوبر، وهناك اعتقاد وسط محللين مرموقين أن هذا إن حدث سيزيد من الأطراف المعارضة أصلا للعملية السياسية حتى من قبل 25 أكتوبر، و يذهب هؤلاء إلى أن عودة الحرية التغيير مجموعة المركزي كطرف أساسي لوحدها أصبح بعيد المنال، لا سيما أن التسوية ستثير غضب الشارع خاصة في وجود فاعلين رئيسيين رافضين لها، بالرغم من أنها ستجد مباركة دولية محدودة إلا أنها لن تحل الأزمة السياسية، وربما تكون هدنة ستنتهي بانقلاب آخر، والله أعلم.