مقالات

كلاب القرى و”قات” اليمن

ثم لا

الجميل الفاضل:

كلاب القرى تعدو تنهب الأرض وراء كل سيارة عابرة، بيد أن هذه الكلاب اللاهثة بحكم العادة لا تعرف ما الذي يمكن أن تفعله بالضبط لو أنها أمسكت بسيارتها الطريدة بعد كل هذا الجهد الجهيد من الركض والنباح.

إن هذه الصورة، صورة كلاب القرية التي تطارد السيارات بلا جدوى ودون كلل أو ملل،ظلت تقفز إلى ذهني باستمرار كلما رأيت أو سمعت عنصرا من عناصر نظام الإنقاذ الإخواني يتحدث بيقين زائف وثقة كذوب عن هزيمة الثورة (المصنوعة) التي ظلوا يجادلون أن مدير المخابرات السابق (صلاح قوش) قد صنعها على عينه، أو انها مجرد (حالة استثنائية) في طريقها لأن تزول وفق تقدير عراب (٢٥ أكتوبر ) علي كرتي، أمين الحركة الإسلامية الجديد.

هذه الحركة التي برأت في اجتماع بمنطقة العليفون في آخر نسخ (عيلفونياتها) المتكررة والمعتادة، (قوش) نفسه من تهمة الضلوع في عزل عمر البشير، وقصة الشارع الواحد الذي فتحه فأطاح بنظام ما كان ينبغي أن يسلم حكم البلاد إلا لنبي مرسل هو (عيسى عليه السلام)، كما كان يزعم في وقت سابق بعض قادة هذه الحركة.

ولعل آخر تجليات هذه الحالة قد تبدت بخروج نقابة للصحفيين من رحم ثورة تحمل روحها ومزاجها ليفتري هؤلاء كالعهد بهم دائما، أن هذه النقابة قد ولدت على يد جنرال من قادة الانقلاب، أو بتمويل منه على الأقل وفق ما يري رئيس اتحاد الصحفيين المحلول والمنتهية ولايته بموجب القانون الذي جاء به أصلا.

إن حال هؤلاء الرجال، مثير للرثاء بل وللشفقة أيضا.

رجال لا زالوا يختانون أنفسهم، يُخاتلونها بخزعبلات ما أنزل الله بها من سلطان، لا يصدقها في النهاية حتى عقل طفل غرير.
إن من آيات هذا الزمان وجود هذا النوع من الناس الذين لا زالوا يراوحون مكانهم، بين مرارة هذا الواقع الذي صنعوه بأيديهم وحلاوة ذلك الوهم الذي باتوا يلوكونه صبح مساء، كـ(قات) أهل اليمن.

أناس لا يرغبون في تصديق حقيقة بسيطة تقول: إن التاريخ لو أنه أنحاك جانبا، أو أعادتك أقداره إلى الوراء قليلاً أو كثيراً فإن نباح قوافله ومطاردتها لن يعيدك إلى حيث كنت في الأمام والصدارة والمقدمة، تحتكر كل شيء ولا تدع شيئا لثلاثة عقود كاملة.

فالتاريخ لا يعيد نفسه، سوى في صورة ملهاة أو هيئة مأساة كالتي صارت اليها البلاد، بمكر من (الأخوان) بعد انقلاب البرهان.

لام.. ألف
“سيعتقل البرهان وحميدتي، مئات المدنيين في نصف ساعة، وسيخوضون في كثير من الدماء، لكنهما لن يسوقا الشعب أبدا للاستسلام، وطال الزمن أو قصر، سيدفعان أثمان الانقلاب على أحلام السودانيين، في وطن حر، مزدهر وآمن ومسالم. ليست هذه توهمات (ملكية ساكت) وإنما خلاصة التاريخ، فما من شخص أو نظام خاصم الحرية إلا وقصمت ظهره”.
الحاج ورّاق
قبل شهر من الانقلاب.

حالتي
أشهد الا انتماء الآن
إلا أنني في الآن لا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق