مقالات
الدولة العبرية.. هل تشكل حاضنة إقليمية للبرهان؟
عبدالله رزق أبوسيمازة:
اللحظات الأخيرة، لحظات ما قبل الاتفاق النهائي للعملية السياسية التي “تديرها” الثلاثية و”تباركها” الرباعية، و”يمتلكها” الشعب السوداني، والهادفة لإعادة تشكيل السودان سياسيا، تشهد جهودا حثيثة ، على خطوط متوازية لإلحاق ما تبقى من مكونات محلية وإقليمية فاعلة واستيعابها في الإطار.
فقد نجح وزير الخارجية الأمريكي ، انطوني بلينكن، أثناء زيارة له للقاهرة، منتصف هذا الأسبوع في اقناع مصر بالعمل والتعاون مع الولايات المتحدة لدعم الانتقال في السودان عبر الاتفاق الإطاري، فيما كان الفريق محمد حمدان دقلو، نائب رئيس مجلس السيادة الانقلابي، يتوسط بنجاح هو الآخر، في إحداث توافق مع كل جبريل إبراهيم ومني اركو مناوي، بنسبة 95% حسب وسائل الإعلام، بما يضعهما على عتبة التوقيع على “الإطاري ” في وقت بدأت فيه بالفعل بالعاصمة المصرية القاهرة ورشة “الحوار السوداني-السوداني”دون مشاركة الطرف الآخر الرئيس في ذلك الحوار المقترح من مصر، في وقت سابق، كبديل للاتفاق الإطاري، ما يعني فشل المبادرة في مهدها.
وكانت مساعدة وزير الخارجية الامريكية، مولي لي، قد صرحت في وقت سابق مؤكدة رهان بلادها التي تقف خلف العملية السياسية، على حد قولها على نجاحها، من ناحية، وعلى خسران الممانعين والمعارضين لرهانهم من الناحية الأخرى.
يمكن التقرير بأن ذروة نجاح هذه ” العملية السياسية” من وجهة النظر الأمريكية ، يكمن في تكوين حكومة مدنية، تتوفر على حد أدنى من القبول الشعبي، وحد أدنى من القدرة على السيطرة على الوضع الداخلي، غض النظر عن ديموقراطية تكوينها أو توجهها، وضمان عدم وقوع السودان في شراك روسيا، أو تحوله لمركز من مراكز الإرهاب العالمي، غير أن زيارة وزير الخارجية للدولة العبرية، الخميس للخرطوم، ولقاءه بالفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانقلابي، قد تضيف منظورا جديدا لرؤية تطور السودان خلال المرحلة الانتقالية، على الأقل كبلد صديق للدولة العبرية.
فالزيارة المباغتة التي تعيد التذكير بانفراد البرهان، بالتقرير في القضايا المصيرية للبلاد دون تفويض تعني حسب توقيتها، دخول لاعب إقليمي كبير ومتنفذ للملعب في “شوط المدربين” كما يقول أهل الرياضة، من أجل إحداث تغيير ملموس في مجرى اللعبة الدولية، لعبة الأمم في سودان 2023، بما يتلاءم مع مصالحه، وربما لم تكن الدولة العبرية بعيدة عما يجري في السودان، خلال السنوات الأربع الماضية – على الأقل- إن لم تكن الشريك الخفي في العديد من المشروعات الرامية لإعادة صياغة أقدار السودان وفق مشيئة الأطراف الفاعلة إقليميا ودوليا، وآخرها مشروع التسوية الجارية باسم العملية السياسية.
ويمكن النظر لزيارة ايلي كوهين، وزير خارجية الدولة العبرية، والتي تتوج عددا كبيرا من اللقاءات السرية والعلنية، منذ لقاء (البرهان-نتنياهو) ،بمثابة إعلان عن كسب البرهان لحاضنة إقليمية تسند وجوده في هيكل السلطة الانتقالية، وتنفذه داخلها، في وقت يعرى فيه الانقلاب وسلطة الأمر الواقع التي تجسده، من أي شرعية أو قبول شعبي مثلما يضمن هو من جهته ويدعم مصلحتها في استمرار حالة التطبيع واستدامتها وتطورها، غض النظر عما ستؤول اليه العملية السياسية في نهاية المطاف.