إخلاص نمر:
رئيس الحكومة الانقلابية، عبد الفتاح البرهان، ومن مايكروفون منصة استقباله، أعلن الغاء محمية جبل الحسانية، وكأنه قد تم انشاؤها بقرار منه، مثل قراراته التي يدفع بها اليوم، و يلغيها بعد أسبوع.
من المنصة بدأ في الحديث (حاجة مادايرنها مابنسويها ونحنا جينا نعالج ونحل مشاكل الناس، وحاجة مامرضية الناس مابنسويها).
نسي رئيس الحكومة الانقلابية، انه فعل الكثير الذي لم ينل رضاء الشعب السوداني، قتل الثوار بالرصاص ولاحقهم في منازلهم بذات الطلقات، وتسلق أمنه حوائط المنازل ودخل للنساء في غرفهن، رفض الشعب الأبي، ونبذ هذه التصرفات واستهجنها. ونادى برحيل العسكر والجنجويد، فهل استجاب البرهان لنداء الشعب والكنداكات والاطفال والثوار ؟؟ وقال مثلما قال في نهر النيل (حاجه مادايرنها مابنسويها ؟؟؟) ومازالت الحكومة الانقلابية تطلق رصاصها وتزيح الثوار من طريقها، بيدها اليمنى الاوبلن وفي يدها اليسرى أوراق الاطاري.
ليس لرئيس الحكومة الانقلابية، الحق في إلغاء المحمية، فهذا تغول على الحياة البرية في السودان، ما يجعلها عرضة لقرارات أخرى ارتجالية ،عند استقبال هذا الحاكم أو الوزير،، فالحياة البرية ومحميات الوطن، تخضع لقوانين معروفة، تستمدها من كل البروتوكولات والمواثيق والمعاهدات الدولية التي صادق عليها السودان، ومهرها بتوقيعه، لحماية كل أصناف وأشكال الحياة البرية، وتنوعها الحيوي لكن رئيس الحكومة الانقلابية، يجهل ذلك، كما وأنه لم يمنح نفسه فرصة الاستعانة والرجوع لخبراء ونشطاء البيئة ومدراء الحياة البرية، والاكاديميين واساتذة الجامعات أصحاب التخصص في هذا المجال، والمجلس الأعلى للبيئة والموارد الطبيعية للإطلاع على القوانين الخاصة بالحياة البرية والمحميات، والتي تورد شرحها بالتفصيل عن كل مايهم المحمية، وأراضيها وسكانها وحيواناتها والمجتمع حولها وجودها كمحمية قومية في قلب المعاهدات الدولية، فرئيس الحكومة الانقلابية في نهر النيل (شالتو الهاشمية) واصدر قراره (الهوائي).
الهدف من انشاء المحميات معروف، فهي تحد من تدهور الموائل الطبيعية، وتعمل على تحسين البيئة، وحماية التنوع البيولوجي ،مايعني انها تلعب دورا في النظام البيئي، فهي وسيله للحد من التصحر، الذي أصبح يهدد كوكبنا، كما انها تروج للسياحه البيئية التي تدعم اقتصاد الوطن ،من خلال زيادة ايرادته ،بجانب ذلك فهي فرصة لتوظيف المجتمع المحلي حولها ، في الإرشاد السياحي، وتخصص البعض في التربة والنبات والحيوان ، و بالطبع فإن المحمية تشكل رابطا اجتماعيا يعمل المجتمع من خلاله على المحافظة على التراث الشعبي القيم للسكان ، وهي ميدان واسع للعلم والتعلم، يؤمها الطلاب والباحثين، وبتسجيلها في التراث العالمي ،فإن ذلك يزيد من قيمتها القوميه والماديه، الأمر الذي يوفر الدعم الممكن للمنطقة.
يملؤني الخوف من ان (يجرجر) قرار الالغاء، هذه المحمية الي مصير قاتم، لتصبح لنا (ردوم) أخرى ،ويبدأ مارثون التنقيب عن الذهب، في الاتجاه إليها، و اراضيها وقلبها وجنبها وحولها، تتمدد وتتسع وتكثر السكاكين، فيدخل أصحاب المصالح والنافذين، إلى اراضي المحمية ،وتبدأ آليات اردول في الدخول إلى المنطقة، بجانب شركات الجنيد وغيرها من الناشئة، فيتدفق في المنطقة السيانيد والزئبق، الذي يهاجم الجهاز المركزي العصبي، وتنتشر الأمراض، الارق والصداع وفقدان الذاكرة، وعدم الحركة، وتشوه الأجنة، وتلوث المياه والتخلف العقلي لدى الأطفال واضطراب السمع والكلام، و لاتسلم الماشية من النفوق ، مايجعل المنطقة برمتها تحت قنبلة بيئية قابلة (للفرقعة).
كتبت قبل هذا اليوم عن محمية الردوم، بتفاصيل دقيقه جدا، وعن هروب حيواناتها النادرة، وذبح غزلانها الجميله نهارا للغداء والشواء، كتبت عما فعلته الشركة السودانيه للموارد المعدنيه، التي تدير الياته بلا حياء، تحدثت عن النساء وتشوه اجنتهن، والحديث موجع وكثير كان ومازال، ومازالت محمية الردوم مرتعا لشركات التعدين والكرتة، التي دفعت بحيوانات المحمية، للهجرة الي أفريقيا الوسطى، ووجدت نعامة جوعى يوما ما الباب مكشوفا، فخرجت تبحث عن لقمة في كافتريا واسعة بمدينة سنقو!!.
والآن يبدو أننا سنفقد محمية جبل الحسانية بقرار من رئيس الحكومة الانقلابية، في (لمة عرس) وفي الهواء الطلق، وسؤالي يمتد أين أنت سيدي مدير الإدارة العامة للحياة البرية في السودان؟؟ نسمع ردك.