مقالات

مبـارك أردول.. أما آن لهذا الاستهداف أن ينتهي؟

حـدود المنطـق

إسماعيل جبريل تيسو:

لم أعرف مسؤولاً أو سياسياً سودانياً تعرض خلال السنوات الأربع الماضية لحملات استهداف ممنهجة، ومحاولات جادة مع سبق الإصرار والترصد للشيطنة وقتل الشخصية، مثلما تعرض الأخ مبارك عبد الرحمن أردول، الناطق الرسمي الأسبق للحركة الشعبية لتحرير السودان، والقيادي في تحالف قوى الحرية والتغيير الكتلة الديمقراطية ورئيس المكتب السياسي للتحالف الديمقراطي للعدالة الاجتماعية والمدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية المحدودة.

ولعلنا جميعاً يعرف أن مبارك أردول خرج من رحم الكفاح المسلح بعد أن أمضى سنين عددا في حضن الجبال والأحراش والأدغال مقاتلاً ضد ضغمة الإنقاذ، حتى توج نضاله بالانضمام لمواكب وركب الثوار عبر تنظيمات ومنظومات ثورة ديسمبر المجيدة التي أحدثت التغيير وأطاحت بنظام الرئيس عمر البشير في أبريل من العام 2019م.

وبدلاً من أن يجني أردول ثمار نضاله ضد زبانية الإنقاذ ويتذوق طعم الحرية والسلام والعدالة رفقة الثوار ممن قادوا المواكب، أو أؤلئك الذين رفعوا السلاح في وجه الإنقاذ، إذا بالرجل يواجه حبساً ثم نفياً إلى خارج حدود البلاد من قبل المكوِّن العسكري في معية زميليه السابقين في الحركة الشعبية لتحرير السودان جناح مالك عقار، ألا وهما ياسر سعيد عرمان وإسماعيل خميس جلاب.

ولما كان الفتى مؤمناً بمباديء وقيم ثورة ديسمبر الخالدة، فقد عاد أردول إلى البلاد مرة أخرى محمولاً على أكتاف تحالف قوى الحرية والتغيير ( قحت ) بوصفها الحاضنة السياسية لثورة ديسمبر المجيدة، حيث نشط أردول ضمن منظومة قحت من خلال حراكها السياسي وحوارها الكثيف مع المكوِّن العسكري من أجل إيجاد صيغة مثلى تقود المشهد السياسي خلال الفترة الانتقالية بسلاسة تنتهي بتحقيق أهداف ثورة ديسمبر التي قَوِي عودها بطاقة الشهداء من شبابٍ قدموا وبذلوا أرواحهم ودماءهم رخيصة في سبيل بلورة مباديء الثورة وترجمة مقاصدها النبيلة.

وتعزيزاً لبناء مؤسسات الحكم خلال المرحلة الانتقالية، فقد كانت رؤية تحالف قوى الحرية والتغيير ( قحت ) أن يقود مبارك أردول دفة القيادة في الشركة السودانية للموارد المعدنية المحدودة في منصب نائب المدير العام، ارتكازاً على مؤهله الأكاديمي وهو الحائز على درجة الماجستير في علوم الكيمياء والتي تعد واحدة من التخصصات المهمة في مجال التعدين، فمكث أردول غير بعيدٍ من واقع العمل داخل شركة الموارد المعدنية وبدأ في طرح رؤىً وأفكارٍ لتطوير العمل في قطاع المعادن في السودان، ولكن يبدو أن أفكار أردول المهنية وسماته في الإدارة وقدرته على توظيف شخصية القائد في إدارة فرق العمل، اصطدمت بالرجعية الإدارية للمدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية المحدودة الذي دخل في صراعات مع نائبه مبارك أردول مما حدا برئيس الوزراء آنذاك دكتور عبد الله حمدوك استصدار قرار بإعفائهما معاً.

ولما كانت رؤى وأفكار مبارك أردول مقنعة لوزارة المالية صاحبة النصيب الأكبر في رأس مال شركة الموارد المعدنية المحدودة (70% ) فيما يتعلق بكيفية تطوير قطاع المعادن ليسد الثغرة التي خلّفها ذهاب النفط بانفصال جنوب السودان، وبتوصية من دكتور إبراهيم البدوي وزير المالية والتخطيط الاقتصادي آنذاك، فقد جدد رئيس الوزراء دكتور عبد الله حمدوك ثقته في مبارك أردول وأصدر قراراً بتعيينه هذه المرة مديراً عاماً للشركة السودانية للموارد المعدنية المحدودة.

ومنذ أبريل من العام 2020م تأريخ تعيين مبارك أردول، فقد دخلت شركة الموارد المعدنية المحدودة مرحلة جديدة من التطور والنماء والازدهار، لتحقيق رؤية الدولة بالعمل على رفد خزينة البلاد ودفع مسيرة الاقتصاد والاجتهاد في تحقيق صناعة تعدينية آمنة ومتطورة، ويكفي أردول فخراً أن اسم الشركة السودانية للموارد المعدنية المحدودة لم يكن معروفاً ولا ذاع صيته إلا بعد أن جلس على كرسي إدارتها أردول نفسه، فحقق طفرة كبرى تمثلت في تحقيق رضى وظيفي وتطوير أصول الشركة بتمزيق فاتورة الإيجارات بشراء مبنى فخيم يتسق مع قدرات الشركة وإمكانياتها، بالإضافة إلى توفير منقولات ومتحركات وأسطول ضخم من سيارات للعمل الحقلي والميداني، فانعكس كل ذلك إيجاباً على زيادة مطردة في إنتاجية الذهب الذي بات يتصدر لائحة صادرات السودان الخارجية، هذا فضلاً عن تحقيق رضى مجتمعي عبر مشروعات المسؤولية المجتمعية للمواطنين في المناطق الحاضنة والمستضيفة للأنشطة والصناعات التعدينية فشهدت مناطق الإنتاج خدمات كبيرة في مجالات المياه والصحة والتعليم والكهرباء والبنيات التحتية، ومازالت المسيرة ماضية تترصع بنجمات لامعات من النجاحات وتحقيق الإنجازات، ومع ذلك ظل مبارك أردول مستهدفاً ومتهماً بالفساد دون أن تجروء أية جهة على تقديم أدلة أو مستندات تدفع بها إلى بلاط العدالة لتثبت تورط أردول في تهم الفساد المزعومة.

وبعيداً عن الشركة السودانية للموارد المعدنية المحدودة ظل مبارك أردول ورغم صغر سنه رمزاً سياسياً يصنع الأحداث من خلال أنشطته المستمرة سواءاً في تأسيس الكيانات السياسية كالتحالف الديمقراطي للعدالة الاجتماعية، أو في توظيف علاقاته لإقامة التحالفات مع القوى السياسية الحية، وتنسيق الجهود والمواقف مع المكوّن العسكري أحد الساقين اللذين تقف عليهما الفترة الانتقالية، منطلقاً في كل ذلك من مواقف يمليها عليه ضمير الواجب تجاه استقرار الوطن، والحفاظ على موارده وثرواته التي لا تقدر بثمن.

والواقع أن الحراك الكبير الذي ظل يحدثه الشاب مبارك أردول حرّك دغائن وأحقاداً في نفوس البعض من أقرانه ومِنْ الدهاقنة الذين سبقوه في مضمار السياسة عمراً وتجربة، فطفق الكثير من هؤلاء يكيدون له ويتربصون به مستغلين فيه تارةً حماسة الشباب، وتارةً أخرى بساطته وطيبته في التعامل العفوي، تأكيداً لمبدأ أن السياسة لعبة قذرة، ولكن مبارك أردول ظل يخرج من كل مكيدة أقوى وأقدر على العطاء، معتصماً في ذلك بحبل حبه الحقيقي لبلده، وقناعة القيادة العليا للدولة بقدرة هذا الشاب على صناعة الإبداع والدهشة والامتاع، ويظل بساط الثقة ممدوداً أن رجلاً بهذه القناعات والقدرات والحماسة والاجتهادات، لن يتوقف، وستمضي سفينة عطائه غير آبهة ولا مبالية برياح الكيد والحقد والحسد، ومحاولة تثبيط الهمة وتكسير المجاديف، ويمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين.

 

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق