مقالات

الخبير التربوي محمد محمد أحمد العوض يكتب: القراءة نواة التعلم

بقلم/ محمد محمد أحمد العوض:

ترقب عندما تطلب من تلميذ بالصف الخامس الابتدائي أن يقرأ من كتاب المطالعة للصف الثاني، يحدق طويلا في السطر  يتلعثم، ثم قد يخرج حرفا ثم حرفا آخر، تتألم، تتاورك المرارة. لا تتعجب فهو داء قد عم القرى والحضر والعام والخاص، أبلع الحبة، معظم الأسر السودانية تعاني من هذه المشكلة (عدم مقدرة التلاميذ القراءة والكتابة) رغم أن من أهم أهداف المرحلة الابتدائية المكتوب ( الأساس سابقا ) اكتساب التلميذ مهارة الاستماع والتحدث والقراءة والكتابة باللغة العربية.

 

في سابق الزمان التلميذ من الصف الثالث يفك الخط بكل سهولة، ويكتب بخط جميل. زمن “ليك اللحم ولينا العضم”، ليس زمن الأمر إليك.

إذاً كيف دخل الفيروس المحبط في عظم الأسرة السودانية ؟؟ طول بالك، في العام الدراسى 1993 / 1994، أقرت وزارة التعليم مرحلة الأساس ذات الثماني سنوات على طول (ون قو) (جرعة واحدة) بهدف إصلاح التعليم واللحاق بالعالم.

تبع ذلك تغيير فى المناهج وطرق التدريس لمزيد من التمكين، فتم تغيير طريقة تدريس تعلم القراءة والكتابة باللغة العربية التي كانت سائدة منذعام 1934م عند قيام معهد بخت الرضا. وتدرب عليها الأستاذ الوزير/ عبد الباسط سبدرات والأستاذ / بشير عبد الماجد،  والآلاف من المعلمين والمعلمات وتعرف بالطريقة الجزئية وتبدأ بتعلم الحرف، ثم مجموعة حروف، ثم للكلمة تم تغيير هذه الطريقة بطريقة تدريس جديدة سمتها وزارة التعليم بالطريقة التوليفية وهى هجين من الطريقة الجزئية والطريقة الكلية (الطريقة الكلية تبدأ بالكلمة ثم تحلل الكلمة إلى حروف وتعمل بها معظم الدول العربية)، وعرفتها بأنها طريقة تجمع محاسن الطريقة الجزئية والطريقة الكلية، لكنها صارت مزيج من السكر والملح غير مستساغ لحقت أولادنا (أمات طه).

النتيجة أن كل المعلمين والمعلمات بالمرحلة الابتدائية الذين تخرجوا في معاهد وكليات بخت الرضا خلال الفترة من سنة 1934م إلى سنة 1994م قعدوا فراجة وأفراد الأسر السودانية في محنة النتيجة الاكبر أن هدف إكساب التلميذ مهارة القراءة والكتابة صار عسيرا جدا وما نعيشه الآن من أخطاء إملائية عند الخريجين في الجامعات وضعف تلاميذ المدارس في القراءة والكتابة وتسرب التلاميذ من المدارس. وتفشي الحفظ هو نتيجة لهذه السياسة التعليمية الطريقة التوليفية قطع أخضر سوداني بحت لم تسمع وتفكر فيه دولة عربية ثم صار لابد من تدريب كل المعلمين والمعلمات بالمرحلة الابتدائية والمتوسطة بالسودان على الطريقة التوليفية بالإضافة للمعلمين الجدد وتم فتح بند التدريب على مصراعيه للجامعات لتقنين التجاوزات.

ثم تم إعتماد كليات المعلمين بالجامعات ليتخرج فيها معلم مرحلة الأساس بدرجة البكلاريوس، وجففت معاهد المعلمين والمعلمات ومعهد بخت الرضا للمرحلة الابتدائية والمتوسطة ومعاهد التأهيل التربوى.

إستمر العك مع الطريقة التوليفية لعقدين من الزمان حدث فيهما ما حدث وبعد مرور أكثر من عشرين سنة أدركت وزارة التعليم خطل ما كانت تخوض فيه بعد أن جعلت أكثر من جيلين من شباب السودان يعانون من ضعف بائن في القراءة والكتابة وتسرب الكثير من التلاميذ وتمكن الحفظ والتسميع بدون فهم وأشياء أخرى.

عادت وزارة التعليم للسلم التعليمى السابق. ست سنوات للمرحلة الابتدائية وثلاث سنوات للمرحلة المتوسطة وللطريقة الجزئية لتعلم القراءة والكتابة، العود أحمد. فرحنا وباركنا، لكن الفرحة لم تكتمل لأن معظم المعلمين والمعلمات الذين تدربوا على الطريقة الجزئية نزلوا المعاش الإجباري، ومن تبقى من ذلك الجيل صاروا كبار السن. وزاد الامر تعقيدا أن طفل اليوم لا تشد إنتباهه قصة الثعلب المكار أو النعجات الثلاث أو عمك تنقو ونوادر جحا  (التحية للأستاذ الفنان شرحبيل احمد ومجلة الصبيان ) حتى توم جيرى لايفرحه لإنتشار الميديا وتسربها داخل الغرف المغلقة.

حتى نعود لا بد من تدريب كل معلمى ومعلمات المرحلة الابتدائية على الطريقة الجزئية بالاضافة للمعلمين الجدد، علما بأن المادة الدراسية بمنهج المرحلة الابتدائية والمرحلة والمتوسطة مادة بسيطة سهلة غير معقدة لكنها الأساس واللبنات الأولى للفادم من المعارف فهى القاعدة للهرم الذى نسعى لبنيانه.

وتكمن صعوبتها في كيفية توصيل المادة البسيطة التى تبدأ بالحرف أ . والرقم 1 . كيف نجعل من الألف ساقا أخضر لشجرة فروعها تزهر كل الحروف والحروف تكون كلمات لا يعلمها إلا الله؟ وكيف نجعل من الواحد غابة خضراء لا محدودة الأرقام المزهرة.

المعلم ود النذير المعلم المرح كان عندما يدرس حرف الكاف يحيل الفصل مطعم خمسة نجوم يمور بالحركة فالكاف (كبده . كباب . كلاوى . كستليته . كفته . كمونيه . كوارع. كركدى .كولا . كمال ترباس. ودق جرس الفطور).

كليات المعلمين الجامعية لمعلمى ومعلمات مرحلة الأساس تركز على المادة الدراسية ومتطلبات الجامعة لينال الدارس شهادة البكلاريوس بعد أربع أوخمس سنوات. التعليم الابتدائى والمتوسط لايحتاج لذلك.

أرى أن من يكمل المرحلة الثانوية و ينجح في الشهادة السودانية جدير بأن يكون معلما بالمرحلة الابتدائية أو المرحلة المتوسطة بعد أن يتم تدريبه لمدة لاتزيد عن سنتين بمعاهد بخت الرضا وكليات المعلمات أو بمعاهد التأهيل التربوى.

وبذا تتاح الفرصة للشباب والشابات بالاقاليم للعمل بالمدارس وتواجدهم بالقرب من مزارعهم ومراعيهم وأعمالهم الأخرى يساعد في تغطية العجز في المعلمين بمدارس الريف.

أما بالنسبة لكليات معلمى مرحلة الأساس الجامعية يمكن معالجة تحويل مقراتها إلى معاهد للمرحلة الابتدائية والمرحلة المتوسطة والتأهيل التربوي أما بالنسبة للأسرة عليها ألا تعتقد بدفعها ألف أو مئات الآلاف من الجنيهات أو الدولارات أنها قد أخلت نفسها من مسؤولية تعليم طفلها القراءة والكتابة.

لا تعتقد أن الصف الاول حروف وكلمات وأعداد بسيطة سهلة بل أنها النوى لعالم من المعارف عليها متابعة طفلها متابعة متواصلة، عليها أن تعطي طفلها مساحة ربع ساعة فقط في اليوم، سيشعر الطفل بالسعادة وتظهر مقدراته وتتم المعالجات ويدرب المعلم أن يكون محبوبا من الأطفال أن يكون مدركا للمسؤولية التى يتحملها تجاه تلاميذه أن يكون أشبه بالصانع أو الزارع المحب لعمله أن يدرس بحب مع ملاحظة أن الصف الأول بالمدرسة الابتدائية من أكثرالفصول إزدحاما بالتلاميذ. ( 90 – 106 تلاميذ ) يحتاجون لمتابعة وتلقين من المعلم وهذا من المستحيل تنفيذه لصف به أكثر من أربعين تلميذا.

أرى أن يكون هنالك قرار ملزم بعدد 40 تلميذا بالصف الأول ومتابع من الوزارة الاتحادية والوزارة الاقليمية نزولا حتى مدير المدرسة الابتدائية وعلى المدير أن يعالج بعمل دوامين أوأكثر، لأن القراءة مفتاح المعرفة.

خبير تربوي/ محمد محمد أحمد العوض

ت/  0928048400_ 0121063227

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق