مقالات
مع الجيش.. فاطرين معاكم وعايشين معاكم وميتين معاكم
بقلم/ بكري المدني:
في وقت متأخر نسبيا اتصلت بي الصديقة الأستاذة سهير عبدالرحيم تدعوني مرافقتها للإفطار مع جيشنا في الفشقة يوم الجمعة ضمن مبادرتها (فاطرين معاكم) والعودة فجر السبت
كان البرنامج ضاغطا إذ كان المطلوب السفر و العودة بالبر من الفشقة للقضارف عبر ولاية الجزيرة فالخرطوم، حيث لدي التزام ذات اليوم بتسجيل حوار لقناة البلد ومع ذلك كانت إجابتي لسهير (خير -على بركة الله)ولقد ألقت علي هي قولها المعتاد في مناسبات مشابهة (انت يا يابا لا تفوت ولا تموت) وحقيقة كانت أسباب ثلاثة تقف وراء موافقتي على ذلك البرنامج /أولها الدعوة للإفطار مع جنودنا البواسل في خنادق الدفاعات الأمامية بالفشقة وهي دعوة لا يعادلها عندي إفطار في فنادق الخرطوم بل الدنيا بأجمعها /ثاني الأسباب رفقة الأحباب محمد أبو حباب وعاصم البلال وعبدالعظيم صالح و/الثالث ألا أحد يقول – لا لسهير أصلا .
في مقر الفرقة -بالقضارف ونحن نلتقي قادة المنطقة العسكرية الشرقية ذكرت الأدوار العظيمة لهذه الفرقة في تاريخ السودان وكان مشهد الضباط العظام يبعث على الاطمئنان ويكشف أن ما يحدث في الخرطوم مجرد زوبعة في فنجان إن دعا داع الدفاع.
فى قاعدة القريشة العملياتية كان شباب الضباط يحاولون جهدهم ترتيب حركتنا وتأمينها ولكنا كنا في شوق وشغف لمعانقة الجنود في التروس – جنود يحتضنون أسلحة الصاعقة المختلفة -صدورهم ناحية الحبشة والسودان مؤمن خلف ظهورهم وفوقهم ترابط مدرعات ضخمة من الصناعات الدفاعية الوطنية الخالصة.
يا إلهي -كان مشهدا فريدا -الجنود صائمون وعلى بعد ساعة من الآذان وأياديهم على الزناد وهم يهتفون بأهازيج قوات الصاعقة ونفر منهم يطبخون العصيدة للإفطار القريب وكل شيء جاهز على الأرض والمعنويات في عنان السماء.
كنا نغالب الدموع ونحن نقيس المواقف والفرقة بين الخرطوم والفشقة ونجدها -بعيدة شديد – والفرق شاسع ما بين هؤلاء الجنود وأؤلئك (شذاذ الآفاق).
بذات الروح التي يقومون فيها بحمايتنا كانوا يتسابقون لخدمتنا فنحن ضيوفهم فى تلك الخنادق والقطاطي المنتشرة بالقطاعي حيث يخف إليك أحدهم وهو يراك مارا قربه وقد كان من قبل يدوزن سلاحه ناحية الشرق البعيد أو يبحث عن موجة إذاعة شاردة علها تحمل له أغنية من (هنا أم درمان ) أو يتذكره البعض في مناطق السودان المختلفة بالإهداء والسلام.
أما قبل – هل يريد أحدهم أو بعضهم تغيير تركيبة هذا الجيش وتبديل هويته وعقيدته القتالية ؟! هل يريد أحدهم أو بعضهم فعلا تفكيك هذا الجيش تحت أي مصطلح أو بند أو مطلب أو حلم أو حتى وهم ؟! تبت يد النوع و (الميم) والجنس الثالث -أولاد الحرام – حيثما حلوا !
أما بعد – قامت سهير عبدالرحيم بواجبها وقدمت ما بوسعها في مبادرة (فاطرين معاكم) ولكننا نحتاج معها لتطوير المبادرة فيما يلي الجيش تحديدا إلى سعة (عايشين معاكم) وعايشين معاكم مبادرة مستمرة مع سهير لزيارة المواقع العسكرية ومقاسمة الجيش اللحظات والحكايات والأهازيج والزاد دعما مستمرا بالماديات والمعنويات.
ما بعد الأخير -نعم الإصلاح مطلوب في القطاع الأمني والعسكري ولكن الإصلاح الذي نعرفه هو أن تدخل أي قوة غير نظامية أو شبه نظامية لحزية القوات النظامية وفق لوائحها وقوانينها وأنت لا تفكك قوة منظمة لأجل قوات غير منظمة -رفعت البنادق وحسمت المواقف.
أتابع..