مقالات
ما يتعدى التطبيع السعودي الإيراني.. حرب اليمن تقترب من نهايتها..
بقلم/ عبدالله رزق أبوسيمازة:
بعد ثماني سنوات من اندلاعها، تبدو حرب اليمن على وشك النهاية، إثر التطورات الدراماتيكية في العلاقات بين إيران والمملكة العربية السعودية، والتي دفعت بالبلدين، بخطى متسارعة نحو التطبيع، بعد حالة من العداء المستحكم، ولايخلو هذا التطبيع الحدث المهم في صلته باحتمالات نهاية حرب اليمن، من مغزى للسودان، أحد مكونات التحالف العربي لاستعادة الشرعية في اليمن، الذي تقوده السعودية، حيث تشارك قوات سودانية في هذه الحرب منذ يومها الأول وهي مشاركة ظلت موضع مساءلة مستمرة من قبل قطاعات من الرأي العام.
وقد ارتبطت هذه المشاركة ،بقطع علاقات السودان مع ايران عام 2014، بعد تحالف سياسي وايديولوجي مزمن.
وبرر نظام المخلوع البشير هذه المشاركة عامئذ بطريقة لا تنقصها المزايدة بأنها التزام سياسي وأخلاقي وديني.
لم يقتصر الامر على المشاركة بقوات موازية للقوات المسلحة تلك المشاركة التي رفضتها باكستان، حسب فقد أصبحت قوات الدعم السريع، نفسها في قلب السجال حول المستقبل السياسي للسودان. فهذه المشاركة التي رفضتها باكستان، مثلما رفضتها مصر، بعد تجربة حرب مريرة في اليمن مطلع ستينات القرن الماضي، من شأنها أن توفر لقوات الدعم السريع، فرصة توثيق علاقاتها بقوى إقليمية لها تأثيرها على مجرى الأوضاع في البلاد يعزز موقعها وموقفها من الصراع المحتدم حول السلطة منذ25 اكتوبر 2022 على الأقل.
وفي وقت تشكل فيه مسألة دمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة عقبة أمام الجهود التي تضطلع بها اللجنة الثلاثية بدعم من الرباعية الدولية التي تضم الإمارات العربية والسعودية، بجانب الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، لتفكيك الأزمة السياسية في البلاد واستعادة مسار الانتقال الديمقراطي بقيادة مدنية.
ومن المتوقع أن يؤدي هذا التطور الجيوسياسي لإحداث انفراج نسبي في المنطقة التي ظلت منذ حرب العراق ميدانا للنزاعات وحروب النيابة.
وقد عانى لبنان بشكل خاص من تداعيات الخلاف والصراع السعودي -الإيراني.
وتمثل مبادرة تطبيع علاقات البلدين بوساطة صينية، والتي اربكت واشنطن ، المسمار الأخير في نعش مشروع الناتو العربي، الذي طرحه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، خلال مشاركته في قمة عقدت بالسعودية ، ضمن توجه لتطبيع العلاقات العربية مع إسرائيل وابتداع عدو بديل من جهة، وتحميل بلدان الحلف، قيد التكوين، عبء المواجهة مع إيران نيابة عن أوروبا وأمريكا واسرائيل، من جهة اخرى. ويمكن النظر للخطوة، في هذا السياق. ككسب مهم لنظام طهران المحاصر خارجيا من قبل امريكا وحلفائها الأوروبيين، سبب برنامج إيران النووى، بإحداث ثغرة في الحصار، من ناحية، والمعزول داخليا، نتيجة الانتفاضات الشعبية المتوالية التي تشهدها إيران منذ وقت ليس بالقصير. فضلا عن التعقيدات الناشئة عن المشروع التوسعي الإيراني في المنطقة في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وما يواجهه من مقاومة وضغوط.
ومع أن إيران كانت ولازالت ، جزءا من الحرب متعددة الأطراف التي تجري في المتطقة، وفي سوريا بالذات، إلى جانب الأطراف الأخرى ممثلة في روسيا والولايات المتحدة وتركيا وإسرائيل وامتداداتها المحلية وداعش فقد يكون سابقا للأوان الحديث عن إنفراج ملموس في الأوضاع المحتقنة في منطقة الشرق الأوسط قبل حدوث تطور ملموس على علاقات تركيا بكل من مصر وسوريا.
ويوفر إنهاء الحرب في اليمن ضمن معطياته الجيوسياسية، شروطا جديدة وفرصة لإعادة بناء مجلس التعاون الخليجي، الذي أسهمت الحرب في تقويضه، على أن يشمل اليمن بعد أن اتضح أن أمن دول الخليج العربي من أمن اليمن بالإضافة إلى العراق.
ومنذ مفاوضات استوكهولم، التي توسطت فيها الأمم المتحدة عام 2016، اختار التحالف العربي سلوك سبيل التفاوض لإنهاء النزاع بعد أن بدا أن الحرب ليست الوسيلة الملائمة لتسويته، فقد عجز كل من طرفي الحرب في تحقيق تقدم ملموس وحاسم على الأرض، مما خلق نوعا من الجمود في الموقف، رغم محاولات إيران تمكين الحوثيين من تحقيق تفوق نسبي بتزويدهم بطائرات درون، بما يمكنهم من إصابة أهداف داخل المملكة .
غير أن العديد من جولات التفاوض الثنائي، منذ ذلك الحين، والذي شاركت عديد من الجهات في تسييره، قد تعثرت لغياب إيران من طاولة التفاوض.
لذلك فإن عملية التطبيع الجارية على مستوى العلاقة بين الرياض وطهران، من شأنها آن تمهد الطريق امام نجاح التفاوض مع الحوثيين لانهاء الحرب.فالي جانب تعقيداتها الميدانية، وجمود الموقف العسكري في كل الجبهات، وتراجع الموقف الغربي ، كدوافع للتوجه نحو التسوية المتفاوض عليها، فقد أصيب التحالف بالتصدع، حيث بدا أن الإمارات العربية المتحدة لا تتقيد بهدف الحرب المعلن، وهو إعادة الشرعية في نطاق اليمن الواحد بإنهاء الانقلاب الحوثي، وتوجهها لإعادة ما كان يعرف باليمن الجنوبي كدولة مستقلة.
الوادي الأخضر 9 أبريل 2023
.