كتب/ مزمل المقبول:
كل من قرأ رواية موسم الهجرة إلى الشمال للكاتب الكبير الطيب صالح يلاحظ من سطورها الأولى كيف بدأت أحلام واماني محور شخصيتها مصطفى سعيد كيف بدأت وكيف انتهت.
كانت أماني واحلام مشروعه تراود ذلك الفتى الهجين القروي والمتمدن الى أن وصل الى تحقيق احلامه وامنياته وكلُ منا تحدثه نفسه الامارة بالنرجسيه بانه هو مصطفى سعيد: (في حد جاب سيرة علي أبو سن) !! فكانت هجرة الطيب صالح هجرة فرديه انطلقت من كرمكول واستقر في لندن حيث مولد الروايه ورأت النور هناك فنفذت طبعتها الأولى والثانيه والثالثه في كل البلاد العربيه وترجمت الى كل اللغات الحية فعرف العالم الطيب صالح من خلالها.
مناسبة هذه المقدمه هي هجرتي الاضطراريه فاخذت اسم روايه الطيب صالح عنواناً لها (موسم الهجرة الي الشمال) فكانت هجرة الطيب صالح فرديه وهجرتي جماعيه وشتان ما بين الهجرتين هجرة الطيب صالح كانت إلى العمق الشمالي من البحر الأبيض المتوسط وهجرتي انا قريبُ ها هنا الي الشمال الجغرافي من السودان لا تتعدى حدود دار جعل من شندي والمتمة والدامر حيث أحفاد المك نمر وعبدالله ودسعد وجوارهم بغرب النيل نوري وكرمكول ودنقلا والحفير حيث احفاد بعانخي و ترهاقا .
لم تكن هجرتي الى العمق الشمالي من البحر الأبيض المتوسط حيث المدن التى تنوم وتصحو على مخدات الطرب و تموت حيتانها من البرد أوربا وروسيا البيضاء واوكرانيا فإن لم تمت بالبرد فإنك لا محالة ميت بلحاظ عيون نسائها الفتاكة خاصة الأوكرانيات الجميلات لهن عيون كالسهام قاتله وأقوى من السلاح في الحرب الروسية الأوكرانية وتراهن قادلات بقوامهن الممشوق بصدر عليه صليب المسيح وصلب عليه صلاة النبي .
وفي الختام وانا أكتب عن هجرتي هذه طافت بخاطري هجرات كثيرة وضعتها قدوة لي اهتدي بها أولها هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة المنورة حيث قال لصاحبه أبو بكر الصديق لا تحزن فإن الله معنا ونحن ايضا لا نحزن إن الله معنا .
وهجرة بعض صحابه رسول الله صلى الله عليه وسلم الى الحبشه هذا على الصعيد الاسلامي أما في وطني فكانت هجرة أهالي حلفا قسراً من ديارهم وهجرة كل الشعب السوداني من الخرطوم إلى الاتجاهات الأربعة شمالاً وحنوباً وشرقاً وغرباً بحثاً عن الامان في أرض الله الواسعة وما شاهدته في رحلتي لا يسع المجال لذكره إلا في كتابات أُخر .
ونترككم مع الحلنقي و وردي وهجرة عصافير الخريف عسى ولعل ان تكون برداً وسلاماً
هجرة عصافير الخريف
فى موسم الشوق الحلو
هيج رحيلا مع الغروب
احساس غلبنى اتحملو
وكتمت اشواق الحنين
داير الدموع يتقلو
ورجعت خليت الدموع
ينسابو ..منى وينزلو
ليه يا عصافير الخريف
خضرة مشاعرى اشيلا صيف
تحت الغمام شايف
مواكب الهجرة اتلاشت سراع
ليه يا عصافير ليه الاسف
مين علمك أسف الوداع
وعارف دا ما اول سفر
لبلاد بعيدة بدون متاع
زى ما بتخافي من الرياح
بنخاف كمان انحن الضياع
ليه يا عصافير ليه الضنى
صفقة جناحك احزنها
غايب السنين الليله
مالو غنا العصافير غلبو
طراهو زولا كان ولوف
كم رضا خاطرو وطيبو
سمع قليبو كلام حنين
هدهد مشاعرو ودوبو
الناس سعيدم فى الحياة
لا ضاق فراق لا جربو
وانا حالى فى بعد الوطن
دفعنى ضي العين تمن.
