منوعات وفنون
بت الضكر …!!
كتب/ عبدالعظيم سعيد:
“بت الضكر” نخلة كريمة في حلتنا السعيداب بالجباراب الدامر بولاية نهر النيل، ولكل منا قصص وحكايات جميلة تحت ظلال هذه النخلة وثمرها اليانع.
“بت الضكر” كانت تجود علينا بالتمر في كل مراحله، وكنا نغني لها الأغاني والأهازيج والمواويل الطوال ونحن في نشوة وفرح وسرور .. نقول ..
(( بت الضكر رمي .. خليني اشوف همي ))
وأذكر ونحن صبية صغار نلعب تحت ظلها في منتصف النهار ونحن جيل الستينيات المحظوظ .. نجتمع نهار كل يوم لنلعب (شدت) وغيرها من الألعاب الشعبية في ذلك الزمن الجميل، ونأكل من تمر بت الضكر ونشرب من ماء الجدول الرقراق .. ماء عذب زلال بعد أن نهز جذعها فيتساقط علينا التمر رطبا جنيا .. تمر له خاصية دون كل التمور .. يؤكل وهو أخضر .. هش وحلو الطعم والمذاق .. وأحيانا كثيرة نصعد إلى أعلى بت الضكر ونقطف من ثمرها الوفير حيث كان(الطلوع) فوقها أمر يسير حتى الأطفال الصغار يفعلون ذلك بسبب أن هذه النخلة الكريمة مقوسة ومحدودبة الساق مما يجعل الصعود إليها سهلا .
أطلق عليها اسم بت الضكر لمجاورتها وإتكائها على كتف ضكر النخل الذي يجاورها مباشرة ويحتضنها ويعلوها هامة وشموخا .. لذا يكون التلقيح ( القروحة ) أمرا طبيعيا لهذه النخلة الكريمة ذلك لمجاورتها لهذا الضكر، فأطلقوا عليها اسم بت الضكر.
جيلنا والأجيال التي سبقتنا واللاحقة في قريتنا السعيداب والقرى المجاورة جميعهم يعرفون بت الضكر، ولعبوا تحت ظلها واكلوا من تمرها الطيب المعروف.
وأذكر أيضا ونحن صبية صغار نعمل مع آبائنا في مجال الزراعة والري بالساقية، الساقية التي تجرها الثيران ..(البقر ) .. ومن بعد الساقية كان العهد الحديث ووابور الجاز والماكينات الحديدية ( اللستر ).. وكان جدول الماء يمر بجوار بت الضكر فيتساقط منها التمر حين تهب الرياح وتحمله لنا مياه الجدول ونحن في الحقول. نسقي زرعنا ونأكل تمرنا ونفوض لله أمرنا.
فذاك زمان جميل أخضر ونبيل حيث كنا وكانت النفوس كبارا والأماني عراض والزمان أخضر والشباب أنضر.
زمان قل أن يجود الزمان بمثله، والآن أظلنا زمان بائس وحقير، زمان الحرب والقتل والسحل والجوع والخوف والمسغبة.
الله المستعان..