إسماعيل جبريل تيسو:
وأخيراً اتخذت الحكومة السودانية خطوة جريئة ضد داعمي ميليشيا الجنجويد من قوى إعلان الحرية والتغيير المجلس المركزي، وقيادات في الدعم السريع، ونزعت من بين أيديهم الجوازات الدبلوماسية في خطوة تتسق مع حجم التأمر وفداحة الجرم الذي ارتكبه هؤلاء بوقوفهم ضد المصلحة الوطنية ودعم وإسناد ميليشيا تمردت وحاولت الانقلاب على السلطة وتقويض نظام الحكم في السودان.
أن تأتي متأخراً خيرٌ من ألا تأتي مطلقاً، ذلك أن قوى إعلان الحرية والتغيير المجلس المركزي، تعتبر المتهم الأول في قضية إشعال فتيل الحرب بالتصريحات المتطابقة لعدد من قيادتها بأنَّ عدم التوقيع النهائي على الاتفاق الإطاريء سيقود إلى إشعال نار الحرب، وهذا ما حدث بالفعل، فقد اندلعت الحرب وأُسقِط في أيدي قادة المجلس المركزي للحرية والتغيير الذين كانوا يتوقعون اندحاراً سريعاً للجيش يصلون على أكتافه إلى كراسي السلطة، وينفردون بحكم البلاد.
قطعاً نزع الجوازات الدبلوماسية من بعض قيادات المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير سيغِلُّ أيدي هؤلاء، ويَحِدُّ من دائرة تحركاتهم المريبة التي انطلقت منذ أن شاهدوا ميليشيا الدعم السريع تترنح أمام الضربات الموجعة للقوات المسلحة السودانية في ميدان المعارك العسكرية، فيمموا وجوههم شطر عدد من العواصم المجاورة ممن يدعمون مواقفهم المخزية، طامعين في إيجاد مخرج آمن من النفق الذي ادخلوا فيه أنفسهم، وقادوا به البلاد إلى هذه المحرقة التي لم تُبقِ ولم تذر.
شخصياً لم اندهش لإدراج اسم دكتور عبد الله حمدوك رئيس الوزراء المستقيل ضمن القائمة منزوعة الجوازات الدبلوماسية، ذلك أن مواقف الرجل في الأونة الأخيرة كانت تشير إلى ضلوعه في التخطيط مع قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي من أجل إزاحة القوات المسلحة من المشهد تحت غطاء إصلاح المؤسسة العسكرية، وتعبيد الطريق أمام قوات الدعم السريع لتصبح بديلاً للجيش قبل أن تكون حامياً لحمى ديمقراطية المجلس المركزي وحكومته المرتقبة.
وطوال الفترة التي حَمِيَ فيها وطيس المعارك وهي تدخل شهرها الخامس، لم ينبس دكتور عبدالله حمدوك ببنت شفاه ضد الانتهاكات والجرائم والفظائع التي ظلت ترتكبها ميليشيا الدعم السريع والتي أدانتها وشجبتها واستنكرتها الأمم المتحدة ومنظماتها الحقوقية والإنسانية، فقد التزم حمدوك كرصفائه من قيادات المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير مبدأ الوقوف من وراء شماعة إيقاف الحرب، حيث أعلن ذلك من أكثر من مرة خلال ظهوره في أبريل الماضي مع بدايات الحرب في دولة الإمارات العربية المتحدة وما أدراك ما دولة الإمارات.
قائمة نزع الجوازات لم تتضمن عديد الاسماء التي توقعنا أن يشملها القرار، خاصة وأن تماهي هذه الاسماء مع ميليشيا الجنجويد بالدعم والإسناد، كان ومازال واضحاً وضوح الشمس في كبد السماء، ومع ذلك فإننا نتوقع المزيد من القرارات اللاحقة والتي ستعمل على تصحيح الكثير من الأخطاء التي ارتكبتها الدولة منذ اندلاع الحرب لأسباب مختلفة، سواءاً بانشغال القيادة العليا للقوات المسلحة بالقتال، أو بتغافل وتساهل الحكومة التي دخلت في بيات شتوي زاد من وتيرة إحباط الشعب السوداني المحبط أصلاً باندلاع الحرب وتداعيها المرهقة نفسياً وجسدياً وماليا.