مقالات

إقامة الحفلات وعربان الشتات

صوت القلم

د.معاوية عبيد:

عندما لجأنا الي الولايات في عيد الفطر بسبب هذه الحرب اللعينة كان الناس و ائمة المساجد في الولايات ، يقولون لنا ما لحق بكم من حرب لأنكم عصيتم الله ورسوله ، طيب اللي بتعملوا فيهو انتم ماذا نسميه ، المناسبات بذخ حد البذخ ، الحفلات في المسارح حدث ولا حرج حتي وقت متأخر من الليل ، أيها الشعب السوداني ماذا دهاك ، ابتلاك الله بالحروبات وعربان الشتات ، وانت تقيم الحفلات ، و المناسبات ، والغناوي و الماجنات، انتهكت العروض وانت في نومك سبات . ما أشاهده و اسمعه من حفلات في هذه الأيام أقلقت مضاجعنا تحسسك بأنه ليس هنالك حرب او أنك هجرت من ديارك و لجأت الي اهلك أو أقاربك أو مناطق الايواء و انت مسلوب الإرادة، ولكن من حولك لا يهمهم ، يقيمون في المناسبات و الحفلات خاصة تلك التي علي المسارح ، و يصرفون الغالي و النفيس و التبزير في الأكل و الشرب ، كأنه لم يكن هنالك أناس جوعي في مناطق الإيواء، انتبهوا من غفلتكم ، أيها النائمون قبل أن يحل عليكم عذاب أكبر من اللي نحن فيه ، إذ يقول تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنْ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} [الأعراف:١٣٠].
فإن لم تتذكروا ما حل باهلكم في الخرطوم و بعض الولايات صيصيبكم ما أصابهم ولات حين مندم .
إن مثل هذه الكوارث عظة وعبرة، والسعيد من اتعظ بغيره.
إن من علامات قسوة القلوب وطمسها والعياذ بالله، أن يسمع الناس قوارع الأحداث، وزواجر العبر والعظات التي تخشع لها الجبال ، ثم يستمرون على طغيانهم ومعاصيهم مغترين بإمهال الله لهم، عاكفين على اتباع شهواتهم، غير عابئين بوعيد، ولا منصاعين لتهديد، قال تعالى: {وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [الجاثية:٧ – ٨] .
اي نعم انتظمت معسكرات الكرامة من شباب وشابات وشيوخ قنع ، استشعروا المسؤلية واخذتهم الهاشمية و الغيرة و الحمية علي العروض و الاوطان ، لكن هنالك ثلة مازالوا في طغيانهم يعمهون رغم اشتداد اوار الحرب يوماً بعد يوم ، وغليان العالم من حولنا ايضا ، ولكن تسمع الاغاني و المغاني و تحس انها ضاعت المعاني و زادت المعاصي .
ولكن نقول لكم أيها الاخوة أن الاستمرار على معاصي الله عز وجل مع حدوث بعض العقوبات دليل على ضعف الإيمان أو عدمه: {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوْا الْعَذَابَ الأَلِيمَ} [يونس:٩٦ – ٩٧].
إن من الواجب على جميع المسلمين أن يأخذوا العظة والعبرة مما حصل، وأن يتوبوا إلى الله وينيبوا إليه ويحذروا من أسباب غضبه ونقمته، والله جل وعلا يقول: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} [الأنعام:٦٥]، وقد بينت الآيات هولاً عظيماً فيما يجري به قضاء الله وقدره من العذاب والهول بحسب ما يكون من الذنب والمعصية ، وجاء في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بينما كان رجل يجر إزاره من الخيلاء خسف به، فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة)، فها أنتم تجرجرون ازاركم بهذه المغاني و نسيتم أن هنالك لاجئين يحتاجون للقمة تسد رمقهم ، وهنالك آخرون يحتاجون لجرعة دواء وانتم بين المعازف و الغناء . للأسف بعض السودانيين الذين اصابتهم هذه الحرب و لجأوا لخارج البلاد ، انغمسوا في هذا اللهو والمجون ونسوا أو تناسوا ما هم فيه ، يقول الله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله : {وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ * ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوا وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ * وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف:٩٦ – ٩٩].
إن هذه الآيات و الأحاديث هي تذكير وعظة وعبرة نحتاج أن نتذكرها، وأن نوقن أنه ما وقع عقاب إلا بذنب، ولا رفع إلا بتوبة، فأقلعوا عن الذنوب وارجعوا إلى التوبة، وافيقوا مما انتم فيه ، للاسف ان كل الشعب السوداني تاثر بهذه الحرب ، ومن لم يتاثر بها عليه أن يراجع ايمانه ووطنيته ، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يديم علينا نعمته ، ويرفع عنا غضبه ومقته ، وأن يزيل عنا هذا البلاء و يعودنا إلى ديارنا سالمين ، ويعم السلام الديار.

 

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق