مقالات
المخاوف من مصير الخرطوم تعزز الاستجابة لحملة التعبئة والاستنفار
بقلم/ ماجد محمد علي:
من الطبيعي أن تثير عمليات التعبئة والإستنفار التي تجرى في الولايات مخاوف البعض من أن تتحول إلى عمليات حشد وتجييش لصالح من يتصدرون مشهدها ويتعمدون تجييرها لصالح استمرار وجودهم، وإغلاق الطريق أمام القوى الأخرى صاحبت المصلحة في الإنتقال الديمقراطي، لكن المجتمعات المحلية في أغلب تلك الولايات لديها رصيد ضخم من تجارب العقود الماضية ويصعب قيادتها بتلك الصورة التي تظهرها التغطية.
ويبقى أن المؤثر الأكبر في الاستجابة الواسعة ليس الخطاب المبذول من أجل الحشد، بل هي المخاوف من مصير الخرطوم التي لم تكن عاصمة الفلول والكيزان وحدهم، بل عاصمة بلد كامل وتضج شوارعها بنحو 10 ملايين مواطن.
درجت منصات وصفحات تقدم دعمها للدعم السريع على تهديد سكان المدن الأخرى بمصير الخرطوم، تهديدات مستمرة وقاسية وبصيغ مختلفة، وربما تم تعمد إطلاق هذه التهديدات مع نشر أخبار مضللة عن تحركات عسكرية بإتجاه مدينة ما.
في الواقع تعرضت قرى وبلدات خارج حدود العاصمة لهجمات أدت لسقوط ضحايا، ولا يتصور أن لا يخدم هذا العمل خطوط التعبئة والاستغفار مهما كان شكل التحشيد .
أجريت نقاشات مع أناس في 4 ولايات على الأقل، ولم تكن لديهم شكوك في جدية تلك التهديدات وضرورة الاستعداد للدفاع عن وجودهم، وبعض هؤلاء قيادات في أحزاب سياسية ومهنية يزرعهم القلق من تمدد رقعة الحرب وردات فعل مجتمعاتها إزاء التهديدات المتواصلة.
قد يكون الحديث عن خطورة خطاب التعبئة مطلوب بشدة، لكن أيضا يحب الطرق على خطورة استمرار تلك التهديدات بإتجاه مدنيين خارج دائرة الحرب الملعونة، لأن ذلك تحديدا هو الباعث الأول على الإستجابة للتعبئة.
الاستقرار الذي تشهده ولايات عديدة يعود بالأساس لجهود كبيرة من قيادات مجتمعية ومدنية حاصرت آثار الحرب وامتصت التوترات، لكن ذلك يحتاج لدعم وتأكيد حتى نخرج جميعا من دائرة الحرب.