د.معاوية عبيد:
الدم يستسقي الدم. هذا هو منطق الثأر، عند المجتمعات العربية الجاهلية ، وهنالك بعض القبائل العربية ما زالت تتمسك بهذه العادات و لها اعرافها في ذلك ، مشكلة الثأر في المجتمعات العربية، أنها تتغلف بمفاهيم تعطيها رفعة وسموا، حينما ترتبط بالكرامة والعزة، و العرض ، قديما قال الشاعر :
الثار دونك يا ليث الوغى الثارا
فليس غيرك عنا يكشف العارا
جرد سيوفك من اغمادها فلقد
آن انتضاها على الجار الذي جارا
وانظم جسومهم وانثر جماجمهم
انا عهدناك نظاما وتتارا
وروّ من دمهم بيضا وسمر قنا
ومن لحومهم وحشا واطيارا
واترك ديارهم تشكو الانيس بها
ولا تدع منهم في الدار دبار
واعجل بقتلهم من قبل ان يلدوا
لكفرهم فاجرا في الارض كفارا
فيا حليف الردى أبشر فسوف ترى
ليثا تدور المنايا حيثما دارا
فلست والله يا نسل الخنا حسنا
بل اللئيم الذي لا يحفظ الجارا
نجد عندنا في الأدب الشعبي أن الشعراء و خاصة النساء ( الحكامات ) ينظمون القصائد و يشجعون الفرسان من اجل اخذ الثأر وحماية العرض و الارض و قد جاء في الاغنية المشهورة التي يتغني بها الفنان الكابلي :
فرتيقة ام لبوس لويعة الفرسان
الليل بابلي عنزه وقرونه سنان
كراك ضرب مرقن جراقده أنداد
أنداد النصارى الكلهم بولاد
كرار علي كبر عليهم زاد
سيفك في غضاريف الرجال صياد
متين ياعلي تكبر تشيل حملي
إياك ياعلي الخلاك أبوي دخري
للجار والعشير الكان أبوك بدي
للغني والفقير الكان أبوك حامي
يتسولب من العلج الحرير وأكسي
لا تعاين الوجود ضربك بي شر سوي
ولكن جاء الإسلام ووضع القوانين ونظم الحياة ( وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} ، و قوله تعالي ( وَمَا كَانَ لِمُؤۡمِنٍ أَن یَقۡتُلَ مُؤۡمِنًا إِلَّا خَطَـࣰٔاۚ وَمَن قَتَلَ مُؤۡمِنًا خَطَـࣰٔا فَتَحۡرِیرُ رَقَبَةࣲ مُّؤۡمِنَةࣲ وَدِیَةࣱ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰۤ أَهۡلِهِۦۤ إِلَّاۤ أَن یَصَّدَّقُوا۟ۚ فَإِن كَانَ مِن قَوۡمٍ عَدُوࣲّ لَّكُمۡ وَهُوَ مُؤۡمِنࣱ فَتَحۡرِیرُ رَقَبَةࣲ مُّؤۡمِنَةࣲۖ وَإِن كَانَ مِن قَوۡمِۭ بَیۡنَكُمۡ وَبَیۡنَهُم مِّیثَـٰقࣱ فَدِیَةࣱ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰۤ أَهۡلِهِۦ وَتَحۡرِیرُ رَقَبَةࣲ مُّؤۡمِنَةࣲۖ فَمَن لَّمۡ یَجِدۡ فَصِیَامُ شَهۡرَیۡنِ مُتَتَابِعَیۡنِ تَوۡبَةࣰ مِّنَ ٱللَّهِۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِیمًا حَكِیمࣰا ) .
فهذه الآيات تحرم قتل النفس و اخذ الثأر بالكيفية التي كانت عند العرب الجاهلية قديما و في بعض البلدان العربية حالياً ، وهذا يرجع إلى ارتباطه كنظام اجتماعى قبلي يقوم أساساً على التعصب للأهل والعشيرة والقبيلة . و قال حكيم ( لا تأخذ بثأر ، فالثمار الفاسدة تسقط لوحدها ) ، Awise man said : Don’t take revenge. The rotten fruits will fall by themselves
جاء الإسلام و أقر ان نقاتل الذين يقاتلوننا ، وذلك من اجل الدفاع عن النفس والعرض و المال و اعلاء كلمة الله و الجهاد في سبيله و قد جاءت الآيات الكريمة مبينة لذلك كما في قوله تعالي :
( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِير* الَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا اللَّه ُوَلَوْلاَ دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسمُه ) ‘ و فعلا ما فعله هؤلاء السفهاء و اعوانهم من المرتزقة و المأجورين يدفعنا لان نقاتل و نأخذ الثأر من اجل إعادة كرامة هذا الشعب الطيب الكريم .
جاءت الانباء بزيارة الفريق اول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة و القائد العام للقوات المسلحة لأسرة الشهيد العميد جعفر الطاهر ‘ الذي استشهد دفاعاُ عن الارض و العرض بقيادة المدرعات بالشجرة و خلال هذه الزيارة التي كانت لبيت الأسرة بمحلية مروي و التي أدى فيها البرهان واجب العزاء و تفقد هذة الأسرة التي قابلته بثبات و هي مؤمنة و محتسبة وصابره بقضاء الله و قدرة و فخورة بأن ابنهم استشهد من اجل كرامة الأمة السودانية و أن ابنهم نال الحسنين النصر و الشهادة ، طالبت ابنت الشهيد الفريق البرهان ان باخذ لها الثأر من قتلت ابيها ، ووعدها البرهان وقال لها: جميعنا سيأخذ لك الثأر ، وفعلا تفاعل معها كل الشعب السوداني و عزم منذ أن انخرط كل شيبة و شباب وشابات بلادي في معسكرات الكرامة من اجل اخذ الثأر والانتقام من هؤلاء المرتزقة الأوغاد ، الغزاة .
نقول لابنة الشهيد وكل أبناء الشهداء و للخمسة وثلاثون شهيداً و لكل من سرق ماله او هتك له عرض او قتل او اهين ، سنأخذ لكم الثأر ، ليس من المرتزقة فحسب ولكن من كل من سولت له نفسه اشعال فتيل هذه الحرب أو شارك مع هؤلاء الاوباش ، وبإذن الله علي الباغي تدور الدوائر.
نقول لك يا ابنة الشهيد و أبناء وبنات و أسر كل الشهداء ولكل الشعب السوداني سنثأر لكن لرب ودين كما قال المجاهدون و قالها ابطال القوات الخاصة وفرسان القوات المسلحة و قالها برهان أن كل الشعب السوداني سيثأر لك يا مهيرة
سنثـأر ولكـن لـرب وديـن ….. وأمضي على سنتي في يقيـن
فإما إلى النصر فـوق الأنـام ….. وإما إلى الله فـي الخالديـن
قد اختارنـا الله فـي دعوتـه ….. وإنا سنمضـي علـى سنتـه
فمنـا الذيـن قضـوا نحبهـم ….. ومنـا الحفيـظ علـى ذمتـه
أخي: فامضِ لاتلتقت للـوراء …. طريقك قـد خضبتـه الدمـاء
ولا تلتفـت هنـا أو هـنـاك …… ولا تتطلـع لغيـر السـمـاء
سنثأر لك يا عازة السودان و نعيد لك كرامتك في معركة الكرامة التي استبسل فيها جنودنا الأبطال فمنهم من قضي نحبه و منهم من ينتظر ولم ولن يبدلوا تبديلا … وستعم الفرحة أرجاء بلادي.