مقالات

زكاة الدامر و شجرة العطر ما سر العلاقة ؟

صوت القلم

د.معاوية عبيد:

ينتاب المرء قلق وهو يبحث عن شئ ولا يجده خاصة عندما يكون في أمس الحاجة إليه ، و يصيبك القلق اكثر عندما تكون مريض أو لديك مريض و تبحث له عن دواء ولا تجده ، ورغم عن المعاناة و البحث يكون لديك احساس بأنك واجده ‘ وسبب هذا الشعور إيمانك التام بقضاء الله و قدره وان ما يصيبك ما كان ليخطئك ، وان الله بالغ أمره و سيجعل بعد عسر يسرا ، و لكن الشعور الاقوي بأن يقابلك شخص او تدلف الي صيدلية و تجد من يدلك أو يخفف من وطأة قلقك و يكون بلسما شافيا لمعاناتك و عطرا طيباً يفوح شذاه في محور قلقك فيحيله الي جو من السكون و الطمأنينة و الراحة ، أصابني ألم شديد في الرجل وبحثت عن علاج في عدد من الصيدليات فلم أجده ، دلفت الي احدي الصيدليات تفتح علي مستشفي الدامر و في جواي امل ان أجده ، قابلني احد الصيادلية بابتسامة و انشراح وطمئنني بايجاده و اذا لم أجده سيوفره بإذن الله ‘ فعلا خرجت و قد زال نصف ألمي ، رجعت إليه في موعده فقد كان عند الوعد بلسما ، أصبحت واحد من زبائن هذه الصيدلية ، علمت من أخوتي والزملاء بالمكتب أن هذه الصيدلية تعامل اصطافها راقي و ستجد كل ادويتك فيها ، الفضول الصحفي دفعني للجلوس مع صاحبها بعد ان علمت أن لديه ايادي بيضاء مع المرضي و الفقراء .
فعلا ذات صباح و قبل أن أذهب الي المكتب وقفت عند الصيدلية و عرفني اخي الذي يرافقني بأن صاحب الصيدلية من يقف علي مدخل الصيدلية مع احد المرضي ، اراد تقديمه الي خارج الصيدلية ويتحدث معه في أمور علاج يبحث عنها ذلك الشخص . سلمت عليه و انا اعرفه شخصياً لأنني قابلته اكثر من مرة ، شخص باسم المحيا ، بشوش ، صدره رحب في التعامل ، لم أستطع أن اخذ منه كلمتين وراء بعضهما لأنني كل مرة يقطع حديثي معه محتاج و هو بكل رحابة صدر يجيب و يعطي المعلومة و الحل ، في خاتمة المطاف و لانشغاله و لحاجة المرضي له جذبته علي بقالة بالقرب من الصيدلية للحديث معه لمدة خمس دقائق و اتركه لان أمر أولئك أهم .
كان حلو الحديث ، شاباً طموحاً بدء مسيرته في مجال الصيدلية و التي هي مجال اختصاصه منذ اكثر من خمس او ست سنوات بعد تخرجه من جامعة ام درمان الإسلامية، أخذ ياسر شكاك يزاول المهنة بممارسة عالية ، إضافة لسعة أفقه التجاري ، كانت له ايادي بيضاء مع الأسر الفقيرة و مع ديوان الزكاة محلية الدامر في استقبال الحالات المحتاجة التي ترد من الديوان ، كان لديه تعامل إنساني استثنائي مع موفدي الديوان ، لانه لمس الخدمة الكبيرة التي يقدمها الديوان لهذه الشريحة ، وقد خفف بهذا التعامل عبأ كبيراً علي الزكاة والمحتاجين ، لأن همه الاكبر خدمة الشرائح الضعيفة و توفير الدواء لهم بسعر التكلفة ، أيضا لا يبخل بالاستشارة لأي أحد ولديه فكرة طموحة لمساعدة الأسر الفقيرة وذلك بالتعاون مع ديوان الزكاة محلية الدامر خدمة للفقراء وتعظيماً لشعائره في الأرض، ودعته ووعته بزيارات اخري واطفاله بين يديه ، نجح في مداعبتهم و مؤانستي و الإجابة علي استفسارات المرضي والمحتاجين ، شكرته و الاصطاف الذي يعمل معه بدرجة عالية من الرقي ، وفعلا كانوا بلسما شافياً ، و انا أغادر المكان نظرت الي لافتة الصيدلية ووجدت ان اسمها ( ريناد ) ، الفضول الإعلامي دفعني للبحث عن معني كلمة ( ريناد ) فوجدت أن صاحبي و فريق عمله يحملون هذه المعاني لا تنقص منها ( شولة ) .
تقول المعاجم أن معني كلمة (ريناد) هو اسم علم مؤنث من أصول فارسية ، وهو اسم جميل يحمل الروائح العطرة الذكية فهو يعني الرائحة الجميلة والجمع ( رند ) هو الشجر الذي يتخلص منه الزيوت العطرية المفضلة في بلاد الشام ، واسم ( ريناد ) يعني عبق الرحيق الطبيعي للأزهار الصغيرة أي النباتات العضوية .
أيضا قالت بعض المعاجم أن معني كلمة ( ريناد ) هو اسم علم مؤنث أصله عربي، وله العديد من المعاني منها: ريناد مأخوذ من شجرة الرّند، وهي شجرة موجودة في بلاد الشام وهي ذات رائحة طيّبة وجميلة، ويُقال بأن الاسم مأخوذ من الرّوند، وهو نبات يُستخدم في تركيبة بعض الأدوية. وريناد أيضًا معناه تراب الجنة، وبخور الكعبة، وموطن الغزلان، والشجر ذو الرائحة الطيّبة، وهو نوع من أنواع عطور الصندل. والرّند هو الآس وقيل إنه العود الذي يُتبخر به، وقيل بأنه شجر من أشجار البادية يُستخدم سواكًا للفم، والرّند مفرده رندا،وأما رِنَاد فهو جمع رند ورندة وهو الشجر الطيب الرائحة الذي يُعمّر طويلاً .
ويقول علماء اللغة العربية أن معني هذا الاسم ( رناد ) في اللغة و الذي يتكون من أربعة أحرف وهما حرف الراء وحرف النون وحرف الألف وحرف الدال وكلها من الحروف الظاهرة والسهلة في النطق والقراءة ، وهو مشتق من كلمتين :
الرند: والرَّنْد زهرُ الآس أو هو العود الذي يُتبخر به، وقيل شجر طيب الرائحة يُستاك به، وواحد الرند رَنْدَة.
فهو اسم شجرة جميلة ذات رائحة طيبة ويعرف باسم العود، وهو شئ يستخدم في صناعة أنواع البخور،
ويوجد بشكل كبير في بلاد الشام.
الرناد مشتقة من الرند . وقد تُسمّى البنتُ رنداً ؛ قال الشاعر
ورَنْداً ولُبْنَى والكِباءَ المُقَتِّرا
الروند: وهو عبارة عن أحد النباتات الطبية التي تستخدم من قِبل الأطباء في بعض الأمور العلاجية .
كما أن اسم رناد يعد من الأسماء التي تدل على طيب قلب صاحبها وجمال أخلاقه وعلو شأنه .قال المفسرون أن رؤية ذلك الاسم لصاحب المنام تدل على أن ذلك الشخص سيحصل على الكثير من الخير . كما أنها تدل على الزواج للفتاة المخطوبة وأن الله سيرزقها بالرزق الواسع والذرية الصالحة وللحامل تكون بشرة خير لها بأنها سوف تلد بنتًا وسوف تسميها رناد.
ايضا نلاحظ أن معنى اسم رناد يدل على صفات صاحب ذلك الاسم والتي تحمل الكثير من خصال الخير ‘ فهو اجتماعي طيب القلب مرهف الحس محب لأسرته ‘مخلص لأصدقائه بشكل كبير ويستطيع إقناعهم بسهولة. محب جدًا للأطفال الصغار ويعشق أن يلعب معهم ويداعبهم ‘ محب لكل أنواع الرياضة ‘ ايضا من صفاته أنه مبدع و نشط جدا في كل الاعمال التي توكل اليه و له ملاحظات قوية في ادق التفاصيل .
فعلا كانت صاحب صيدلية ( ريناد ) نشطاً وخيراً عندما وضع يده مع ديوان الزكاة محلية الدامر ، و لم يبخل كل منهما علي الآخر ، وقد أخذوا بالمثل ( الايد الواحدة ما بتصفق ) وعندما اكتملت هذه الحلقة الديوان داعما من جهة و هذا الشاب الخلوق من جهة أخري اعطتنا ( ريناد ) عطراً و بلسما .
غادرت صيدلية ( ريناد ) و امتلأت نفسي بكل رائحة ذكية وراحة نفسية ووصفات طبية ‘ و مشاريع وردية لفقراء بلادي الذين اصابتهم هذه الأمراض العصرية و انعدام الأدوية جراء هذه الحرب النزفية و توقف كل برنامج المساعدات الإنسانية و نهب الإمدادات الطبية و حرق مصانع الادوية من قبل هؤلاء المرتزقة و العملاء والغزاة الحرامية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق