مقالات

لاءات الرئيس

علي عسكوري:

أكتب هذه المرة بعد أن تحللت من كوابح الحزبية وموازناتها الكثيرة وانتقلت بتفسي إلى خانة الاستقلالية الكاملة أعبر بكامل حريتي عن أفكاري وما أراه من تحليل لما يدور من أحداث.
والاستقلالية تتيح للكاتب متسعا حرا كبيرا للتعبير عن آرائه دون خوف من (هبش) الحلفاء وبعض مواقفهم التي كثيرا ما تقتضي اخذها في الاعتبار حفاظا على تحالفات بائسة لم تثمر.

فى هذه الاستقلالية لى ثوابت لا تتزحزح فانحيازى لوطنى وامنه وسلامته وجيشه والمقاومة الشعبية ثوابت untouchable. ولذلك فأنا لست مستقلا عن وطنى وشعبي وقواته المسلحة. ومن لا تعجبه استقلاليتي بهذا المفهوم فليشرب من البحر!

اتناول في هذا المقال لاءات الرئيس الثلاث.

حسم الرئيس برهان توجهات الدولة في الحرب الحالية وما بعدها بلاءات ثلاث وضعت حدا للجدل الدائر حول مآلات الصراع الدامي الذي يدور حاليا.
سيجد القحاتة والمرجفون في المدينة وآخرون لا تعلموهم الله يعلمهم، حسما ما كانوا يرغبون فيه خاصة وقد قطعت اللاءات حبل الأراجيف و(تسريبات) المفاوضات وما إلى ذلك من أباطيل ظلوا ينظمونها ليل نهار.
أخطر ما في اللاءات،  الثقة المفرطة التى تحدث بها الرئيس للشعب. و قد كان ذلك حديث رئيس تأكد من انتصاره وانتصار شعبه وجيشه على غزو أجنبى فعل الأفاعيل لهدم الدولة وتدميرها.
أهمية اللاءات تأتي ايضا من تأكيدها أن لا عودة للوراء خاصة حكم (الاوكلوقراطية ochlocracy) التى حكمت البلاد بعد اسقاط نظام الجنرال البشير والذى طالته هو ايضا اللاءات بأن لا عودة له.
إذا فقد وجه الرئيس النداء صراحة للجميع للبحث عن طريق آخر. طريق يعيد للبلاد استقرارها السياسي بعد انتهاء الحرب وان لا مكان لاوكلوقراطية اخري. وهذا يعنى ان على الاحزاب خاصة (الفشنك) منها والتى تملأ الدنيا ضجيجا وتتوسل بالاجنبي للعودة للسلطة ان لا طريق لها سوى الانتخابات.

وحقيقة اكثر ما يحير في أمر السودان هذا ان بعض الاحزاب (الفشنك) التى تملأ الدنيا صخبا وضجيجا بالديمقراطية والحكم المدني ترفض الانتخابات من حيث المبدأ! هذه (غلوتية) ونفاق مفضوحان لا أجد لهما مثيلا في التاريخ على الإطلاق! كيف تطالب هذه الأحزاب (الفشنك) بالديمقراطية وترفضها في ذات الوقت! سيجد القارىء في اعلاناتهم وبياناتهم الكثير عن الفترة الانتقالية – التى يسعون لجرها لتكون عشرة اعواما حسوما – اما الانتخابات (يطرشم)!
وبما اننا نعلم من مبادىء العلوم السياسية ان الدكتاتورية هى الحكم بدون تفويض شعبي، فواقع الحال يقول إن هذه الأحزاب (الفشنك) تسعى باسم الانتقال لإقامة ديكتاتورية مدنية كاملة الدسم لأن لا أحد فوضها لتحكم. وطالما هي تسعى لتحكم دون تفويض فهي بدون شك أحزاب دكتاتورية كاملة الدسم ( وقد كان الانسان اكثر شيء جدلا) الآية.

تذكرت مقولة لأحد الفلاسفة عرف (بتشديد الراء) فيها السياسة بأنها ” الجرأة على الكذب”! ربما كان ذلك الفيلسوف في ذلك الزمان الغابر “قحاتيا” سابقا لأوانه!

ما يمكن استنتاجه من لاءات الرئيس وبعد أن قام بطواف متكرر وزيارات لا يمكن حصرها لمواقع مختلفة وأماكن عديدة ولقاءات مباشرة مع المواطنين والاستماع لهم تأكده تماما من الوجهة التى يتوجب عليه السير فيها.

ويحمد للرئيس جلوسه إلى المواطنين وتناول الطعام والإفطارات معهم والاستماع لهم، ولا أعرف رئيسا في العالم يتعامل مع شعبه بتلك البساطة والأريحية.

هذه الممارسة قادت لعلاقة مباشرة بين الرئيس وبين الشعب وأصبح يتمتع بتأييد غير مسبوق وهو يخوض حربا شعواء للدفاع عن البلاد.
(والحرب الشعواء هي الحرب العنيفة التى تأتي من كل الاتجاهات، وشجرة شعواء ذات أفرع كثيرة).
إن التلاحم القوي الحالي بين الشعب والجيش والرئيس يؤكد اننا لا محالة منتصرين شاء من شاء وأبى من أبى.

ولمن لا يدري أو من في قلبه مرض أن هذه الوحدة الوطنية القوية حاليا هى مصدر اللاءات التى أعلنها الرئيس.

أسقطت اللاءات أحلام جماعة الاوكلوقراطية وحولتها إلى احلام زلوط. فالجماعة لم يتركوا طائرة لم يضربوا كبدها في تسفار لم ينقطع بحثا عن عودة للحكم فوق حصان الأجنبي، وما دروا أن العالم مع المتتصر دائما بحثا عن مصالحه، تلك هي حقائق التاريخ البعيد والقريب ودونهم ما حدث في افغانستان لمن أراد منهم أن يعتبر.
وفيما نعلم يدور الكثير في الخفاء ومصير مظلم ينتظر الكثيرين وتذرع حزب الأمة بالاصلاحات يبنيء بالكثير. لقد حان وقت ” انج سعد فقد هلك سعيد”.
ختاما فإن لاءات الرئيس تضع الجميع أمام تحديات جسام، فالقادم جديد (كرت). فقط أصحاب الأفكار و الرؤى الجديدة هم من سيكسبون.
فبعد هذه الحرب لن يقبل الشعب بالأفكار القديمة والوجوه القديمة والقوالب القديمة ذلك هو معنى لاءات الرئيس، فمن لم تغيره هذه الحرب والقتل والمآسي التي تسببت فيها المليشيا للشعب؛ لن يتغير أبدا وستجرفه قوى التاريخ كما جرفت في السابق قوى كثيرة.

هذه الأرض لنا

بورتسودان
١٢ ابريل ٢٠٢٤

 

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق