مقالات

التفاوض .. مع من ؟

ما وراء الخبر

محمد وداعة:

*بالرغم من النفاق الغربى ، الا انه لم يستطع تجاهل الفظائع التى ارتكبتها المليشيا المتمردة فى دارفور و الخرطوم*
*تضاءلت احلام القوات المتمردة فى احداث اختراق فى الحرب ضد الدولة السودانية و الجيش الوطنى*
*الاولوية الان وقف الحرب و انهاءها بما يتفق مع صريح القانون ، و ضمان استعادة المنهوبات و المسروقات و جبر الضرر*
*لا جدوى لاى عملية سياسية الا بعد وقف اطلاق النار ودمج او تسريح ما تبقى من القوات المتمردة وفقآ للقانون*

فجأة و بعد خمول امتد لخمسة اشهر، دبت الحياة فى المبادرات العديدة لايقاف الحرب ، تحرك الاتحاد الافريقى و الايقاد ، و الاتحاد الاروبى ، وجدة و توسيعها ، و مبادرات متنوعة لتوحيد القوى المدنية ، و جبهة عريضة لايقاف الحرب .. الخ ، هذا التدافع المدفوع الأجر لا يحتاج لتفسير ، ومع ذلك فما الجديد الذى حرك كل هؤلاء دفعة واحدة ؟، و لماذا كان السكون طيلة الفترة الماضية ؟ انتهاكات قوات الدعم السريع لم تتوقف ، و احتلالهم لبيوت المواطنين لم ينته ، و تخريبهم للمرافق المدنية على حاله ، اعتقال المدنيين وقتلهم و التنكيل بهم كما هو ، و ترتكب المليشيا المتمردة جرائم حرب جديدة باستهداف المدنيين بالقصف العشوائى ، مع استمرار التهجير و نهب ما تبقى فى بيوت المواطنين و الأسواق والمصانع ومرافق الدولة، فما الذى تغير ؟
فشل المخطط الانقلابى ، و فشلت الحرب فى الاستيلاء على السلطة ، و تهاوت كل الشعارات المضللة لاستعادة التحول الديمقراطى، وانهارت كل طموحات واجهات المليشيا و حلفائها فى تبرير الجرائم والانتهاكات الموثقة التى ارتكبتها ، و توالى الإدانات الدولية لأفعالها ، ووصف ما قامت به مليشيا الدعم السريع في دارفور بأنه يحمل كل سمات الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ، فبعد العقوبات التى فرضتها الخزانة الامريكية على عبد الرحيم دقلو وعبد الرحمن جمعة.

قالت الحكومة البريطانية فى 18 اكتوبر الجارى (إن مليشيا الدعم السريع والمليشات المتحالفة معها أرتكبت أبادة جماعية في إقليم دارفور، وذلك بعد توثيق 89 أعتداء وحريق ) ، و جاء فى تقرير نشرته هيئة الاذاعة البريطانية ان الفريق الحكومى توصل الى ان ما يحدث في دارفور هو أن الأبرياء يتعرضون للهجوم من قبل الميليشيات، وخاصة من قبل قوات الدعم السريع ، ويتم مطاردتهم من منازلهم وقتلهم ، ويتم اغتصاب النساء ومهاجمتهن ، وإحراق المنازل ، وتدمير المحاصيل والماشية) ،
بالرغم من النفاق الغربى ، و كيله بمكيالين وفقآ لمصالحه ، إلا أنه لم يستطع تجاهل الفظائع التى ارتكبتها المليشيا المتمردة فى دارفور، بينما غض الطرف عن تدمير وإحراق الخرطوم ونهبها و تهجير سكانها ، و مع ذلك فهى خطوة مهمة فى إدانة ما جرى فى دارفور ، و بينما جاءت إدانة الخارجية الأمريكية لقوات الدعم السريع بتعمد قصف المدنيين ، اعلنت لجنة رصد انتهاكات و جرائم الدعم السريع انها فتحت ما يزيد على ستة آلاف بلاغ و دعوى من مواطنين سودانيين ضد الدعم السريع ، بما فى ذلك بلاغات عن الاختفاء القسرى و الاغتصابات.
تعالت اصوات عاقلة من قيادات أهلية وقبلية تعتبر حواضن لقوات الدعم السريع المحلولة ، أدانت اعمال السلب و النهب و الاغتصاب التى مارستها هذه القوات ، واستنكرت إنشاء اسواق للمنهوبات فى مناطقها ، و طالبت بمنع هذه الاسواق وحصر واستلام هذه المسروقات تمهيدا لاعادتها لأصحابها، وحملت المسؤولية فى تشجيع هذه الأعمال إلى أسماء معروفة ودعت إلى محاسبتها، و حذرت من مغبة الاقتتال الأهلى ، خاصة ما يدور من قتال بين السلامات و بنى هلبة من جهة ، و بين المسيرية و الرزيقات من جهة اخرى ، وسط تحذيرات من فناء شباب هذه القبائل و تزايد ملحوظ لاعداد القتلى نتيجة احتراب داخل مكوناتها المجندة فى قوات الدعم السريع ، و فشل كل المحاولات لاحتواءها، تضاءلت احلام القوات المتمردة فى احداث اختراق فى الحرب ضد الدولة السودانية والجيش الوطنى ، فبينما تتراجع قدرات المليشيا العسكرية و تتناقص اعدادها ، تزداد قوة الجيش السودانى افرادآ وعتادآ ، و يحظى بتأييد واسع و مساندة غير مسبوقة من الشعب السوداني.

فشلت محاولات عديدة لإحياء منبر جدة ، بعد تعنت مليشيا الدعم السريع و رفضها لتنفيذ إعلان جدة ، واهم بنوده المتمثلة بإخلاء بيوت المواطنين و المستشفيات و الخروج من المرافق الخدمية ، وبعد خمسة أشهر فإن مفاوضات جدة لا يمكن أن تستأنف من حيث توقفت ، فمنذ مايو الماضى ارتكبت المليشيا المحلولة انتهاكات وجرائم إضافية مخالفة للاتفاق و للقانون الدولى ، وتم حلها و الغاء قانونها ، واصبحت ملاحقة قانونيا ،و تعرضت لادانات وعقوبات دولية ، و اجماع شعبى على رفض وجودها فى مستقبل البلاد ، وتأكيد على انهاءها سلمآ او حربآ ، مع توافق مجموعات سياسية و مدنية على عدم جدوى اى عملية سياسية الا بعد وقف اطلاق النار بدمج او تسريح ما تبقى من القوات المتمردة وفقآ للقانون ، و محاسبة المتورطين فى الانقلاب و الحرب ،
الأولوية الان هى وقف الحرب و انهائها بما يتفق و صريح القانون ، مع ضمان استعادة المنهوبات و المسروقات ، و معاقبة القوات المتمردة على الجرائم و الانتهاكات التى ارتكبتها، ولذلك فلا معنى لأي مبادرة أو عملية سياسية لا تضع حقوق الشعب السودانى فى مقدمة اجندتها ، وهذا لا يتحقق الا بوقف الحرب و الإجراءات القانونية المصاحبة.

الشعب السودانى صاحب المصلحة فى إنهاء الحرب لن يقبل أي عملية سياسية لا ترد له حقوقه المنهوبة وكرامته المهدورة ودمه المسفوك، لا توجد إمكانية لإعادة الأوضاع لما كانت عليه قبل يوم 15 أبريل.

20 أكتوبر 2023م

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق