مقالات

الجبهة المدنية.. جبهة أم صفقة ؟

ما وراء الخبر

محمد وداعة:

البناء التنظيمى الحالى و الهيكلى فيما بعد منحاز لمنظات المجتمع الدنى ، خصمآ على دور القوى السياسية

الجبهة المدنية تكريس للانقسام السياسى و المجتمعى تجاه الحرب و تجاه العملية السياسية

المطلوب جهة تدافع عن الشعب السودانى و تتعهد برد حقوقه و استعادة امنه وكرامته

بتاريخ 27 أبريل 2023م، أعلنت عدد من القوى المدنية السودانية، عن تأسيس جبهة لإيقاف الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع من أجل استعادة مسار الانتقال المدني الديمقراطي ، وقالت القوى المدنية المؤسسة لـ – الجبهة المدنية لإيقاف الحرب واستعادة الديمقراطية، في بيان مشترك (بناء على الواقع الجديد الذي أنتجته حرب الخامس عشر من أبريل وتداعياتها، فقد توافقنا على الإعلان والعمل من خلال الجبهة المدنية لإيقاف الحرب واستعادة الديمقراطية من أجل العمل على إيقاف الحرب فورا.. والعمل على استعادة مسار الانتقال المدني الديمقراطي الشامل )، وأكد البيان أهمية الخروج الكامل للمؤسسة العسكرية من الحياة السياسية والاقتصادية، والإصلاح الأمني والعسكري، وبما يقود لجيش مهني موحد ، كما نوهت القوى المدنية بأن الهدف الخفي والنهائي للحرب الجارية هو عسكرة الحياة في بلادنا، والقضاء على جذور وبذور الحياة المدنية والحكم المدني الديمقراطي.

منذ تاريخ تأسيسها فى أبريل 2023م، لم تقدم هذه الجبهة أى رؤية لكيفية إيقاف الحرب، ولا الطريقة والآليات التي ستعتمد عليها فى الوصول لذلك الهدف، و هل حقيقة تمتلك هذه الجبهة أي أوراق لفرض رؤيتها و إرغام (الطرفين ) على إيقاف الحرب؟.

اطلعت على قائمة بأسماء و صفات عضوية اللجنة التحضيرية لاجتماع الجبهة المدنية ،لجنة تحضيرية من 97 عضوآ ، منهم 17 عضوا يمثلون قوى سياسية وحركات مسلحة، بينهم 7 يمثلون مجموعة المركزي، 13 يمثلون النقابات ( الافتراضية ) ، 7لجان مقاومة ، 53 يمثلون منظمات مجتمع مدنى ومستقلين و مسؤولين سابقين فى الحكومة الانتقالية.

و بغض الطرف عن الاختلاف الجوهرى بين النسختين العربية والانجليزية، فإن القائمة (النسختين) هى حاصل جمع لنشاط مجموعات انتظمت فى دستور تسييرية المحامين والاتفاق الإطاري  ومجموعة مبادرات، وحاليا تحت مسمى الجبهة المدنية.

غابت بعض الأسماء لاعتذارات سابقة و أضيفت أسماء جديدة لم يسمع بها أحد من قبل ولم يعرف لها نشاط سياسي أو مجتمعي ومع تأكيد الاحترام للأسماء والشخصيات التي وردت إلا أنها لن تستطيع ان تتجاوز المشروع المصمم مسبقآ لأسباب معلومة.

وخلت القائمة من لاعبين رئيسيين فى مقدمتهم الأستاذ كمال عمر والأستاذ إبراهيم الميرغني وغابت من المبادرات (مبادرة جامعة الخرطوم، أساتذة الجامعات ومجموعة المزرعة)، ليأتى البناء التنظيمى الحالي والهيكلى فيما بعد منحازا لمنظات المجتمع المدني، خصما على دور القوى السياسية، وهو مسار سيعقد الأزمة السياسية في نهاية المطاف، ويهمش الشرعية المحدودة لبعض المكونات استنادا على الوثيقة الدستورية 2019م لحساب (توليف) شرعية المنظمات الوافدة،
ربما كان الأفضل لهذه المكونات أن تفعل ما هو متاح و مطلوب، كان ممكنا أن تعمل هذه المكونات على مسارات العمل الإنساني والإغاثة، ورصد الانتهاكات وتوثيقها ، ورصد الخسائر فى الأرواح والممتلكات، والعمل على رتق النسيج الاجتماعي وإزالة الغبن والغضب من غالبية السودانيين ، وكان ممكنا عقد ورش للنظر فى مرحلة ما بعد الحرب، وكيفية تعويض الضحايا وجبر الضرر وإعادة بناء ما دمرته الحرب ، مثلما هو ممكن وضع تصور لاستعادة المنهوبات والمسروقات والممتلكات الخاصة والعامة خاصة ما يتعلق بإرث الشعب السوداني الثقافي والتاريخي من آثار و مخطوطات ووثائق و معالجة الآثار النفسية والاجتماعية للحرب، هذا هو دور منظمات المجتمع المدني عرفا وقانونا.

الجبهة المدنية هي مشروع خاص بمن يبحثون عن شرعية (هجين) تتخذ من مجموعة الاتفاق الإطاري مظلة لتمرير أجندة تقف خلفها دول ومنظمات أجنبية، وهي محاولة لتكريس الانقسام السياسى والمجتمعى تجاه الحرب وتجاه العملية السياسية وكيفية استئنافها وفقا لمبدأ استعادة الأمن استنادا للشرعية القانونية، وإعادة بناء مؤسسات الدولة وإقامة الجيش المهني القومي الواحد، وهذا لن يتحقق إلا بالتوافق على شرعية ومصدر للتشريع بالضرورة لا يقصى أحدا.

الجبهة المدنية لإيقاف الحرب و استعادة المسار الديمقراطى لا توفر هذه الفرصة ، وفاقد الشيئ لا يعطيه، المطلوب جهة تدافع عن الشعب السوداني وتتعهد برد حقوقه وأمنه و استعادة كرامته.

21 أكتوبر 2023م

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق