إخلاص نمر:
احتفل العالم يوم الأربعاء الخامس من يونيو2024 ، باليوم العالمي للبيئة، تحت شعار(استعادة الاراضي، ومكافحة التصحر، وتعزيز القدرة على التكيف مع الجفاف ، وتمر هذا العام الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إذ تستعد عاصمة المملكة العربيه السعودية، مدينة الرياض، لعقد الدورة السادسة عشر، لمؤتمر الأطراف (COP16) لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر(UNCCD) في ديسمبر من العام الحالي.
يعتبر اليوم العالمي للبيئة، بمثابة منصة بيئية عالمية، لنشر الوعي بالبيئة والحفاظ عليها، فالنداء العالمي، لحماية النظم البيئية، هو مايقود فعلا إلى تحقيق أهداف وركائز التنمية المستدامة، ويظهر ذلك عقد الأمم المتحدة، لاستعادة النظم البيئية 2021-2030،الذي يدعو لتكثيف الجهود، حول استعادة الاراضي، ووفقا لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، نجد أن 40٪ من اراضي الكوكب، في حالة تدهور واضح، الأمر الذي سيقود بمرور الوقت الى أثر ملحوظ على نصف سكان الكوكب، إضافة لازدياد معدلات الجفاف بنسبة 29%منذ العام 2000،ماينبئ بالخطر القادم، الذي يحدق بثلاثة ارباع سكان العالم، بحلول عام 2050.
للأرض أهميتها وقيمتها، فهي مصدر الغذاء والمأوى ،واي خسارة فيها تجعل من يعيش على سطحها، في مأساة انسانية ربما تستمر عقودا، فاليوم ونحن نستعيد ذكرى اعلان اليوم العالمي للبيئة في العام 1973،تتجدد اوجاعنا التي لاتنام، بسبب الحرب في السودان، والتي دفعت بالنظم البيئية إلى التردي والهلاك، تحت قصف الرصاص ، الذي أصبح وأمسى وبات، يهدد التنوع البيولوجي في وطني،فدفع المواطنين الى النزوح، والتمركز في مناطق بعينها، بحثا عن الأمان من الرصاص بجانب الأمان البيئ، والمياه والغذاء، الأمر الذي تسبب في ضغط حاد وقاس على الموارد، ليرتفع مؤشر الضغط كلما زاد النزوح، وهو ذات النزوح الذي شكل هجوما قاسيا على الغابات والأشجار، التي كانت تعاني مسبقا من ضغط مناخي حاد، فقد على اثره السودان العديد منها، تحت دواعي استخدام السكان، الحطب وانعدام غاز الطبخ في ظل الحرب الممتدة الان، ورغم قلة مايتم طبخه على الحطب وسط الرصاص، الا ان القطع مازال جاريا وجائرا، فالسكان في وطني يعانون من إنعدام الأمن الغذائي بنسبة عالية جدا، يكاد يفقد معها المرء عقله.
إن انطلاق الآبخرة والدخان مؤخرا من بنية مصفاة البترول في شمال العاصمة الخرطوم، زاد من هول البيئة ومأساتها، بجانب تدمير محطات إمداد المياه والصرف الصحي، وزيادة تراكم النفايات على اختلاف انواعها واحجامها وتنوعها، مع انتشار جثث الحيوانات التي لم تسلم من الرصاص، أو الجوع ،والأخير دفعها دفعا لالتهام الجثث الادمية المنتشرة على طرقات وحواف وازقة الخرطوم، كل هذا دفع أثر تدمير البيئه إلى أعلى مستوى، وزاد كذلك من مخاطر الأثرالبيئ المستقبلي في العاصمه الخرطوم .
السودان كغيره من الدول الأفريقية، يعاني من التغير المناخي، فلقد أشار مركز التنبؤات والتطبيقات المناخيه (اكباك) ، التابع للهيئة الحكوميه المعنيه بالتنميه (الإيقاد) والذي عقد منتداه رقم 67 في مدينة جوبا،عاصمة دولة جنوب السودان، إلى أن التوقعات الموسميه للفترة من يونيو – سبتمبر 2024، أشار إلى زيادة هطول الأمطار، فوق المعدل الطبيعي في كل من جيبوتي ارتريا وغرب ساحل كينيا، ووسط وشمال أفريقيا، والسودان وجنوب السودان ،مع جفاف في أجزاء من شمال السودان. لذلك نجد أن التغير المناخي له بصمة لاتخطئها العين في السودان، تتمثل في قلة الإنتاج الزراعي، خاصة في المناطق التي شهدت قديما صراع وقتال متكرر، شمل الصراع على الموارد الطبيعية، ما أدى لخفض الإنتاج الزراعي، بل إنعدامه في بعض المناطق الملتهبه، فأصبحت ملكية الاراضي هي المحور الأساسي، لتجدد وتمدد الصراع دون عطاء يذكر، يسد الفجوة الغذائية،، استمر ذلك في ظل الحرب الان بل زاد الأمر تعقيدا، فقدان الاراضي تماما ومصادر المياه.
ولاننسى فيضان عام 2021، الذي أضر بالتربة ضررا كاملا وفقد فيه
الرعاة حيواناتهم التي كانت تشكل مصدر الدخل الوحيد، ببيع لبنها ولحمها وجلدها في الأسواق المحلية والإقليمية، ومصدر الاكتفاء الذاتي المنزلي، الان ينطبق الأسى والوجع وبواطن ألم مستدام طالما الحرب لم تضع اوزارها بعد.
ان كلمة الامين العام للامم المتحدة غويتريش، بمناسبة اليوم العالمي للبيئة هذا العام، والتي قال فيها ( ان الانسانية تعتمد على خيرات الأرض، ومع ذلك فهناك مزيج سام من التلوث والفوضى المناخية، وانهيار التنوع البيولوجي ، يحول الاراضي السليمة الى صحار والنظم الايكولوجية، المفعمة بالحياة إلى مناطق موات). يظهر حديث غويتريش ووصفه، الهزيمة المرة للبيئة في السودان تماما ،خيرات الأرض، لم تعد ممكنة الان، والمزيج السام من التلوث، وانهيار التنوع البيولوجي ،حول فعلا الاراضي السليمة إلى صحار، تنبت دخانا ونارا ورصاصا وجوعا وموتا بلا هوادة.