د.معاوية عبيد:
(لا تخشى من الفراق بل إخشى هوان العشرة لأن الفراق قدر وهوان العشرة إختيار ومن هانت عليه عشرتك لم يحبك أبداً)، مقولة اعجبتني كثيراُ ووقفت عندها ، عندما وقفت علي اعتاب بنك الخرطوم فرع الدامر مع احد المعاشيين، وجدتها قد انطبقت بالكاد علي معاشيي بلادي في هذا البنك و في كل البنوك .
هؤلاء النفر الذين افنوا زهرة شبابهم في خدمة الناس وخدمة الوطن ، لكن جارت عليهم الايام وهانت العشرة ، ولم نقل لهم ( تعال لعيونا بتشيلك ) ، لم تراعي الدولة ولا ابنائهم العاملين في الدولة لحالهم ، كثيرة هي المواقف التي تحزنك وانت تري رجلا كهلا أو إمرأة و هم يتوكأون علي عصاة الزمن أو حملهم ابنائهم لصرف معاشهم الذي يبلغ ملاليم لا تساوى عمر هذا الكهل و لا مشواره الذي طلع من أجله، ورغم هذا العنت و هذه المشقة يصل المعاشي الي البنك و يجد أن الشبكة طاشة، أي شبكة طاشة و اي نظام هذا ، نحن في القرن الواحد وعشرون و ابتكرت الدول أنظمة حديثة تحفظ بها كرامة المواطن ( و لقد كرمنا بني آدم ) هذه النصوص القرآنية التي نقراها يوميا و نؤمن بها لكننا للأسف لا نطبقها في حياتنا اليومية في دواوين الحكومة في معاملتنا مع بعض البعض ، يقول المصطفي صلوات ربي وسلامه عليه ( ليس منا من لا يوقر كبيرنا ولا يرحم صغيرنا ) ، لكن للأسف نجد في بلاد الاعاجم الذين لا يدينون بدين الإسلام يطبقون هذه الآيات و الأحاديث حتي مع البهائم دعك من البني آدمين.
معاشي في بنك الخرطوم رغم قلة هذا المبلغ و الذي يجب أن يصرفه عند بداية الشهر يصرفه بعد أكثر من عشرين يوما من بداية الشهر اي دخل عليه الشهر الثاني ، ويكون قد حضر البنك اكثر من مرة ، ودفع اجرة ركشة ، و يقول احدهم ان فرع البنك بمنطقتة اكثر كثافة من هذا لذلك هو مضطر يركب مواصلات ليحضر الي هنا نسبة لقلة الزحمة ، لكنه يفجأ بالشبكة ، وكما يقول الشاعر ( كلها كمها ، انطقن زمن وانطق الزمن ) . ليست شبكة البنك الطاشة ولكنها شبكتنا نحن التي تحتاج الي إعادة ضبط في تعاملنا مع الآخرين، نحتاج الي إعادة ضبط شبكة إيماننا ومراجعة أنفسنا قبل مراجعة مبلغ المعاشي الذي يغادر شباك البنك ، وقبل أن نغادر إلى الدار الآخرة
ونعتذر له عن تقصيرنا في تقديم خدمات افضل ، حتي لا نصيب كبريائه و نخدش حيائه ، نعتذر له و نعتذر للكثيرين قبل أن نلج إلى بنك الآخرة حيث الرصيد والحساب الذي ليس فيه اخطاء أو نكران ذات.
