مقالات
شرطة نهر النيل بعيون زررقاء اليمامة
عصام الحكيم:
بغض النظر عن حزمة التداعيات الكارثية الإنسانية والاجتماعية والبنيوية المدمرة لحرب الخرطوم الا انها من منظور امني فرضت معطيات ومؤشرات لتجربة عسكرية وحربية في تاريخ النزاعات والاشتباكات المسلحة بإسقاطات زمانية ومكانية مستحدثة افرزت واقع عملياتي عسكري وحربي بنتائج وموازنات مفاجئة وسيناريوهات صادمة لم تكن منظورة أو مقروءة أو محتملة سواء على المديين القريب أو البعيد بالنظر للمالات الشاخصة والبائنة.
ماورد عاليه حقائق كما أشرت فرضت معطى جديدا في واقعنا و تاريخنا الأمني والعسكري لنموذج عملياتي لحرب المدن التي تورطت فيها قوات مليشية متمردة مسلحة وبإسناد عصابات إرهابية مسلحة متفلتة هيأت الخرطوم وغيرها لمشهد تكاملت فيه بشكل درامي تراجيدي كافة انماط وانساق الجرائم الجنائية الواردة في صحيفة القانون الدولي سواء اكانت جرائم حرب اوجرائم ضد الانسانية اوابادة جماعية وعدوان خارجي ضلعت فيه انظمة وعواصم لدول مجاورة في المحيط الافريقي وأخرى في المحيط الاقليمي.
ولذلك تفرض تداعيات هذه الحرب اللعينة بسيناريوهاتها الراهنة علي الأجهزة الأمنية التعاطي معها بمناهج وبرامج تدريب متطورة وجرعات إعداد القوات بتكتيكات مضادة مواكبة للنظريات والانماط الإجرامية التي اتبعتها القوات المتمردة في حربها العدوانية داخل وخارج الخرطوم ..
وهو حرفيا ما فطنت إليه قيادة الشرطة بولاية نهر النيل وهي تشرع عمليا في إعادة بناء وهيكلة قواتها ورفع قدراتها الأمنية بتأهيل مهارات وإمكانيات منسوبيها وتعزيزها وإسنادها بالعربات والآليات المتحركة المقاتلة وتزويدها بالأجهزة والمعدات ومنظومة الأسلحة المتطورة التقنية العملياتية الحديثة التي تعمل بتكنولوجيا ذكية عبر التحكم من بعد.
قيادة الشرطة بولاية نهر النيل هي أول شرطة ولائية تعلن على لسان مديرها العام اللواء حقوقي سلمان محمد الطيب إجازة ميزانية ضخمة بعد أن تبنت حكومة الولاية تخصيص ميزانية تريليونية خصما عن عائدات الذهب ستشمل تزويد قوات الشرطة باليات وتقنيات تتضمن استجلاب نحو 20 طائرة مسيرة.
والواقع أن الشرطة بنهر النيل دفعت بأول قوة شرطية متخرجة من نوعها لولاية الخرطوم بقدرات ومهارات وتكتيكات احترافية متخصصة في حرب المدن ومجابهة كافة الأخطار المحتملة ومداهمة العصابات الإرهابية والمتمردة والمتفلتة واقتحام الأعيان المدنية وتحرير الرهائن عبر تشكيلات متنوعة من القوة بمهام عملياتية تتعلق بالمداهمة والاقتحام والإسناد والقطع والتأمين لها القدرة على العمل في المواقع المكشوفة والموانع الطبيعية وخلف السواتر الصناعية المختلفة وفق قواعد الاشتباك المزدوج بنوعيه المسلح والأعزل هذا فضلا عن تمكينها من أفضل وأقوى الطرق والأساليب الأمنية لعمليات تفتيش متحركات القوات الإرهابية والإجرامية في الارتكازات والمعابر ونقاط التفتيش على الطرق البرية والخلوية باستخدام أحدث الأسلحة والتقنيات والأجهزة الكاشفة.
ومن باب الحق والإحقاق أن نورد ما نقل علي لسان مدير الشرطة بالولاية تلقت إشادتين في أقل من وزارة الداخلية ومثلها إشادات مماثلة متكررة من رئاسة الإشراف على القطاع الشمالي ووالي نهر النيل نظير جودة وتميز الأداء ويقظة وكفاءة واقتدار الوحدات الشرطية المختلفة بولاية نهر النيل علي ضوء إحكامها السيطرة الكاملة على مداخل ومخارج الولاية وفرضها للأمن والاستقرار وخفض معدلات الجريمة علاوة على الاحصائية القياسية التي حققتها مؤخرا. في حجم الضبطيات وحسم التفلتات واحباطها لمحططات ضرب أمن الولاية متسللين من عناصر مليشيا الدعم السريع بالتنسيق مع الأجهزة النظامية الأخرى.
ولعل من نافلة القول ذكر أن ولاية نهر النيل هي ولاية عبور وارتكاز من حيث الثقل الأمني وهي بذلك تشكل العمق الاستراتيجي للعاصمة الاتحادية الخرطوم والجدار الواقي الحصين لها من الجبهة الشمالية ولذلك تتعاظم مسؤولية الحفاظ على أمنها واستقرارها لتعزيز الأمن والطمأنينة العامة بولاية الخرطوم على طول امتداد الحدود بين الولايتين لشطري نهر النيل شرقا وغربا وهذا مايفسر بشكل أو بآخر تصدر الولاية المشهد حال نشوب الحرب بالخرطوم كواحدة من أكبر الحواضن الاجتماعية الآمنة والملاذات البديلة وخيرات النزوح المفضلة لسكان ولاية الخرطوم في ظل إفرازات الوضع الأمني المروع بالعاصمة.