د.معاوية عبيد:
من أقوال ديكارت الشهيرة ( لا تثق بالبدايات، فأصدق الكلام يقال في اللحظة الأخيرة ) .
من القصص ذات الحكمة و الدلالة التي تجعلك تفكر كثيراً قبل الخوض في اي أمر دون أن تعرف نتائجه تقول القصة : ( ذهب سائح إلى المكسيك فامتدح الصيادين المَحليين في جودة أسماكهم ثُمَّ سألهم : كم تحتاجون من الوقت لاصطيادها ؟
فأجابه الصيادون بصوتٍ واحد : ” ليس وقتا طويلاً ”
فسألهم : لماذا لا تقضون وقتاً أطول وتصطادون أكثر فأوضح الصيّادون أن صيدهم القليل يكفي حاجتهم وحاجة عوائلهم
فسألهم : ولكن ماذا تفعلون في بقية أوقاتكم ؟
أجابوا : ننام إلي وقت متأخر .. نصطاد قليلاً … نلعب مع ، أطفالنا .. ونأكل مع زوجاتنا ، وفي المساء نزور أصدقاءنا ..نلهو ونضحك و نردد بعض الاهازيج .
قال السائح مقاطعاً : لدى ماجستير في إدارة الأعمال من جامعة هارفرد وبأمكاني مساعدتكم ( عليكم أن تبدؤوا الصيد لفترات طويلة كل يوم .. ومن ثم تبيعون السَّمك الإضافي بعائد أكبر و تشترون قارب صيد أكبر . سألوه : ثم ماذا ؟
أجاب : مع القارب الكبير والنقود الإضافية تستطيعون شراء قارب ثاني وثالث وهكذا حتّى يصبح ، لديكم أسطول سفن صيد متكامل بدل أن تبيعوا صيدكم لوسيط ، ستتفاوضون مباشرة مع المصانع ، وربما أيضاً ستفتحون مصنعاً خاصاً بكم ، و سيكون بإمكانكم مغادرة هذه القرية وتنتقلون لمكسيكو العاصمة، أو لوس أنجلوس أو حتى نيويورك ومن هناك سيكون بإمكانكم مباشرة مشاريعكم العملاقة.
سأل الصيادون السائح كم من الوقت سنحتاج لتحقيق هذا ؟ أجاب : حوالي عشرين أو ربما خمسة وعشرين سنة . فسألوه وماذا بعد ذلك ؟ أجاب مبتسماً : عندما تكبر تجارتكم سوف تقومون بالمضاربة في الأسهم وتربحون الملايين . سألوه في دهشة الملايين ! حقاً ؟ أجاب ، بعد ذلك يمكنكم أن تتقاعدوا وتعيشوا وتعيشوا بهدوء في قرية على الساحل تنامون إلى وقت متأخر و تلعبون مع أطفالكم وتأكلون مع زوجاتكم و تقضون الليالي في الاستمتاع مع الأصدقاء . أجاب الصيادون مع كامل الاحترام والتقدير ، ولكن هذا بالضبط ما نفعله الآن ، إذاً ما هو المنطق الذي من أجله نضيع خمسة وعشرين سنة نقضيها شقاءً ؟
همسة :
انتو يا اخوانا الناس الشابكننا الكيزان اكلوا قروشوكم ودخلوها البنوك ، وهي ملياااااارات كتيييرة ، حنستردها ليكم ونجعل السودان بيها جنة وبقية القروش اي واحد يشيل مليااااارات يتشرشح بيها ….الناس ديل مشوا وين ؟ والمليارات وينها ذاتها ؟
همسة للناس الكبروها :
كان خليتونا في حالنا زي الصيادين ديل مش كان اخير لينا … هسع لا لمينا في سمكنا الزماااان داك و لا لمينا في مركبكم الكبير و استثماراتكم القلتوها و لا لمينا فيكم و لا لمينا في السودان …
بل تذكرنا اللحظة الاخيرة حيتفرتق طوبة طوبة …
همسة ثالثة :
اسمع كلام بيبكيك ما تسمع كلام بيضحكك .
حكمة :
كثيراً منا ما يستنزف طاقته وكل قواه لأجل ترف زائل، يظن أن هذا الترف الذي استنفذ قواه سيمنحة السعادة و ما عسي أن تبلغ قيمة السعادة التي تأتي وقد خفقت علي رؤوسنا أجنحة الموت .