مقالات

استعادة البصمة في السجل المدني خطوة استراتيجية لتعزيز الهوية الوطنية وتطوير الخدمات

د.صلاح عمر الطيب:

استعادة البصمة في برنامج السجل المدني السوداني، خبر قصير ضجّت به الأسافير اليوم، لكنه يحمل في طيّاته دلالات كبيرة. فما معنى هذا الإنجاز؟ وما أهمية البصمة واستعادتها؟
استعادة البصمة تعني إعادة كل بيانات المسجلين في السجل المدني منذ بدء عملية التسجيل في عام 2011، بعد جهد شاق قامت به فرق التسجيل التي جابت كل بقاع السودان وسجلت معظم السودانيين. لولا هذا الجهد الكبير، لذهبت كل معلومات تلك السنوات سدى، ولكنها تُوِّجت اليوم بهذا النجاح المهم: استعادة البصمة.
البرنامج أساسًا يعتمد على البصمة، باعتبارها سمة فريدة لا تتكرر بين شخص وآخر. فبعد تسجيل بيانات الفرد، تُربط بصمته بملفه، وبذلك تكتمل منظومة بياناته، التي تشمل: تاريخ ومكان الميلاد، اسمه، اسم والده ووالدته، مؤهله العلمي، عمله، حالته الاجتماعية (زواج، طلاق)، وحتى تاريخ وفاته لاحقًا.
كل هذه البيانات تُخزّن في السجل المدني، ويمكن الوصول إليها في لحظات. وهذا يمكّن الدولة من الحصول على إحصاءات دقيقة حول عدد السكان، أعمارهم، مؤهلاتهم، أعمالهم، وعدد المتزوجين والمطلقين، ما يُسهم في بناء الخطط التنموية بصورة واقعية. كما يُستخدم البرنامج في التعداد السكاني، تحديد النشاطات الاقتصادية، والمشاركة في الانتخابات وفق قانونها، لتحديد من يحق له التصويت.
هذا الإنجاز هو الأساس لاستخراج البطاقة القومية، وهي الوثيقة الرسمية لإثبات الهوية السودانية، والمعترف بها في المعاملات البنكية وغيرها. كما أن استعادة البيانات تُعد مراجعة شاملة للسجل المدني، تُصحح فيها المعلومات وفق المستندات الرسمية:
تاريخ الميلاد يستند إلى شهادة ميلاد.
اسم الأب يُثبَت بالرقم الوطني.
المؤهل العلمي بمستند من وزارة التعليم العالي.
العمل بوثيقة من جهة التوظيف.
الزواج والطلاق بوثائق رسمية (قسيمة زواج أو طلاق).
وأصحاب المهن والحرف يجب أن يُثبتوا مهنتهم بوثيقة من الجهة المختصة.
بالتالي، السجل المدني ليس مجرد تسجيل بيانات، بل هو مشروع دولة، تشارك فيه كل أجهزتها عبر تقديم معلومات ومستندات تثبت أن كل سوداني يحمل مستندًا رسميًا يبرهن على ما ورد في سجله.
وبناءً على ما سبق، يحق لنا أن نحتفل بهذا الإنجاز الوطني، كما نحتفل بتحرير الأرض من دنس المليشيات. فالدولة تُعرّف بأنها: أرض، وشعب، وسلطة. واليوم تأكدنا من الشعب، ومن بياناته.
الشكر لله أولًا وآخرًا، ثم لشباب السجل المدني وقيادته، ولرئاسة الشرطة، وللشعب السوداني الصابر.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق