مقالاتمنوعات وفنون

عاشق البكور .. ونجمة الأسحار ..

كمال الدين جبرالله محمد علي:

(معاذ ابدقن) . هكذا ينطق بها أهل الحصايا النقطة بشارع الجيش . المحطة التي لمع وتلألأ فيها نجمه الأخاذ . وهو معاذ محمد أحمد أبودقن وما أدراك ما معاذ .. كان منذ الصغر إستثنائيا ومرحا .. يمشي بين الناس ودودا وهاشا باشا .. يلقي السلام لكل من يلقي بإسمه وبطريقته الجميلة في الكلام والتى لا يشابهه فيها أحد .. مشاءا الى المساجد سريع الخطو إليها كأنه يستجيب إلى قول الله تعالى ( وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) لا تستطع أن تجاريه في خطوه المبارك . ولا يتلكأ وهو مقدما ومستجيبا الى النداء الخالد ( حي الصلاة حي على الفلاح ) المهمة سامية والعبادة جليلة وهمته لا تلين تبارك الله أحسن الخالقين .
كان له وردا ونذرا قطعه على نفسه، وهو أن يصلي الصبح كل يوم في مسجد من مساجد عطبرة وله جدول أسبوعي ينظم ذلك الدوام الذي يداوم عليه دون إنقطاع . فيقول لك وهو يضحك أن السبت صلاة الصبح بمسجد عباس والأحد بمسجد الشرقي والاتنين بمسجد المطبعجي والثلاثاء وهكذا .. يذكر لك هذا الورد المورود والنذر الخالص لمرضاة الله وهو يغمض عينيه البريئتين ويفتحهما أثناء الحديث . لا تعرف كيف تقابل هذا العزم والهمة التي لا يقدر عليها الا معاذ رحمه الله واكرم نزله . فمن منا يصلى الصبح في المسجد دعك أن تكون صلاة الصبح موزعة على مساجد عطبرة لله درك يا معاذ وأي سر بينك وبين الله .. ويختم جدوله بالصلاة في المسجد الكبير ليعيد الكرة . يحفظ آيات القرءان ويصحح الإمام إذا سهى ويداوم على نظافة المسجد ويملأ الازيار.

كان طريفا مسالما وبريئا يحمل كراسته العجيبة التي يجمع فيها الأسماء يجدنا في ركن بخيت على الخير رحمه الله .. نتسامر فيجلس دون أن يشاركنا سمرنا وعندما يسود الصمت يقول بصوته الحبيب ( ولد بحرف الباء بنت .. بحرف الفاء ) . فيدير الدفة ويجعلنا نجتهد في ان نأتي بالاسم فيضحك مكتوب مكتوب . طيب ولد بحرف الكاف تستغرب عندما تجيب لتجد كل الأسماء مدونة لدى كراسته الجميلة . وتفرح ونطير من الفرح وتحس بالانتصار عندما يبتسم ويفتح الصفحة ليسجل اسمك الذي ذكرت لانه غير مسجل ( زي الجبت قون في الدافوري ) . يا لها من أيام ويا له من زمان . تصعب الكتابة عن معاذ رحمه الله فهو مجذوب عاشق لله و حمامة من حمائم المساجد .. رجل ذو همة عالية ونشاط تحتار فيه .. يحب الأطفال ويمازحهم ويحبونه . يحب الروتين والنظام .. مثلا يعرف متي يذهب لفرن عوض ابكوع رحمه الله ليجلب الرغيف .. ويعرف متي يذهب الى سوق الخضار ليعمل بالمفرمة في جزارة والده رحمة الله عليه .. بل يعرف متي سيعود للبيت .. كل شي داخل السيستم .. له ساعته البايلوجية الخاصة التي لا تتأخر ولا تتقدم كل شي يتم إنجازه متى ما أراد وكيفما أراد . وداخل النظام الذي وهبه له الوهاب جل جلاله . عاشق للبكور ولنجمة الأسحار ولملاطفة الجار وللضحك مع الصغار .. الابتسامة لا تفارق محياه الجميل . نسأل الله أن يكتب كل ذلك في ميزان حسناته وأن ينزل عليه شآبيب رحمته وأن يجعل الجنة مثواه والنعيم متقلبه، فهو دون شك علم من أعلام عطبرة.

عطبرة الحصايا أبريل 2025

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق