مقالات
حفيان في زمن كلو جزم
بقلم/ منتصر محمد زكي
توطئة:
المبدع هو رجل أكثر بدائية .. أكثر تحضرا .. أكثر تدميرا .. أكثر جنونا .. وأكثر عقلانية من أي رجل عادي.
لا أدري لماذا شعرت بأنني المعني عند قرآءتي للعبارة أعلاه مكتوبة على مؤخرة ركشة دونا عن كل المارة في ذلك الشارع المزدحم .. ربما لأن العبارة إسترعت إنتباهي وشغلت حيزا من تفكيري .. أو ربما مجرد تشابه أحاسيس أي شابه إحساسي إحساس كاتبها رغم إختلافنا في تفكيك العبارة وصولا إلى مغزاها … العبارة رغم تواضعها وطرافتها لا تخلو من عمق ونظرة فلسفية لواقع إجتماعي إقتصادي .. أيضا إشتملت على إشارات رمزية عالية الكثافة والتشفير مما يجعلنا نرجح أن كاتبها إما ( شاعر ) مقهور أو ( تشكيلي ) مكسور الريشة .. (حفيان في زمن كلو جزم ) منتهى البلاغة والإيجاز .. الحكمة أحيانا تنبع من قاع الكلمات .. ومن بساطة التعابير .
ثقافة الكتابة على المركبات العامة والخاصة وقبلها الكتابة على الحوائط ( للذكرى والتاريخ والمنقا والبطيخ ) ثقافة قديمة وراسخة تجد حظها من الإنتشار والإستمرارية في بلادنا حتى الدراجات الهوائية والمواتر نالت نصيبها من الكتابة كوسيلة إعلامية فعالة … الكتابة على الحوائط تراجعت أو تكاد تكون معدومة لأسباب سياسية ولعدم فاعليتها ومحدوديتها .. أما المركبات المتحركة فهي وسيلة فعالة وواسعة الإنتشار وتعتبر الأفضل في الوصول للجمهور المستهدف (عامة الشعب) .. للمسألة أبعاد نفسية وفلسفية ودينية وتاريخية وتراثية يصعب حصرها من خلال مقالنا هذا .. فالأمر أكبر من مجرد شخبطات على المركبات بل كمية من الأحاسيس والقناعات تبحث عن متنفس لها ولا ضير إن صارت بعض المركبات سبورة نبثها بعض ما يعتمل في دواخلنا لاسيما أن بعض الشركات إنتبهت إلى أن الأوتوبيس يمكن الإستفادة منه في مجال الإعلان كوسيلة إعلانية فعالة لمنتجاتها وقليلة التكلفة في ذات الوقت فصارت بعض الأوتوبيسات أشبه بلافتات إعلانية ضخمة تجري على الأسفلت.