محمد الصادق:
أمس الأول غرد فجر ذكرى الموسيقار وفنان السودان وإفريقيا الأول الراحل محمد وردى .. مرت السنوات سراع كأنها سويعات ونحن نحى الذكرى الثانية عشر لرحيل نورس الغناء العملاق وردى . مضت السنوات ولا يزال وردى بين جموع الشعب السودانى باقيا بأناشيده وأغنياته الخالدة التى لا بتتنسى ولا بتتمحى .
الموسيقار محمد وردى هو الفنان الأكثر تأثيرا فى وجدان الشعب السودانى وقد مزج فنه بين الغناء العاطفى والوطنى والثورى . وسيظل الراحل محمد وردى مصدر إلهام للسودانيين وسيبقى خالدا فى دواخلهم شلالات وفاء ومنابع محبة ومناهل خير . ومعروف ان وردى من مواليد قرية صوارده فى أقصى شمال السودان . نشأ يتيما بعد وفاة والديه منذ وقت مبكر وبدأ حياته العملية معلما فى عدد من مدن السودان قبل إنتقاله للعاصمة الخرطوم فى أواخر خمسينيات القرن الماضى وإحترف الغناء بها وإستطاع من خلال فنه الرفيع وآداءه المميز وصوته الطروب أن يترك رصيدا ضخما من الأعمال الفنية الرائعة التى تحمل الكلمات ذات الدلالات والمعانى وتدوزنها الألحان الجميلة ومستحيله . ترك لنا وردى ثروة عظيمة من جميل الغناء ومحبة الوطن وأفرحنا عبر ( فرحة ) الفيتورى التى صاغها شعرا واجادها وردى غناءا حيث ردد الكل مع العملاق وردى .
أصبح الصبح ولا السجن
ولا السجان باق ..
وإذا الفجر جناحان يرفان عليك ..
وإذا الحزن الذى كحل هاتيك المآقى ..
والذى شد وثاقا لوثاق ..
والذى بعثرنا فى كل وادى
فرحة نابعة من كل قلبى يا بلادى .
0 وفى الذكرى الثانية عشر للعملاق وردى كلنا نذكر على سبيل المثال وليس الحصر جميل الكلمات وروائع الغناء حيث كانت سواة العاصفه وصدفه وعذبنى وتفنن والمرسال وبلى وإنجلى ويا بلادى وما تخجلى والمستحيل وخاف من الله وأبدا ما هنت يا سوداننا يوما علينا ثم الوصية للشاعر إسماعيل حسن التى أبدع وأمتع فيها وردى وكأنهما يعلمان أن الزمن غدار وكانت القصيدة الناكرة للمحبة ومخاطبة القلب .
حلفتك يا قلبى
الخانك تخونو
والناكر غرامك
أوعك يوم تصونه
زى ما أبكى عينى
بكى لي عيونو ..
0 إن الموسيقار وردى يمثل نسخة الغناء الوحيدة التى نفذت من الأسواق والعزاء الوحيد أنه رحل وبقى معنا فى كل مكان وزمان وجعلنا ننداح حبا للوطن برائعة الشاعر محجوب شريف .
حنبنيهو البنحلم بيه يوماتى
وطن شامخ … وطن عاتى ..
مكان السجن مستشفى ..
مكان المنفى كلية ..
مكان الأسرى ورديه
مكان الحسرة أغنيه
مكان الطفله عصفوره
تحلق حول نافوره ..
وطن بالفيهو نتساوى
نحلم نقرأ نتداوى ..
الموسيقار المبدع الراحل وردى . لقد جعلت الشعب يعرف كيف يعطى وينتصر من خلال رائعة محمد المكى إبراهيم وأصبحت كما قال الشاعر محجوب شريف .
تفج الدنيا ياما وتطلع من زحاما زى بدر التمام ..
تدى النخله طولها ..
والغابات طبولها ..
والأيام فصولها ..
ويبقى الوطن فى دواخل الراحل وردى الذى نحي ذكراه هو الحب والملاذ الآمن والحضن الدافئ حينما يتغنى ويقول .
وطناالبإسمك كتبنا ورطنا
أحبك مكانك صميم الفؤاد
أحبك حقيقه وأحبك مجاز
أحبك بتضحك وأحبك عبوس
بناتك عيونن صفاهن سماي
وهيبة رجالك بتسند قفاى
بحضرة جلالك يطيب الجلوس
مهذب أمامك يكون الكلام
لأنك محنك عميق الدروس
مجيد المهابة ومديد القوام
إننا مهما كتبنا وسطرنا لن نفي الراحل وردى حقه من المدح وجميل الكلام فقد كان وسيظل متربعا على عرش الغناء السودانى الإفريقى إلى ان يظهر وردى جديد يعتلى القمة ومنصات التتويج ولكنها فقط مجرد سطور وأحرف لإحياء ذكراه العظيمة العميقة وكأن لسان حاله وهو فى قبره الذى نسأل الله أن يكون روضة من رياض الجنة وهو يردد ما نظم الفيتورى حلو القصائد .
لو لحظة من وسن
تغسل عنى حزنى
تحملنى .. ترجعنى
إلى عيون وطنى .
يا وطنى ..
ألف رحمة على الموسيقار العملاق وردى الذى ستظل ذكراه خالدة فى قلوب كل السودانيين اللذين سيذكرونه كلما سرى الدم فى عروقهم ولم تتوقف نبضات قلوبهم.
غدا بمشيئة الله نواصل إن كان فى العمر بقية .. والله من وراء القصد .