محمد الصادق:
الفتيحاب تلك المدينة الوديعة النضرة الزاهية التى ترقد على الضفة الغربية للنيل الأبيض هى مهد الحضارات وأرض الفرسان وشاركت فى كثير من الأحداث التاريخية التى مرت على السودان بداية بدخول المهدى لمدينة أمدرمان وبقائه بشجرة الحضرة التى لا تزال حاضرة شامخة حتى الآن ومرورا بثورة عبد الفضيل الماظ وإنتهاء بحركة تحرير السودان فى مايو . والفتيحاب موقعها المميز جعلها محط الأنظار ومحطة تاريخية مهمة لا يمكن تجاوزها أو تخطيها حيث كان لها القدح المعلى فى فتح الخرطوم ورأس غردون .
0 ظلت الفتيحاب فى هذه الحرب المدمرة ولعشرة شهور صامدة وتقف شامخة كالطود والجبال الراسيات لا تهزها الرياح ولا تقتلعها الأعاصير . ومعظم أهل الفتيحاب إن لم يكن كلهم ظلوا رغم أصوات الرصاص وقذائف الدانات والآربجى صامدون مرفوعى الهامات والرؤوس . وشخصيا بقيت بها لمدة ثمانية شهور منذ بداية الحرب صامدا فى قلعة النضال والرجال ولو لا أمر جلل يتعلق بأسرتى التى كانت فى ولاية أخرى لما خرجت منها حتى الآن . كيف لا وهى التى تعلم الثبات عند الشدائد والدفاع عن أرض الآباء والأجداد .
0 الفتيحاب هى أهل الركاب على صهوات الخيول الأصيلة وفيها تقرع طبول النحاس فى الأفراح والأتراح ولا يزال النحاس حتى الآن يشكل فيها تراثا عريقا فى المنطقة التى خرجت الوزراء والأطباء والمهندسين والأدباء وأفذاذ نجوم الكرة اللذين لعبوا لكل اندية القمة والمقدمة والمنتخبات الوطنية وكذلك المستشارين والمعلمين والشعراء والفنانين والفنانات والمذيعين والمذيعات والصحفيين والصحفيات وإلخ من نجوم المجتمع . وكلا منهم كان نجما لامعا وبارزا فى مجاله ولا تزال الفتيحاب مهد الحضارة والجدارة والقيادة والريادة . أرض العمد والشيوخ ورجال السودان ورجال السودان الأوفياء والكرماء النبلاء والفتيحاب بكل هذا التاريخ والنضال كان لابد لها أن تصمد أمام الغزاة من المليشيا ومرتزقة الدول المأجورين والحمد لله إنها بعزيمة أبطال قواتنا المسلحة وشبابها ورجالها من المستنفرين الأقوياء إستطاعت أن تطرد الغزاة وترفع الهامات والرؤوس عالية . وحق للشعراء العظماء أن يكتبوا عنها شعرا ونثرا . وتحضرنى رائعة المعتق خليل فرح حينما قال .
من فتيح للخور للمغالق
من علايل ابورف للمزالق
قدله يا مولاى حافى حالق
بالطريق الشاقيه الترام ..
ما يئسنا الخير عوده سايق
الحي يعود إن اتى دونه عائق
إلى يوم اللقاء وانت رايق ..
السلام … يا وطن السلام ..
0 ستبقى الفتيحاب عصية على كل دخيل مارق ومغتصب آثم وستدك حصن كل غدار ومغتصب زائر وستقف حجر عثرة وسدا منيعا أمام كل المأجورين وتجعل من أراضيها لهم مقابر . التحية لكل رجال ونساء وشباب الفتيحاب الصامدين الصابرين اللذين واجهوا الصعاب بقلوب مؤمنة وصدور مفتوحة ودحروا مليشيا الإرتزاق ولقنوهم دروسا فى المواجهة والقتال وستظل الفتيحاب قلعة للشموخ والتاريخ والنضال والإباء والكبرياء . ونقول لأبطال قواتنا المسلحة المتكئون فى الخنادق وقابضون على البنادق ..
سينتصر جيشنا المفدى
وتنقطع إيد اي سارق
ويكتب التاريخ نضالنا
ويترسم فجر المشارق
غدا بمشيئة الله نواصل، إن كان فى العمر بقية.
والله من وراء القصد .