مقالات

“شباب المنورة” .. إرادة تصنع الأمل

من حروفي

خالد الفكي سليمان:

khalidfaki77@gmail.com

في مشهد يلخص معنى التكافل المجتمعي وإرادة الحياة، انخرط شباب الكلاكلة المنورة في عمل جماعي لإعادة تأهيل مدرسة خولة بنت الأزور الثانوية للبنات، بعد أن لحقت بها أضرار جسيمة نتيجة الحرب والدمار، مما اضطر إدارة التعليم بمحلية جبل أولياء لتعليق الدراسة فيها مؤقتاً، ونقل الطالبات إلى مدرسة الفاروق بأبو آدم.

الأرض التي شهدت الخراب، تعود اليوم لتنبض بروح الأمل، حيث وقف أبناء وبنات الحي صفاً واحداً خلف مبادرة شبابية حملت معاول التعمير وأدوات البناء، لتعلن أن التعليم سيظل أولوية مهما كانت قسوة الظروف. لم يكن الأمر مجرد حملة صيانة، بل رسالة واضحة أن المجتمع قادر على النهوض بمدارسه ومؤسساته حين تتضافر الجهود وتتعاظم المسؤولية.

ويحمد لأبناء الكلاكلة المنورة أنهم لم ينتظروا الدعم الرسمي أو المنظمات الدولية، بل بادروا من تلقاء أنفسهم، فجمعوا التبرعات، وشاركوا بجهودهم البدنية والمادية، ليعيدوا رسم ملامح مدرسة تليق ببناتهم الطالبات. وفي قلب هذه المبادرة يقف رئيس لجنة الإعمار والخدمات، الزبير ناصر باشا، الذي وجد إشادة خاصة من الأهالي لجهوده الدؤوبة في تنظيم العمل وتنسيق المبادرات، ليصبح مثالاً يحتذى به في القيادة المجتمعية الفاعلة.

لم تتأخر أيادي الخير من أبناء وبنات المنورة، داخل الوطن وخارجه، في تقديم الدعم اللازم لإنجاح المشروع، حيث تدفق العون المادي والمعنوي، تأكيداً على أن التعليم هو الجدار الأول لحماية الأجيال القادمة من الجهل والتهميش.

 

اليوم، ومع كل ضربة فأس، وكل يد تمتد لتحمل الطوب أو تجرف الرمال، يُعاد بناء جدار الثقة والأمل في نفوس الطالبات والأسر. فالمدرسة ليست فقط فصولاً وسبورة، بل هي رمز للهوية والعلم والمستقبل.

إن مبادرة شباب الكلاكلة المنورة تستحق أن تُسجل كنموذج مضيء في سجل المبادرات الشعبية، وتؤكد أن التعمير ليس مسؤولية الدولة وحدها، بل هو واجب جماعي، يبدأ من أصغر وحدة اجتماعية، من الحي نفسه. وما يحدث في مدرسة خولة بنت الأزور اليوم، هو شهادة صادقة على أن الإرادة الشعبية قادرة على صنع المعجزات، وأن جذوة الأمل لا تنطفئ مهما اشتدت العواصف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى