مقالات
العودة للخرطوم.. “المهددات والحلول”
د.الفاتح يس:
كل أماني وأشواق الشعب السوداني تتجه صوب العاصمة الخرطوم؛ للعودة لمنازلهم بعد بشريات النصر بإذن الله التي لاحت في الأفق؛ ولكن هذه الأشواق يجب أن لا تلهينا عن معرفة المهددات والمخاطر والنفايات الحربية التي خلفتها المليشيا عندما اتخذت بيوت المواطنين والمرافق الحيوية معسكرات لها، ولهذا لابد من إنشاء غرف إسناد وطواري لإزالة هذه المخلفات الحربية وإعادة التعمير.
وأيضا لا يخفي عليكم أن هذه الحرب كشفت حجم الموآمرات التي يحيكها أعداء الوطن والمواطنين السودانيين الشرفاء؛ ولهذا لابد من أن تكون غرف الإسناد والتعبئة والطواريء سودانية كاملة الدسم من السودانيين الشرفاء؛ أقلاها من الفترة الأولى؛ من غير تدخل اي جهة خارجية؛ إلا بعد إجراء الفحص الإستخباراتي لها، والتأكد من سلامة وخلو طرفها من أي أجندة خفية. ويُفَضَّل إشراك جهة دولية رسمية فنية بيئية مختصة في مجال التخلص الآمن من النفايات الحربية في عملية إزالة هذه المخلفات الحربية؛ حتى تكون شاهدة على حجم الانتهاكات والممارسات القذرة التي فعلتها هذه المليشيا.
بالتأكيد وكلنا ثقة بأن الموسسة العسكرية سواءاً القوات المسلحة او الشرطة مؤهلة تماماً علمياً وفنياً وتكنولوجياً؛ لعملية إزاله مخلفات الحرب وتسهيل العودة الآمنة والصحية للمواطنين الي منازلهم وممارسة حياتهم الطبيعية بكل سهولة ويسر.
القوات المسلحة والشرطة لديهم كوادر عسكرية وفنية من مختلف التخصصات، ولديهم جامعة كرري التقانة وجامعة الرباط الوطني، وغيرهم من الصروح العلمية والعملية والتقنية؛ أثقلت كوادرها ودربتهم أحسن تدريب وتأهيل؛ ولهذا يمكن تكوين فرق من سلاح الكيمياء وسلاح المهندسين؛ لعملية إزالة المخلفات الحربية من قذائف وذخيرة ومدافع أسلحة صغيرة وكبيرة من المساكن والمرافق الحيوية والمباني؛ ولابد من أخذ الحيطة والحذر والكشف عن أي سلاح كيميائي أو متفجرات والغام؛ بإعتبار أن العدو قذر ويُتوقع منه أي سلوك غير أخلاقي، ويُتوقع منه أفعال غير أخلاقية؛ تتنافي وتتعارض مع إتفاقية جنيف عام ١٨٦٤ (القانون الدولي الإنساني) التي حددت قواعد الحروب وكيفية التعامل مع نفايات الحروب، وإتفاقية جنيف عمرها قرن ونصف من الزمان؛ ولهذا حدث بها تعديل وتطوير وبها الآن ما يقارب مائة معاهدة.
وأيضا يمكن الاستعانة بشرطة الدفاع المدني في عملية إزالة مخلفات الحرب وإعادة البناء؛ بإعتبار أن لديها خبرة في مجال الكوارث وخطط الطواريء وإطفاء الحرائق والتعامل والعمل في مناطق الكوارث تحت المباني المدمرة والانقاض ومخاطر الكهرباء والبناء والأماكن المحظورة المغلقة(confine spaces).
وأيضا لابد من وجود قسم طواري الكهرباء والمياه من وزارة الكهرباء وهيئة مياه ولاية الخرطوم.
ولابد من الفحوصات والقياسات لكشف التلوث في المياه؛ خاصةً ان شبكات المياه كانت فارغة من الماء لما يقارب العام وهذا يعرضها للتلوث الجرثومي والكسر وغيرها.
ولابد من أن يكون للمعتمديات المحليات دور في التهيئة الصحية للأسواق لاستقبال السلع الغذائية خاصة الفاكهة والخضروات؛منعا للتلوث.
ولابد للجسم المسؤول عن البيئة في السودان من الكشف ودراسات البيئية وكشف ملوثات الهواء والماء والتربة والتحقق من جودة الهواء والتربة والمياه؛ وكل الغرف والفرق التي ذُكرت أعلاه ممكن أن تعمل في تنسيق وتناغم؛ مستفيدة من أفراد القوات المسلحة الموجودين ومنتشرين في هذه الأحياء السكنية؛ أما بالنسبة للجثث فيجب التعامل معها بالطريقة العلمية المثلى؛ حتى لا أطيل عليكم سيكون لنا عودة للحديث عن كيفية التعامل مع المخلفات الحربية والبايولوجية عموماً في المقال القادم إن أذن الله برفع القلم.
د. الفاتح يس
أستاذ وباحث في قضايا البيئة والتلوث
alfatihyassen@gmail.com