عصام الحكيم:
زيادة جنونية فرضت مجدداً في رسوم العمليات بالمستشفيات الحكومية وفق قائمة تسعيرة أجازها مجلس وزراء حكومة ولاية نهر النيل مؤخراً للعام الجديد.
أغرب مافي الأمر أن قاىمة أسعار خدمات الفحوصات التشخيصية والعمليات الجراحية المعلنة للعام الجديد 2023م كانت قد طرأت عليها زيادة مرتين متتاليتين.
الأولى صادق عليها مجلس الحكومة مع إجازة موازنة قانون الاعتماد المالي للعام. 2022 م والثانية حينما أجاز المجلس نفسه تعديل ثاني آخر دفعت به وزارة الصحة على رسوم الخدمات الطبية بشقيها التشخيصية والعلاجية بعد منتصف العام الحالي.
بعض رسوم العمليات الجراحية المجازة للعام الجديد 2023م شهدت قفزة غير متوقعة بنسبة زيادة تراوح مابين 300% إلى 500% قياسا على آخر تعديل مجاز.
مثال:
– عملية جراحية كبرى من 50000 جنيه إلى 180000 ج
– عملية جراحية صغرى بنج عمومي 75000 ج .. بدلا عن 15000 ج
– عملية عظام كبرى من 80000 ج إلى 250000 ج
– عملية ولاده قيصرية باردة من 40000 ج إلى 120000 ج
– عملية جراحة عيون عادية من 25000 ج إلى 100000 ج
– عملية جراحة أنف وأذن وحنجرة 150000ج بدلا عن 25000 ج
– عملية عيون بالليزر من 35000 ج إلى 250000 ج.
ومع كل ذلك فإن المفارقة ليست فقط في زيادة رسوم العمليات الجراحية بهذه النسب العالية والأرقام الكبيرة،ولكن تأتي المفارقة على سبيل المثال لا الحصر مع الولاية الصنو والجارة لولاية نهر النيل وهي الولاية الشمالية التي لم تشكل الزيادات المجازة للعام 2023 م في نسبة الرسوم والأسعار لخدماتها الصحية العلاجية إلا هامش ضئيل للعام الجديد بالنظر لما هو عليه الحال في العام الجاري مقارنة بما حملته أسعار ذات الخدمات الصحية الحكومية في ولاية نهر النيل.
ويمكن القياس علي ذات الخدمات أعلاه كما جاء في منشور وزارة الصحة بالولاية الشمالية على النحو التالي :
– عملية جراحية كبري 45000 ج
– عملية جراحية صغرى بنج عام.
18000 ج
– عملية جراحة عظام كبرى 60000 ج
– عمليات ولادة قيصرية باردة 35000 ج
– عملية جراحية أنف وأذن وحنجرة 45000 ج
ويبقى السؤال:
على أي أساس تمت دراسة وجرى تقييم أسعار هذه الخدمات بشقيها التشخيصي والعلاجي ولماذا هذه المفارقة مابين ولاية نهر النيل والولاية الشمالية؟.
وإذا كانت هذه الزيادة الجنونية في أسعار خدمات التشخيص والعلاج قياسا على النسب والأرقام هي بافتراض وجود مظلة حماية اجتماعية كافلة للمواطن مسنودة بتغطية وشمولية بطاقة التأمين الصحي، فهل بمقدور الصندوق والمكفولين تحت مظلته تحمل هذه الزيادة والتكيف معها في ظل المؤشرات والمعطيات الراهنة ؟
بل ماهو مصير غير المكفولين تحت مظلة صندوق التأمين الصحي من الشرائح غير المنتظمة في دولاب عمل الدولة وأصحاب المهن الحرة و الهامشية من المنتجين والحرفيين والسائقين وغيرهم .؟
الأبعد من ذلك أن هذه القفزة والزيادة الكبيرة في أسعار الخدمات الطبية والعلاجية بالقطاع الصحي الحكومي بنهر النيل ستغري القطاع الخاص بتطبيق زيادة مماثلة بمتوالية أعلى دون تردد وهو ماسيثقل كاهل طالبي الخدمة بهذه المشافي الطبية الخاصة خارج مظلة التأمين الصحي وهم في نهاية الأمر مواطنين تُسأل عنهم الحكومة بأن تشملهم على أقل تقدير بمظلةحمايتها الاجتماعية ولو بشكل غير مباشر.
هذا بخلاف أن تطبيق الزيادة في القطاع الخاص في حال جاءت فوق طاقة البعض فإن هذا سينسحب بشكل مباشر على المرافق الصحية وسيولد مزيد من الضغط على منافذ الخدمة العلاجية في المستشفيات المرجعية الحكومية وحينها قد لاتتحمل عبئا إضافياً وهو ماقد يلقي بظلال سالبة على واقع الخدمة المقدمة من حيث مبدأ الإتاحة وكفاءة الجودة.
وعليه إن كانت حكومة الولاية قد تلقت الأمر ومررته وفرضته بإذعان من وزارة الصحة بداعي وحجة ترقية الوضع الإداري والمالي بالمستشفيات وتوفير موارد تعينها على تحسين مداخيل الكوادر والأطر العلاجية واستبقاء الأطباء والاختصاصيين فيجب إلا يكون ذلك على حساب المواطن المغلوب على أمره.
بل يجب أن تخصص وتجيز حكومة الولاية ميزانيات معتبرة ومقدرة للتسيير الشهري للمستشفيات التي ظلت تشكو لطوب الأرض من ذلك لمقابلة جوانب الصرف الإداري وتحفيز الكوادر الطبية والعلاجية وألا تترك المستشفيات العامة والمرجعية تفكر في حلول تعجيزية لا تجد معها وزارة الصحة في ظل خياراتها العدمية سوى الضغط والطرق على وزارة المالية التي هي الأخرى تتجه إلى استنباط الحل استنزافيا من جيب المواطن مستندة في ذلك على سلطة مجلس وزراء الحكومة الذي لايجد بداً بنهاية المطاف إلا أن ينصاع بلا وازع أو رادع لاستصدار قرار لتقنين وشرعنة التوصيات في ظل غياب السلطة البرلمانية التشريعية الرقابية التي تحاسب وتراجع وتسدد وتقارب.
ليس هناك ما يمكن قوله سوى المطالبة بوجوب إعادة النظر مرات وكرات في هذه القرارات وتلك الرسوم، ووضع المعيار السليم وفق تقييم ودراسة منطقية وواقعية بعيدا عن التقديرات الجزافية التي إن تنزلت فستنزع مابقي من طمأنينة ورحمن في نفس المواطن وسيحل معها المزيد من الحاجة والفاقة والشظف.
وإلا فإن مداخيل ومدخرات المواطن على قلتها وميزانية ديوان الزكاة مع اتساع رقعة الفقر لن تجدي سوى أن تدفع مقابل فواتير الصحة والعلاج وليذهب فتات سد الرمق وستر الحال والتعليم للجحيم.