مقالات

الشمالية.. المُسيّرات وعودة المعابر للسيادي

د. محمد خليفة صديق:

سادت حالة من السرور كل قطاعات العمل الحكومي والشعبي بالولاية الشمالية بوصول الوفد الإعلامي المشارك في ورشة الإعلام التي نظمها مركز عنقرة للخدمات الصحفية إلى الولاية الشمالية، حيث استقبل الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة والإعلام الأستاذ الباقر عكاشة الوفد على مشارف دنقلا، وتفقد معهم مشروع التيتي التابع لمجموعة الحاج معاوبة البرير، بحضور المدير الزراعي للمشروع أزهري بلال، ومديري القطاعات الأخرى، حيث ساح المهندس أزهري بالوفد في نشأة المشروع وأهدافه ودوره في خدمة مواطن الولاية، حيث تبلغ مساحة المشروع 25 الف فدان، وينتج القمح والفطن ووزهرة الشمس والأعلاف، بجانب المنتجات البستانية من مانجو وقريب فروت وغيرها، وكذلك الانتاج الحيواني بمختلف ضروبه.

ورغم أن الليل كان قد أوغل في دنقلا، لكن هذا لم يمنع السيد عابدين عوض الله والي الولاية وأعضاء حكومته من استقبال الوفد بأمانة الحكومة، وتنويره عما يحدث في الولاية في كل النواحي بداية من النواحي الأمنية ، واستقبال الولاية لضعفي عدد سكانها (900 ألف نسمة) من المتأثرين بالحرب، والذين أطلقوا عليهم (كرام المواطنين) و(ضيوف الولاية)، وحملوهم في قلوبهم قبل بيوتهم وديارهم العامرة، واستوعبوا أعداد منهم في الخدمة المدنية، وفي الزراعة والحصاد، وكذلك الطلاب والجامعات، ولم يمنعهم كل هذا من تسيير القوافل للخرطوم وسلاح المدرعات وكرري وجبل سركاب، وفتحت الولاية خطوط إمداد لايصال العون الإنساني لولاية شمال دارفور من الدبة، وتقدم المرأة بالولاية وجبة لإفطار لجرحى معركة الكرامة.

بشرنا السيد الوالي بأن الولاية ستمتلك كل مقومات الحرب والتصدي للمليشيا بما فيها المُسيّرات، حيث تملأ الساحات قوات الولاية من المستنفرين والمقاومة الشعبية، وقدموا الشهداء ويشاركوا في كل المتحركات التي تقاتل في الخطةط الأمامية، وفي جانب إيواء المتأثرين الولاية بها 160 معسكر إيواء تقدم بها كل الخدمات، وكان هذا الإيواء الذي تأثرت به المدارس سببا رئيسيا في تأخر العام الدراسي بالولاية، ورغم حالة الحرب الماثلة لم تتوقف الأنشطة اليومية بالولاية، بل كان الموسم الشتوي من أنجح المواسم، حيث تمت زراعة 415 ألف فدان، كان من ضمن ما انتجته 126 ألف جوال قمح، ونشطت تجارة الحدود بين الولاية ومصر وليبيا بأكثر من 20 مليون دولار، وقامت الولاية بعمل عدد من الطرق الداخلية وصيانة الطرق الرئيسية بمبلغ 9 مليار جنيه، وشجعت الولاية قدوم المستثمرين بتخفيض رسوم المشاريع الاستثمارية بنسبة 50%.

وكشف الأمين العام للمجلس الأعلى للسياحة عن قيام مهرجان البركل في شهر إكتوبر القادم، ومساعي الولاية لتكون بوابة للسياحة بين مصر والسودان وليبيا، وطالب منسق التوأمة بالولاية بعودة المعابر الحدودية لسلطة مجلس السيادة، بعد العجز البائن لوزارة النقل عن إدارة المعابر والنهوض بالخدمات المتردية بها، ورحب بمشاركة الولاية في الإشراف جزئيا على المعابر بعد عودتها للسيادي، وتقديم كل ما يلزم لتكون المعابر مثل رصيفاتها في كل العالم، تقدم بها الخدمات الضرورية، وتعكس صورة مشرقة للبلاد.

تبقى أن نوصي الولاية بالاستمرار في هذا النهج الرشيد لإدارة شأن الولاية، ووضع الزراعة على رأس قائمة أولوياته للنهوض بالولاية، بل وقيادتها للولوج الى عالم الصناعات التحويلية، خاصة بعد افتتاح مصنع كريمة لتعليب الخضر والفاكهة، والذي نرجو أن نرى انتاجه في كل السودان، وخارجه، وأن تفتح فيه خطوط جديدة لتعبئة المياة والمشروبات الغازية ومركزات الطماطم والقرع وغيرها، كما يجب أن تهتم الولاية بالتوسع في المشروعات الصناعية والزراعية والتعدينية لدورها في توطين الناس والمساعدة في الاستقرار وتقليل البطالة وانعاش الزراعة، خاصة وأن الوالى كشف عن خطة لاستيعاب الاستثمارات التي خرجت من الخرطوم في الولاية الشمالية.

ومن الصناعات التى تحتاج لانعاش مصنع الأسماك بحلفا القديمة، ومطاحن الغلال بدنقلا، والسعي لاجتراح صناعات جديدة مثل تعليب الاسماك والساردين بمنطقة بحيرة سد مروي وبحيرة النوبة، والسعي لتطوير صيد الاسماك بالبحيرتين، وتوفير خدمات النقل المبرد وصناعة القوارب وغيرها من الصناعات التى يحتاجها صيد الاسماك.

ومن الصناعات المهمة التى قد تغير وجه الولاية الشمالية والسودان قاطبة صناعة السياحة، فالولاية الشمالية هي أغنى ولاية في السودان من حيث المناطق الأثرية والسياحية، بها منطقة جبل البركل المسجلة على لائحة التراث العالمي المحمية بواسطة منظمة اليونسكو، وبها منطقة الكرو ونوري ودير الغزالي، ومنطقة دنقلا العجوز وكرمة وسمنة فرس وبوهين والخندق وصاي وغيرها من المناطق، بجانب المتاحف مثل متحف السودان القومي الثاني بالبركل ومتحف كرمة ومتحف آثار سد مروي، وهناك بيئة ممتازة لسياحة الصيد والسفاري وسياحة استكشاف الصحراء. وصناعة السياحة يمكن أن تنتعش في ظل توفر البنيات التحتية مثل الطرق والنزل السياحية والتى بدأت في الانتعاش بعد قيام عدد من الفنادق والششق الفندقية بالولاية، وستزداد السعة الفندقية بعد تسليم المشروع السوداني القطري للآثار للفنادق التى أقامها بالمنطقة لسكن البعثات الاثرية، وقد أحسنت الولاية بإفراد مجلس أعلى للاهتمام بالشأن السياحي بالولاية.

ولمسنا من الولاية اهتماما خاصا بالمطارات بالولاية (دنقلا ومروي) باعتبارها ميزة كبيرة يجب الاستفادة منها، وربطها بمطارات العالم، في سبيل إحداث حراك تنقلي مجتمعي، يكون دافعاً لمجالات اقتصادية واجتماعية، وعلمنا أن مطار دنقلا لا ينقصه سوى التصديق بالعمل من سلطة الطيران المدني، بينما قد يحتاج مطار مروي الدولي لمجهود أكبر بعد ما ألم به في فترة الحرب الأولي، ومطار مروي يعتبر من أكبر المطارات في إفريقيا، ويستقبل كافة الطائرات بما فيها طائرات النقل الضخمة، إضافة إلي ميزة الإضاءة المدرجية، كما انه يسمح بحركة جوية طيلة أيام السنة حتى في حالة انعدام الرؤيا وذلك لتزويده بأنظمة هبوط آلي حديثة. يمكن لهذه المطار أن يساهم في إنعاش السياحة بالسودان بتسيير رحلات جوية مباشرة من الدول الأوربية والعربية التى يرغب أبناؤها في السياحة بالسودان لمشاهدة الآثار أو التمتع بالسياحة النيلية أو الصحراوية، ويمكن أن يكون مطارا لتصدير منتجات الولاية سيما المنتجات الزراعية مثل البطاطس والبستانية مثل الفواكه التى تنتجها الولاية من مانجو وموالح، ويستورد السودان بعضها من مصر وجنوب افريقيا.

 

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق