صحة وبيئة

خزان جبل أولياء ودبلوسية المياه

د. الفاتح يس:

مع إقتراب موسم الأمطار؛ بدأ بعض التفكير يتجه صوب خزان جبل أولياء الذي يقع جنوب العاصمة الخرطوم؛ على خلفية كسر الجسر؛ وبحكم أن منطقة الخزان والممرات المؤدية إليه غير آمنة، وهذا ربما يؤثر على أداء العاملين وخاصةً الكوادر الهندسية؛ لتؤدي دورها على أكمل وجه في تشغيل وإجراء القياسات والإختبارات وصيانة الخزان، وما به من ملحقات أساسية لتخزين مياه الأمطار وإنتاج الكهرباء التي تصل إلى ٢٥ ميقاواط في حالة التشغيل المثلي.

فنياً وهندسياً تتكون السدود والخزانات من خزان يتجمع فيه المياه، وبالأسفل فتحة وانبوب ضيق (intake & penstock) حتى يمر عبرها الماء بإندفاع قوي؛ لتحريك التوربينات حركة دائرية؛ لتتحول الي طاقة حركية ترددية بواسطة ضواغط المولد (generator pistons)، لتحولها الي طاقة كهربائية، ومنها إلى المحولات (transformers) ثم إلى خطوط التوزيع (transmission lines) ومنها إلى مناطق الإستهلاك وهذا هو المطلوب.

وتنساب المياه بعد تحريك التوربينات الي الأسفل عن طريق الأنبوب (draft tube) لتتدفق بعدها الي مجري النيل خلف الخزان.

من القياسات والإختبارات الدورية التي يجريها الطاقم الهندسي؛ تتمثل في قياس معدل الأمطار وكمية المياه الداخله للخزان والضغط ومعدل الجريان (presures & flowrates) قبل وداخل وبعد الخزان. وأيضاً قياس نسبة عكارة المياه؛ لمعرفة كمية الطمي والشوائب التي تجرفها المياه، ويتم حجز جزء منها في المصائد والفلاتر، والباقي يترسب في جدار وقاعدة الخزان، وهنا لابد من إزالة هذا الطمي قبل بداية خريف السنة القادمة، ونظافة الخزان والفتحات والانابيب ومن ثم نظافة أجزاء التوربينات والمولدات والمحولات وأسلاك الكهرباء (الصيانة الميكانيكية والكهربائية) وصيانتها وتغيير التالف منها، وهذا ربما يكون صعبا بعض الشيء في هذا العام في حالة عدم توفر كل أدوات التشغيل والإختبارات وأجهزة وشبكة الرصد والصيانة وقطع الغيار والكوادر الفنية.

أيضاً بصفه دورية يتم إختبار التسريب والشقوق لجسم الخزان وملحقاته، ثم حشو وتقفيل هذه الفتحات قبل خريف العام القادم (مثل هذه الايام).
خطورة عدم تقفيل شقوق وفتحات التسريب في الخزان ليست قاصرة على تقليل كمية الكهرباء المنتجة فحسب؛ وإنما في إحتمالية زيادة حجم ومساحة هذه التسريبات عند بداية خريف العام التالي.

من التطمينات الطبيعية الهايدولوجيا أن خزان جبل أولياء يقع على مجري النيل الأبيض؛ الذي يمد نهر النيل بمعدل ٢٥٪ من المياه الكلية، أضف إلى ذلك أن معدل جريان مياه النيل الأبيض أقل بكثير (ما يقارب النصف) من مياه النيل الأزرق الذي يأتي مندفعا من الهضبة الإثيوبية العالية؛ ليغذي نهر النيل بما يفوق ٧٠٪، وفيه سد النهضة الإثيوبي الذي بإنشائه تسبب في توتر العلاقات بين مصر وإثيوبيا (والسودان نوعا ما)؛ تجسدت فيه معاني حرب المياه في هذا القرن.

هذه قطره في بحيرات السدود والخزانات، ولابد للجهات المختصة متمثلة في المختصين في مجال السدود ووزارة السدود والكهرباء ووزارة الري وإدارة الخزان؛ أن تبذل كل ما في وسعها عبر دبلوماسية المياه؛ بحكم ان قضايا المياه والسدود قضايا متقاطعة ومتشابكة تمس كل دول الحوض، ولابد ان تطرق كل الأبواب مثل الحكومة المصرية التي كان لها بعض الشيء في إدارة هذا الخزان (الري المصري سابقاً) ؛ لإبعاد هذا الخزان عن دائرة الحرب العسكرية، وأقلاها تنفيذ إجراءات السلامة في فتح البوابات والمصارف؛ وإرسال رسائل مطلبية وتوعوية لأصحاب المصلحة؛ لتلافي أي خطر محتمل يقع على الخزان أو المناطق الحوله، ولتجد الدعم الفني والمادي.

د. الفاتح يس
أستاذ جامعي وباحث في قضايا البيئة والتنمية المستدامة.

alfatihyassen@gmail.com

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق