صحة وبيئة
مشاهد أرقين.. أين الصحة والمركز الصحي؟
د. محمد خليفة صديق:
معبر أرقين على الحدود السودانية المصرية أحد أكبر وأهم المعابر الحدودية في السودان، به حوالى 5 ألف من العاملين بمرافق المعبر، يمثل عمال الشحن والتفريغ بالمعبر حوالى 1400، ويتقاسم الموظفين والمخلصين والقوات النظامية متبقي العدد، بينما يصل المعبر يوميا بين 250 إلى 300 راكب بين مغادر وواصل، يتوزعون بين أربعة بصات رئيسية منتظمة في نقل الركاب هي (أسينات وأبو عامر وعرجون والعزيزية) وتدخل بصفة يومية، بجانب عدد من البصات الأخرى، وبجانب سائقي الشاحنات وبطاحات نقل البضائع ومساعديهم.
المشهد الصحي في المعبر:
شهد الوضع البيئي والخدمي في معبر أرقين خلال الفترة الأخيرة تدهورا ملحوظا، والمشهد الصحي في المعبر يقول إن المعبر به عيادة صغيرة فيها طبيب لديه له بضعة أسرة، وبعض المستلزمات الطبية البسيطة مثل بعض المحاليل الوريدية والأدوية البسيطة جدا، ولا توجد صيدلية ولا معمل للفحص، ولا ممرض ولا أي كادر طبي مساعد للتعامل مع الحالات التي تحتاج لاسعاف عاجل، وهناك حاجة ماسة للكثير من المستلزمات الطبية التي تحتاجها منطقة المعبر مثل الإسعافات الأولية وغيار الجروح والإصابات وأمصال العقارب والثعابين و(بخاخات) الأزمة والمحاليل الوريدية ومضادات التسمم الغذائي وأدوية الأمراض السارية مثل الملاريا والتايفويد وحمى الضنك ونزلات البرد والانفلونزا وأدوية واسعافات الحروق وضربات الشمس وغيرها.
كما تحتاج الصحة العامة واصحاح البيئة والنظافة بالمعبر لعناية خاصة، ومعالجة طفح الحمامات وزيادة عدده، وتوفير تانكر لشفط وتفريغ الآبار للمحافظة علي صحة البيئة وصحة الانسان بمعبري ارقين واشكيت، ولا توجد شبكة مياة في معبر أرقين، ويعتمد المعبر على تانكر واحد لتوفير المياة لكافة الأغراض بالمعبر، وهناك حاجة ماسة لمكافحة الفئران التي تزايدت بسرعة في المعبر وصارت تهدد كثير من البضائع الموجودة بالمعبر.
أقرب مستشفى للمعبر هو مستشفي حلفا، وهو يقع على الضفة الأخرى للنيل في مدينة وادي حلفا، ويصعب الوصول إليه إلا بالبنطون الذي يعمل في أيام وساعات محددة، أو ب(الرفاسات) التي تعمل أيضا لأوقات محددة، ويقدم خدماته لآلاف المواطنين والوافدين لمدينة وادي حلفا، ولذا يحتاج المعبر لزيادة عدد سيارات الاسعاف لنقل الحالات الطارئة وإنقاذ التائهين في الصحراء، حيث لا توجد بمعبر أرقين إلا سيارة إسعاف واحدة.
جهود صحية للمغتربين:
لكن معبر أشكيت (الشرقي) به عيادة أنشأتها الهيئة النقابية للأطباء السودانيين بالمملكة المتحدة، وتعمل بصورة منتظمة، وتوفّر فحوصات معملية وخدمات علاجية أوسع عبر قافلة مدعومة بواسطة الهيئة النقابية بالتنسيق مع أطباء الولاية الشمالية جاءت في مايو 2023، وتعمل العيادة يومياً في فترة تشغيل المعبر، وقد تزيد ساعات العمل في حالة تكدّس الباصات في المعبر)، والطاقم الطبي المداوم حالياً يتكوّن من 3 أطباء، ممرضَين، وفني معمل، ويتم تحويل الحالات الحرجة شمالاً إلى أسوان أو جنوباً إلى مستشفى حلفا بسيارة إسعاف خاصة بالمعبر.
وتقدم العيادة خدمات إضافية مثل عدد مناسب من حفاظات وبراميل المياه لمجابهة الجفاف والعطش وسط العابرين، وقام الوفد بتقديم ندوات توعية صحية ونفسية وتطمين للنازحين في الباصات، ويجري التحضير لعمليات صرف صحي وشفط بالحمامات في معبر أشكيت، ومع ازدياد أعداد النازحين عبر معبر أرقين (الغربي) في الأيام الماضية، تقوم الهيئة النقابية بالتنسيق لتمويل سفر أعضاء من الوفد إلى عيادة معبر أرقين وتدعيمها بأدوية ومستلزمات طبية إضافية.
بين الهلال الأحمر المصري والسوداني:
ورغم أن جمعية الهلال الاحمر السوداني ناشطة في عدد المحليات والولايات لكنها غير موجودة بالمعابر الحدودية خاصة معبر أرقين.
وكانت الجمعية في أوقات سابقة قد قامت بتقديم إفطارات للمهاجرين من دول مختلفة (مصريين اثيوبيين)، وسقيا العالقين، وتفعيل نقطة الحماية التابعة للهلال الاحمر السوداني كمركز لإيواء للمهاجرين وتقديم خدمات الدعم النفسي الأولي، وخدمات الاسعافات الاولية للعالقين، وتقديم وجبات لهم وتوزيع مواد غذائية في مراكز الايواء وخدمات الارشاد من قبل المتطوعين للعالقين بشأن الخدمات التي تقدم لعمل إجراءات الخروج، وتقديم خدمات الهاتف المجاني الامن للعالقين لربطهم مع اسرهم، وفتح عيادات ميدانية مجانية من قبل الجمعية بالتنسيق مع السلطات الصحية بجانب توفير كميات من الادوية خاصة لأصحاب الامراض المزمنة وتوفير عدد من الاجهزة والمعدات الطبية.
وعلى الجانب الآخر من المعبر ينشط الهلال الأحمر المصري لتقديم خدمات انسانية جليلة بمعبري أرقين وأشكيت، حيث إقام مركز خدمة إغاثي إنساني في معبر أرقين الحدودي، لتقديم الخدمات للنازحين من جنسيات مختلفة، حيث تقدم فرق الهلال الأحمر المصري عبر هذا المركز خدمات الإغاثة والطوارئ، التي تشمل خدمات الدعم النفسي والأدوية والوجبات الغذائية الخفيفة، ووسائل الاتصال بين العابرين، خلال المعبر، من مختلف الجنسيات وبين ذويهم. ولعلها فرصة لنتقدم بوافر الشكر والتقدير للهلال الأحمر المصري وكوادره ومتطوعيه الذين قدموا خدمات جليلة لإخوانهم السودانيين المتأثرين بالحرب، وكل العابرين، وشكر خاص للزميلة د. آمال أبو العينين التي تجتهد في هذا المجال، وقدمت ورقة قيمة عن دور الهلال الأحمر في التخفيف من الأزمة الانسانية التي نتجت عن الحرب في السودان، وذلك في مؤتمر القضايا الانسانية في السودان الذي عقد بالقاهرة قبل عدة أشهر.
مناشدة أخيرة:
نناشد عاجلا وزارة الصحة الإتحادية ووزيرها الهمام الصديق د. هيثم محمد ابراهيم ووزارة الصحة بالولاية الشمالية ووزيرها المتألق د. ساتي حسن ساتي والجهات الخيرية العاملة في المجال الصحي مثل صندوق إعانة المرضى، والهلال الأحمر السوداني وغيرها، للمسارعة في إنشاء مركز صحي في أرقين، ليقدم الخدمات الصحية التي يفتقر لها المعبر، وليخفف آلام العابرين والمقيمين في المعبر من عاملين وموظفين ومخلصين وساقين وقوات نظامية ومواطنين وغيرهم.