علوم وتكنولوجيا
مناقشة كتاب من الريف إلى الحياة الحضرية – التحولات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية للأسر المنتجة في مدينة الفاشر بدارفور

تشهد مدينة الفاشر عاصمة إقليم دارفور هذه الأيام واحدة من أشد حالات المعاناة الإنسانية التي مرت على تاريخ الشعوب، و قد لا تكون هنالك حالة مماثلة مرت على منطقة وسكانها في تاريخ البشرية منذ أن خلق الله الأرض ومن عليها من حيث طولة المدة وعظمة المعاناة المستمرة وظاهرة عدم المبالاة في هكذا ظروف إنسانية .
ناقش المنتدى الثقافي للمجموعة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات بالتعاون مع ملتقى السرد العربي ومنتدى نفرتيتي الثقافي بمقر ملتقى السرد العربي بشارع السودان بالقاهرة عقار رقم ١١٦ كتاب من الريف إلى الحياة الحضرية والذي قاما بإعداده الدكتورين علي محمد محمود وعثمان محمد عثمان في أمسية مترعة بالتثقيف في بحث علمي لوقائع ثقافية وتعليمية واقتصادية شكلت حياة قطاعات وفئات عديدة هي شرائح النازحين في السابق وأثرت في حاضرها كما وستؤثر في مستقبلها .
المناقش الأول :
البروفيسور موسى آدم عبد الجليل أستاذ علم الإجتماع بجامعة الخرطوم استهل الحديث بتلخيص الكتاب وتقديمه لغياب مؤلفيه . الكتاب عبارة عن بحث أكاديمي استقصائي اعتمد الكاتبان فيه على شرائط البحث العلمي وأدوات النهج والدراسة المجتمعية بغرض الوقوف على أوضاع.وقضايا النازحين لمعالجتها بوضع الخطط ووسائل الإصلاح ، الكاتبان ناقشا أزمة من أزمات البلاد المستفحلة وهي حالة النزوح التي بدأت بدارفور ومدينة الفاشر منذ عقدين من الزمان وقد صارت ظاهرة ،وجمع بروفيسور موسى ما بين التلخيص واستعراض الكتاب لعدم وجود الكاتبين بمصر، والتقييم الموضوعي للكتاب، وقد أبرز جوانب هامة في الكتاب وناقشها بصورة مستوفية ،كما ذكر ان الكتاب فتح المجال للباحثين لتناول موضوعات آخرى على صلة بالبحث وردت في لكتاب كرؤوس مواضيع، وتناول بالتوضيح التفريق ما بين الحضارة والمدنية وذكر أن الحضارة نتاج التغيير في السلوك وانماط الحياة وليس الوصف الشائع الذي يقوم على المكان والانتقال من منطقة تواجد الإنسان إلى مكان آخر، وان التغيير السلوكي في المفاهيم هو الذي يحدد درجات التحضر ومدى اكتساب أنماط تؤثر في سلوك ومفاهيم كسب العيش والتعليم والتثقيف، وفي استعراضه للكتاب تناول فصوله الخمسة ونتائج الدراسة التي تناولت ملامح من حرب دارفور والمعسكرات والتكيف الاقتصادي والاندماج ونوعية العلاقات والتغيرات التي تطرأ أو طرأت نتاج التغيير السلوكي مثل الحياة داخل الأسرة وتراجع المفاهيم التي تقوم إدارتها على الفهم الذكوري وبروز دور للنساء في القرار الأسري وفي تحديد مصائرهن بصورة مستقلة مثل القرار في الزواج وتكوين الأسرة ،ونمو المدن على حساب الريف وترييف المدن . كما وفي تعليقه ذكر البروفيسور موسى ذكر دور السلطة التقليدية في تسوية وفض النزاعات وما حدث للإدارة الأهلية من خلل نتيجة للإفساد وخراب الذمم والرفض لشخصيات الإدارات الأهلية نتاج الممارسات وليس للمؤسسة التي كانت تضطلع بادوار هامة في تسوية المنازعات بالأعراف المرعية .
المناقش الثاني
البروفيسور هداية تاج الأصفياء أستاذ اللسانيات بجامعة السودان رأت بأن الكتاب لم يتناول جوانب هامة وهي ضرورية تتمثل في أسباب تواجد النازحين بالمعسكرات والدور السياسي الذي يتمثل في قيام المركز باحداث التفريق المجتمعي بين مكونات دارفور إلى عرب وزرقة وأن هذا التفريق لعب دوره في الحروب والنزوح وضرورة البحث في أسباب النزوح أولا وسبل معالجتها وأن البحث عن الحلول من دون معالجة الأسباب اسبابها سيؤدي إلى تعميق الجراحات والكراهية والأزمات .
المناقش الثالث .
د حسام عقل أستاذ النقد الأدبي بجامعة عين شمس ورئيس ملتقى السرد العربي.
ثمن الجهد الذي بذل من الكاتبين ورصانة اللغة ،وتحدث عن قيمة الكتاب الذي يتفوق على الكتب والبحوث التي اعدت بواسطة الباحثين الغربيين الذين تستغرقهم المصطلحات وأعاب على المجتمع الانبهار بالإنسان الغربي وبالأسماء وذكر بأن الحرب ابرزت العديد من اصحاب المساهمات العظيمة كما وجه نقدا للنقاد الذين لم ينتبهوا حتى الآن لعمق انتاج السودانيين التي ظهرت بعد الحرب ولا زالت العقلية محصورة في أدب الروائي السوداني الطيب صالح وكتابه موسم الهجرة إلى الشمال ، وذكر انه لم يجد في الكتب والبحوث العديدة التي اطلع عليها ما يماثل الكتاب صغير الحجم (٩٩ صغحة )والزاخرة بالمعلومات بمثل الكتاب، وأعاب د حسام على الكاتبين ان الكتاب حمل في عنوانه الرئيس التحولات الثقافية ولم يتضمن نصا ثقافيا واحدا ،كما وصف مصطلح الغبن الإجتماعي بأن أشبه بمصطلح الكتلة الطافية والكتلة الغاطسة لاحد أبرز الكتاب المصريين في التثقيف وفي إبرازه الفوارق الإجتماعية والطبقية في المجتمع المحلي المصري وفي ظاهرة تكريس الموارد والثروات لدى قلة ومعاناة الغالبية وماثل بين ما ورد بالكتاب وكتابات الدكتور المصري جمال حمدان استاذ الجغرافية الذي حول مادة الجغرافية الجافة إلى مادة ادبية عرفها من خلالها الباحثين عن الجغرافية بأسلوب الأديب المثقف الجذاب .
أدارت الندوة الثقافية المحضورة الأستاذة عزة عز الدين أمين عام ملتقى السرد العربي.
حفل النقاش بمشاركات وآراء ثرة ستقوم المجموعة بنشرها في موقعها في الأيام القادمة تعميما للفائدة ومن الحضور شاركت في النقاش د راوية الفاضل الشريف الأستاذ بجامعة الأحفاد والأستاذة إنتصار التوم الحقوقية والقيادية النسوية عضوة هيئة محامي دارفور كما شارك في النقاش الأديب والناقد المعروف العباس علي العباس والأستاذ يوسف آدم بشر نائب أمين عام هيئة محامي دارفور.