مقالات

مخرجات البيان الختامي للمؤتمرين في القاهرة كانت جنجويدية بامتياز

حول البيان الختامي الذي أصدره المؤتمرون السودانيون في القاهرة بتاريخ 6 يوليو 2024م بدعوة من القيادة السياسية والعسكرية و الأمنية في مصر السيسية

برير إسماعيل:

مخرجات البيان الختامي للمؤتمرين في القاهرة كانت جنجويدية بإمتياز شاء بعض المؤتمرين ذلك أم أبوا بالرغم من محاولة مصر الرسمية ترجيح كفة المؤتمرين لصالح مؤسسات الدولة السودانية القديمة وبالتحديد لمصلحة المؤسسة العسكرية السودانية

جنجويدية البيان الختامي للمؤتمرين في القاهرة تسببت فيها سكوتهم المقصود عن تناول غالبية القضايا تهم الحركة الجماهيرية السودانية الثائرة ليكون هذا السكات في مصلحة الجنجويد بقيادة عيال دقلو و في المجمل في مصلحة إقتسام الطرفين الرئيسين المتحاربين للسلطة و الثروة و السلاح مجدداً في أي حل سياسي ترقيعي قادم و على ذات الطريقة الإحتيالية التي أنتجت لأهل السودان أجمعين الوثيقة الدستورية الكارثية التي كانت بمثابة الإنقلاب الأصل ضد الثورة السودانية المجيدة و بالتالي ضد تطلعات الحركة الجماهيرية.

لابد من التأكيد على أن مصر السيسية وعبرها تاريخ قيادتها السياسية الطويل في التعامل مع الشعوب السودانية لم تكن في يوم من الأيام مع التغيير الحقيقي في البلاد و لن تقبل بأي تغيير حقيقي في السودان في ظل إستمرار غياب الإرادة السياسية و المدنيَّة السودانية لأنها أي مصر الرسمية ظلت تدعم دوماً للتغيير المتحكم فيه في السودان للمحافظة على مؤسسات الدولة السودانية القديمة المُلبِّية لتطلعات غالبية النخب السودانية الإسلاموعروبية و لتطلعات القيادة في الدول المصرية و في كل الأزمان.

التاريخ أخبرنا بأن مصر الرسمية لديها قوى سياسية واجتماعية سودانية لرعاية مصالحها السياسية والإقتصادية في السودان و معروف أن هذه القِوى السياسية و الإجتماعية السودانية الموالية لمصر ظلت حريصة كل الحرص على مصالح مصر الرسمية أكثر من حرصها على مصالح المكوِّنات الإجتماعية السودانية و كما أنها ظلت حريصة على الإتحاد مع مصر الرسمية أكثر من حرصها على وحدة الشعوب السودانية الممزقة بسبب ممارساتها هي نفسها السياسية و ممارسة غيرها من القوى السياسية و المدنيَّة غير الراشدة. و من المفارقات العجيبة هي أن كل سبعة أشخاص خرجوا من عباءة محمد عثمان الميرغني زعيم ( الحركة الإتحادية) يسمون أنفسهم بالإتحاديين !! و من محن هؤلاء الإتحاديين هي أنهم لم يكن لهم حزباً إتحادياً واحداً يدعو للإتحاد مع مصر الرسمية و كما لم تكن لهم علاقات حقيقية مع الشعب المصري و مع مؤسساته السياسية و المدنيَّة و ذلك بسبب حرص هؤلاء الكبير على العلاقة مع القيادة السياسية في مصر دون مراعاة لضرورة أن تكون لها علاقات وطيدة مع الشعب المصري.

قاطعت الحركة الشعبية لتحرير السودان/ شمال التي يترأسها القائد عبد العزيز آدم الحلو المؤتمر و ذكرت في بيان لها بأنها تحتفظ بأسباب المقاطعة لنفسها و بالطبع من حق أي جسم سياسي أو مدني المشاركة أو المقاطعة في أي مؤتمر يتم عقده وفقاً لتقديراته السياسية الخاصة به و لكن كان الأمثل أن يتم طرح أسباب المقاطعة على مكوِّنات الحركة الجماهيرية لتتعرف عليها تقديراً لدورها في التغيير و في ذات السياق قاطع الحزب الشيوعي السوداني المؤتمر و ذكر أسباب هذه المقاطعة ببيان مفتوح للحركة الجماهيرية وهو الأمر المطلوب و لكن مع كل ذلك كان الأفضل أن تشارك الحركة الشعبية لتحرير السودان/شمال و الحزب الشيوعي السوداني في المؤتمر للتأثير على الأجندة الوطنية الموضوعة للحوار من قِبل المؤتمرين و على مخرجات المؤتمر و في حالة أن الأجندة و المخرجات لم تكن في مصلحة الحركة الجماهيرية السودانية الثائرة يتم رفضها علناً و برفض مسبب كما فعل القادة مالك عقار و جبريل أبراهيم و مني أركو مناوي و فعل غيرهم من الذين حضروا المؤتمر و رفضوا مخرجاته.

بالعودة للبيان الختامي فالشاهد أن إجتماع غالبية الساسة البناجيس الذين حضروا مؤتمر القاهرة للبحث عن حلول للأزمة السودانية في يوم 6 يوليو 2024م تمخض عن فأر جنجويدي صغير.

تناسى غالبية المؤتمرين في القاهرة بأن الثورة السودانية المجيدة كانت و لازالت ضد المنظومة الجنجويدية الكيزانية الإجرامية الكبرى التي تشمل في عضويتها الإجرامية مليشيا الجنجويد المسماة بقوات الدعم السريع و بسبب تناسيهم لهذه الحقيقة كانت مخرجاتهم في مصلحة مليشيا الجنجويد الإجرامية التي أسسها الكيزان لتحقيق مكاسب سياسية غير مشروعة.

إنَّ نواقص البيان الختامي للمؤتمرين في القاهرة كثيرة جداً و يمكن ذكر البعض منها على سبيل المثال لا الحصر:-

لم يتطرق الساسة المؤتمرون في القاهرة في حيثيات البيان الختامي بشكل صريح لمسؤولية كل طرف من الأطراف المتحاربة عن الجرائم التي إرتكبها و كما أنهم لم يتناولوا و بشكل واضح أسماء الدول الداعمة للحرب التي تجددت في 15 أبريل 2023م و كما أنهم لم يتناولوا تدابيرهم السياسية تجاه الدول الداعمة للحرب في حالة إستمرار هذه الدول في عملية دعمها للحرب في السودان.

لم يتحدث الساسة المؤتمرون في القاهرة عن سحب الغطاء السياسي من الطرفين المتحاربين الرئيسين البرهان و حميدتي ليكونوا بهذه الخطوة السياسية الهامة على مسافة واحدة من هذين الطرفين المجرمين المتحاربين و الأغرب من كل ذلك لم يتحدث المؤتمرون في بيانهم الختامي عن مشروعية حق المواطنين السودانيين في الدفاع عن أنفسهم و أعراضهم و أموالهم و إراضيهم و مدنهم و قراهم و حلاَّلهم في ظل غياب مؤسسات الدولة العسكرية و الأمنية و الشُّرطية المنوط بها إحتكار أدوات العنف و حماية كل المواطنين المدنيين في كل أنحاء السودان و لم يتحدثوا عن البدائل الأمنية المتاحة أمام غالبية المواطنين في حالة رفض المؤتمرين لحق الدفاع عن النفس و العِرض و المال و الأرض و معروف أن مليشيا الجنجويد المسماة بقوات الدعم السريع من قِبل الكيزان و من قِبل غالبية المؤتمرين أنفسهم بعد أعظم ثورة سودانية هي التي فتكت بغالبية المدنيين في كل المناطق التي إجتاحتها قبل و بعد 15 أبريل 2023م.

فشل المؤتمرون السياسيون في القاهرة في تحديد هوية العدو المشترك الذي إجتمعوا لمنازلته سياسياً لمصلحة مكوِّنات الحركة الجماهيرية السودانية صاحبة المصلحة الحقيقية في التغيير لأن المنازلات العسكرية ستعمق من الأزمة السودانية وعليه لا يمكن لمجموعة سياسية و مدنيَّة مؤتمرة و بدون أن تحدد العدو المشترك بالنسبة لها أن يكون لديها بياناً سياسياً متفقاً عليه بالإجماع ليُلبي هذا البيان تطلعات و آمال و طموحات الحركة الجماهيرية السودانية.

إنَّ البيان السياسي الختامي الذي أصدرته القوى السياسية و المدنيَّة المؤتمرة في القاهرة عبَّر بوضوح لا لبس فيه عن مواصلة الخيبات التاريخية لغالبية النخب السودانية قديمها و جديدها التي يحمل بعضها ذات الصفات الوراثية السياسية التي عطلت مسيرة الحركة الجماهيرية السودانية و عليه لن يساهم هذا البيان المخزي في حل الأزمة السودانية التي عمَّقتها الحرب الجنجاكيزانية ذات البعدين الإقليمي والدولي للإنفراد بالسلطة بعد أن سمح غالبية المؤتمرين للكيزان ولجنجويديهم المجرمين بترتيب أوراقهم السياسية و العسكرية و الإقتصادية بعد 11 أبريل 2019م. و بدلاً من أن يكون المؤتمر نطقة إنطلاقة جديدة لهذه القوى المجتمعة في القاهرة نحو تحقيق مصلحة الثورة كان المؤتمر حلقة من حلقات مسلسل الإنقسامات و الإنشقاقات السودانية المضرة بالثورة. و هذا دليل واضح على حالة توهان غالبية مكوِّنات القوى السياسية و المدنيَّة المحسوبة على الثورة.

الحلول السياسية لهذه الأزمة السودانية المتراكمة تتمثل في تحديد هوية العدو المشترك و في الإلتزام بأهداف و أجندات الثورة السودانية المجيدة و إلا سيطول عُمر هذه الأزمة السودانية في حالة إستمرار الإنقسامات السياسية و العشائرية و القبائلية و الإثنية و الجهوية في البلاد وسوف تزداد ذات الأزمة السودانية تعقيداً في حالة إستمرار ولاءات غالبية الساسة المؤتمرين في القاهرة و غيرهم للعواصم في المجتمعين الإقليمي والدولي بدلاً من أن يعول المؤتمرون في القاهرة على مقدرات و قدرات الحركة الجماهيرية صاحبة الكلمة الأولى و الأخيرة و على الإرادة السياسية و المدنيَّة و الإجتماعية السودانية.

الثورة السودانية المجيدة مستمرة والنصر أكيد

07 يوليو 2024م

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق