مقالات

أحداث الفريخة .. الأسباب والمعالجات

سيف الدين أبونورة:

بعيدا عن لغة الحروب وصوت الذخيرة وقريبا من الحكمة التي تقول معظم النار من مستصغر الشرر، إذا نظرنا إلى بدايات حركات الكفاح المسلح نجد أنها كانت مطلبية ومحدودة تنحصر في ظلم
مناطقي وتقصير من الدولة وعدم اهتمام وتعنت في الاستجابة للمطالب، بل تواجهها الحكومة بالحلول الأمنية والقمعية دون التمعن أو الاعتراف بأحقيتها في المطالبة بما تطالب به، بدلا من التعامل بعدالة وعقلانية والحديث عن معالجات مجدية ونظرة موضوعية.

ويتبع ذلك بعض السياسيين غير الراشدين ويشاركهم إعلام مضلل وموجه وبدلا من المساعدة في رسم خارطة طريق تعالج الأزمة يجري تضخيم المشكلة والتي بدأت صغيرة (مطالبة بالحقوق) يتم نقلها وتصويرها في شكل تمرد، والمعلوم لكل فعل رد فعل وهنا تغيب الرؤية ويظهر أصحاب الأجندة والكل يغني على ليلاه.

ما دعاني لهذه المقدمة هو ما وقع من اشتبكات مسلحة، أمس الخميس،  ١٨ يوليو ٢٠٢٤م في منطقة الفريخة شمال بربر بولاية نهر النيل والذي يعتبر امتدادا لما حدث قبل شهرين في منطقة الباوقة بين بعض الشباب المنضويين تحت لواء المقاومة الشعبية والقوات النظامية بالباوقة وتطور بسبب التقاطعات وفساد التعدين والمحسوبية وغيره  لمواجهات مسلحة اختفى على إثرها شباب المقاومة بسبب البلاغات الجنائية والمضايقات الحكومية.
ولحل هذا الإشكال -وقتها-  وخوفا من التطور وزيادة الخسائر ومراعاة لظروف البلاد التي لا تحتمل أي تصعيد خصوصا وأن كل الشباب من الداعمين للجيش وأن قضاياهم مطلبية وليست سياسية،
رأت مجموعات أهلية وقيادات مجتمعية القيام بسلسلة اتصالات بغرض تهدئة الأمر ومن ثم معالجة ما يمكن معالجته وتوسيع دائرة الحلول ومناقشة قضايا التعدين وهي أس المشكلة ومضاف لذلك كيفية حماية المنطقة.
بحمد الله وبفضل هذه الجهود انحسرت وانحصرت هذه المواجهات في نطاق ضيق وبعدها بدأ حسن النوايا يتوفر وحضر الشاب ود أحمد علي ومن معه إلى أهله العبابدة في منطقة الفريخة بغرض مقابلة الأجهزة الرسمية وفق ترتيب مسبق.
وفوجئ مواطنو قرية الفريخة ظهر أمس بالقوات تحاصر المنطقة وتطلق الأسلحة المتنوعة مما خلق الذعر والرعب والفوضى في المنطقة وحدث ما حدث، وكان بإمكان قوة الشرطة أن تتعامل بطريقة أقل عنفا بدلا من الاستعجال واستخدام القوة المفرطة وتجنب المواطنين وقواتها شر الاحتكاك والخسائر خاصة وأن المنطقة تنعم بالأمن والتناغم بين أجهزتها العدلية والسياسية والأمنية والأهلية.

وبالفعل قاد بعض العقلاء والمهتمين
ورجالات الإدارة الأهلية جهودا للتهدئة والمعالجة، مما ذلل التعقيد وقلل نطاق المشكلة وكادت أن تنتهي لو لا أن محاولة الحل الأمني سبقت المساعي الأهلية  للحل.

نترحم على أرواح الذين استشهدوا ونسأل الله أن يشفي الجرحى ويعيد الطمأنينة إلى المنطقة ونتمنى أن يعود الجميع لصوت العقل وأن تتعامل قيادات الدولة على مستوى الولاية والمحلية مع قيادات الإدارة الأهلية والمجتمع المدني والقيادات الشبابية بشكل حقيقي وجاد للخروج من المأزق.  وعلى المركز أن يهتم بمثل هذه القضايا ويتابع الولاية.
مع ملاحظة أن مشكلة التعدين اتحادية وهي سبب الصراع الحقيقي في عدد من المناطق الذي يؤدي إلى ما لا يحمد عقباه.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق