بقلم/ منتصر محمد زكي:
حالم ومخطئ من يظن بأن حياتنا بعد إنتهاء الحرب ستعود بذات الوتيرة وذات النمط والإحساس ونفس الذائقة وطريقة التفكير .. هنالك تغيير حتمي سيطال علاقاتنا ومعاملاتنا ونظرتنا للآخر وربما حتى عاداتنا وتقاليدنا .. فضخامة الحدث ستغير شكل وطعم أشيائنا .. سترتفع درجة الوعي والمسؤولية وقيمة الأرض والأشياء من حولنا .. ستختلف نظرتنا للكثير من الأشياء من حولنا سنعيد حساباتنا ونتوقف كثيرا عند أشياء كنا نعتقدها عادية .. صدقوني لن تمر هذه الصدمة الكبيرة والمحنة العظيمة مرور الكرام سيكون لها مابعدها .. ستنهار مسلمات وتبنى قناعات على أسس ورؤى جديدة .. سنتعلم دروس وعبر كنا نحسبها لاتخصنا بل تخص شعوبا أخرى إبتلاها الله بالحروب والكوارث .. سنكتشف قيمة النعم التي حبانا الله بها ولم نشكره عليها حتى فقدناها .. سنعرف قيمة الأمن والأمان النسبي الذي كنا نعيشه فلا شئ مطلق في الحياة .. سنعلم كم كنا أغبياء وجاحدين ومستهترين .. بل حتى أيقونات مثل أغنيات( الطير المهاجر وصدقيني وياملهمة وفراش القاش ) سيكون لها طعم مختلف وذائقة مختلفة .. سنصدم ويخيب ظننا في أشخاص كنا ندخرهم لليالي السود كنا شايلنهم لعوزة .. وبنفس القدر سيفاجئنا أشخاص بمواقف نبيلة لم نكن نحفل بهم ولم يكونوا ضمن محيط إهتمامنا .. سقطت الكثير من الأقنعة وبرزت الكثير من القيم والمواقف الجميلة .. هذه الحرب علمتنا الكثير وفي المقابل أخذت منا الكثير وما كان لها أن تتجاوزنا لأسباب يصعب حصرها الآن .. نعم دفعنا أثمان باهظة فقدنا فيها أعزاء وأحباب وأصدقاء وممتلكات .. دفعنا فيها دماء ودموع ونزوح لكن كسبنا وحدتنا وتماسكنا وإيماننا بوحدة المصير .. إستعدنا ثقتنا في جيشنا حامي أرضنا وفخر بلادنا .. سيولد سودان جديد وشخصية سودانية جديدة بإذن الواحد الأحد .. سننهض كطائر الفينيق من تحت الرماد هذه الأرض لنا فاليعش سوداننا علما بين الأمم .
