محمد وداعة:
حقيبة المبعوث الأمريكى فارغة لا فيها بلح الشام و لا عنب اليمن
استهبال امريكى يفترض ان حضور الامارات فى جنيف لضمان تنفيذ ما يتفق عليه
لو ارادت امريكا ايقاف الحرب لفعلت ذلك بمحادثة تلفونية
هل يستطيع السيد بيرليو تقديم تعهد مكتوب بالزام الامارات باى اتفاق يمكن التوصل اليه؟
لا أحد يصدق المبعوث الأمريكى للسودان توم بريليو ، و لم تكن افاداته الاخيرة مفاجئة لاى من المراقبين للشأن السودانى خاصة المتابعين للسياسة الامريكية تجاه السودان ، لا سيما اعتذار امريكا عدة مرات عن الاستمرار فى منبر جدة ، و اعتبار ان استمرار التفاوض رهين بإرادة(الطرفين) ، و فشلها و عدم رغبتها فى ممارسة اى ضغط على المليشيا لتنفيذ التزاماتها بموجب الاتفاق ، او على الاقل لفت نظرها للانتهاكات الجسيمة ضد المدنيين ، او استهدافها للمشافى و مراكز الخدمات ، و حصار و تجويع و قصف مدينة الفاشر يوميآ ،مما تسبب فى قتل مئات النساء و الاطفال و تشريد الالاف ، و تحشيدها للمرتزقة لمزيد من الاعتداءات فى الايام القادمة ،
(فجأتن) اكتشف بيرليو ان (السودانيون لا يرغبون في أي دور سياسي للدعم السريع في المستقبل)، وقال (نحن ندعم ذلك )، و (فجأتن) علم المبعوث الامريكى ان (الدعم السريع تاريخه مرتبط بالإبادة الجماعية والتطهير العرقي في دارفور ) ،و ان (لا مستقبل للدعم السريع في السودان والجيش مؤسسة لها تاريخ في السودان)، وان (محادثات سويسرا ستختلف عن منبر جدة بما في ذلك وجود وسائل لضمان تنفيذ الإتفاق وذلك بمشاركة دولة الإمارات ومصر والإتحاد الإفريقي ومنظمة إيقاد) ، و ان وجود الامارات لضمان تنفيذ الاتفاق ،
ليس مدهشآ ما يبدو انه تنازلات امريكية من الاذعان لمطالب السودان باجراء حوار يستبق المفاوات مع الادارة الامريكية ، و لا الاكتشاف المتأخر ، ان قائد الجيش هو نفسه رئيس مجلس السيادة ، المدهش ان المبعوث الامريكى يظن ان هذه الخدعة ستنجح ،
المستر بيرليو يعلم ان الرئيس بايدن سيرد على لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس بعد ثلاثة أسابيع ، استنادآ على قانون ماغنتسكى ، واحتمال ان يصدر امرآ تنفيذيآ لمعاقبة مليشيا الدعم السريع ومعاقبتها و تصنيفها بانها جماعة ارهابية ، و بالتالى سيتعذر عليه شخصيا الاتصال بها او دعوتها لمنبر جنيف او اى منبر آخر ، وهو يعلم تمامآ بان المتبقى من فترة ادارة الرئيس بايدن لا يكفى لانجاز مهمته ،
الادارة الامريكية مستعجلة و تريد ادراك الانتخابات بانجاز خارجى للتغطية على فشلها فى حرب اوكرانيا ، و عجزها الكامل فى التعامل مع الحرب الاسرائيلية على غزة و الافراج عن (رهائن) امريكيين لدى حماس ، كما تستشعر امريكا المخاطر الاستراتيجية التى ستواجهها فى حال اتجاه السودان شرقآ ووقع على اى اتفاق مع روسيا او الصين يمنحهما امتيازات على البحر الاحمر ،
السودان لن يكون ( الحيطة القصيرة ) لتمرير اى صفقة على حساب مصالحه العليا ، و لن ينساق الى مفاوات جنيف مغمض العينين ، لينطبق عليه المثل ( لا طال بلح الشام و لا عنب اليمن ) ، خاصة بعد الصراعات المسلحة فى صفوف المليشيا و انفراط عقد السيطرة عليها ، مع ترجيح احتمال كبير بعدم التزامها او مجموعات منها باى اتفاق حتى لو ارادت ذلك الامارات ،
امريكا تريد اتفاق ، اى اتفاق يعرض على شاشات التلفزة و لا يهم بعد ذلك ان ينفذ ، او لا ينفذ ،
يعلم بيريللو أن الامارات هى الراعى الاول للمليشيا ، و لو لا الدعم الاماراتى لها بالاسلحة و الاموال لتوقفت الحرب فى ايامها الاولى ، و يعلم ان السودان قدم شكوى ضد الإمارات لمجلس الأمن الدولي، فكيف يقبل بمشاركتها في التفاوض كمراقب، او بأى صفة ؟ ان الزام الامارات بالاتفاق لا يتم عبر جلوسها على طاولة جنيف ، هذا مكانه غرفة مغلقة بين امريكا و الامارات ، و لو ارادت امريكا ايقاف الحرب لفعلت ذلك بمحادثة تلفونية ، و لا يتطلب ذلك مشاركة الامارات فى منبر جنيف ، لكن امريكا فى حاجة لصورة تلفزيونية لعرضها على الناخب الامريكى ، هل يستطيع السيد بيرليو الافصاح عن قيادات مليشيا الدعم السريع التى تواصل معها ؟ وهل يستطيع تقديم تعهد مكتوب بالزام الامارات باى اتفاق يمكن التوصل اليه ؟ يا سيد بيرليو ربما فاتكم القطار.
6 اغسطس 2024م