محمد وداعة:
أمريكا جاءت لتكسب التزام سودانى بعدم الاتجاه شرقا.. تخطئ الحكومة إن أعطت وعدا بذلك
من المتوقع أن يبدأ التشاور بتفاهم سوداني-أمريكي وربما يتضمن ذلك ملاحظات الجانب السوداني على تدفق السلاح الأمريكي للمليشيا عبر الإمارات
هاتفنى صديق كان يجادلنى فيما اكتب عن مفاوضات جنيف ، وقال ها هي امريكا وافقت على الاجتماع بالحكومة فى جدة للإجابة عن استفساراتها حول أجندة جنيف و الأطراف المشاركة والموقف من تنفيذ اتفاق جدة ، قال صديقى ( و الله بعد دا خايف تقولوا إيقاف الحرب فى غزة أولا).
لا خلاف أن استجابة امريكا لهذا الاجتماع و موافقتها على تجاوز مقترحها بأن يعقد فى جدة بدلا عن جنيف يعتبر خطوة جيدة ولكن مجرد اللقاء ليس كافيا لإزالة المخاوف الشعبية قبل الرسمية مما يحاك فى جنيف.
جاءت تسمية السيد وزير المعادن ابو نمو رئيسا للوفد لتأكيد أن هذا وفد يمثل حكومة السودان ، كما تشير إلى أن الوفد الأمريكى لن يكون برئاسة وزير الخارجية ، و هذا لايقلل من قيمة اللقاء باعتباره استجابة لشرط الحكومة لإجراء هذه المشاورات قبل الذهاب إلى جنيف ، المهم هو كيف يستثمر الجانب السوداني فى هذا الاجتماع و الخروج باتفاق مكتوب يشكل أرضية لمفاوضات جنيف بما يستجيب لمطالب وحقوق الشعب السوداني كما جاء فى بيان الخارجية السودانية (حرصاً من حكومة جمهورية السودان على تحقيق السلام والأمن والاستقرار في البلاد ولرفع المعاناة الناتجة عن الحرب التي شنتها المليشيا المتمردة عن كاهل شعبنا ومواطنينا، فقد قررت حكومة السودان إرسال وفد إلى مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية، يترأسه السيد الوزير محمد بشير عبدالله أبو نمو وزير المعادن، للتشاور مع حكومة الولايات المتحدة الأمريكية حول الدعوة المقدمة منها لحضور المفاوضات التي ستنعقد بجنيف في ١٤ من اغسطس الجاري بخصوص الحرب التي تشنها مليشيا ال دقلو الارهابية علي بلدنا السودان ) ،
من الطبيعى أن يبدأ التشاور بتفاهم سودانى -أمريكي ، وربما يتضمن ذلك ملاحظات الجانب السوداني على تدفق السلاح الأمريكى للمليشيا عبر الإمارات ، وعما إذا كانت أمريكا على استعداد للضغط على الإمارات لإيقاف ذلك ، وعدالة حضور الإمارات لمباحثات جنيف وهي حليف للمليشيا، وإن حدث هذا فإن الاتفاق على ما هو أدنى من ذلك ممكنا، سيبدأ بكيفية تنفيذ اتفاق جدة كما يراه الجانب السوداني انطلاقا من قانون حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، وعليه يتوقع أن يتم التفاهم على خروج المليشيا من منازل المواطنين و الأعيان المدنية، وأن تتوقف المليشيا عن قصف الأحياء السكنية ورفع الحصار عن الفاشر ، و الانسحاب من المدن و القرى التى روعتها المليشيا و لا زالت ، و بلا شك فأن قضية استعادة المنهوبات و ممتلكات الشعب السودانى ستكون فى سلم الأولويات، ومن البديهى أن يتم التفاهم على كيفية إنهاء وجود المليشيا ومحاسبتها على كل الجرائم التي ارتكبتها في حق الشعب السوداني، وإعادة الإعمار والتعويض وجبر الضرر.
من الضروري عدم فرض أي قيود على حركة الجيش و القوات المشتركة والنظامية الأخرى تجاه مسؤوليتها فى الحفاظ على الامن و الاستقرار فى كل ربوع البلاد ، و حقها فى ملاحقة المجرمين و المتفلتين ، وتقديم كل من أجرم إلى العدالة دون استثناء ، وعدم تقييد حق الافراد و الجماعات و الجهات الحكومية فى اللجوء للمحاكم الوطنية و الدولية لاسترداد الحقوق العامة و الخاصة،
عليه ينشأ التساؤل عن التبريرات التى ساقتها امريكا لمشاركة الامارات فى جنيف كمراقب ، و عما اذا كانت ستضمن تنفيذ ما يتفق عليه فى جنيف، و بأى طريقة ؟، و ما هى ضمانات ذلك ؟ و هذا ما يثيرالشكوك حول النوايا الحقيقية لامريكا،
امريكا فى سباق مع الزمن ، و تتوقع التوصل لاتفاق يعينها فى الانتخابات الرئاسية ، التى لا احد يستطيع التنبؤ بنتائجها ، و لا تأثيرات تلك النتيجة على اى اتفاق يمكن التوصل اليه فى جنيف ،
الامارات ، راهنت على الجواد الخاسر ،و فشلت فى تنفيذ مشروعها للاستيلاء على السلطة بواسطة مليشيا الدعم السريع ، و تراجعت حظوظ حلفاءها فى تقدم فى ان تكون وريثآ سياسيا لمرحلة ما بعد الحرب ،فهل ستقبل الإمارات بهذه الخسائر الفادحة؟، فضلا عن توريطها لدول أفريقية وعربية فى عدوانها على الشعب السوداني ،
مع ذلك فلا يجب رفع سقف التوقعات ، أمريكا جاءت لتكسب التزام سوداني بعدم الاتجاه شرقا، تخطئ الحكومة إن أعطت وعدا بذلك.
10اغسطس 2024م