حوارات وتحقيقات

سفير جوبا في الرياض: نستورد من 171 سلعة استهلاكية من السودان ونحن أكثر المتضررين من الحرب

فترة حكم عبود أسوأ مرحلة سياسية عانى منها الجنوب

الرياض- حوار/ عادل حسن: 

السفير خميس حقار سفير دولة جنوب السودان بالمملكة العربية السعودية حدثنا في إفادات صحافية لها أبعاد تاريخية بطعم المرارات السياسية لمراحل متعددة تفصل مابين حكومات السودان المتعاقبة ومواقفها من قضية جنوب السودان قبل الانفصال فالرجل تحدث بوضوح وصراحة ودهاء دبلوماسي في سرده للأحداث بعبارات مباشرة وساخنة.
هو دبلوماسي مثقف جدا ويحفظ كل التاريخ السياسي للسودان وجنوب السودان ويعرف أدق خفايا وأسرار المراحل السياسية بعمق العارفين
فماذا قال سعادة السفير خميس حقار:

سعادة السفير ماهو شكل علاقتكم
مع السعودية؟

علاقة دولة جنوب السودان مع المملكة العربية السعودية هي علاقة استراتيجية للمدى البعيد والسعودية محورية ولذلك نسعى معها لعلاقات استراتيجية كما ذكرت لك لأننا نملك موارد طبيعية ضخمة ودولة جنوب السودان لها موقع جغرافي استراتيجي جدا وجسر لوسط وشرق افريقيا وكذلك تجاور خمسة دول وموقع رابط يمكن أن نقول.

إذا أين المشكلة لديكم بعد هذا الموقع المهم؟

توجد مشكلة أساسية لدولة جنوب السودان وهي مشكلة النقل للصادر والوارد لأن دولة جنوب السودان دولة حبيسة لعدم وجود إطلالة بحرية مباشرة وهي من المقومات الاقتصادية المهمة.

وهل عجزت دولتكم عن إيجاد الحلول؟

أبدا دولتنا لم تعجز فالحلول موجودة لدينا مثلا نعتمد على ميناء بورتسودان في شرق السودان وميناء ممبسا في دولة كينيا وبورتسودان لا ننسى يمتد اليها خط انابيب بترول جنوب السودان كأطول خط بترول ناقل في العالم من جنوب السودان حتى شرق السودان على البحر الأحمر.

وماهي أهمية السودان نفسه بالنسبة لكم اقتصاديا؟

السودان مهم جدا جدا ونحن نستورد من السودان ١٧١ سلعة استهلاكية ضرورية للحياة في جنوب السودان وكذلك الخدمات إذا من هنا يبقى الاذدهار والاستقرار الاقتصادي والنمو في دولة جنوب السودان يعتمد علي حد كبير على استقرار الأوضاع في السودان الشقيق والآن دولة جنوب السودان تعتمد على ميناء ممبسا في كينيا في هذه الفترة لتغطية الاحتياجات الضرورية وهذا لن يكون حلا نهائيا للأزمة الاقتصادية لجنوب السودان التي تسببت فيها الحرب في السودان الشقيق.

وماذا فعلت حكومتكم للسودان في ظل هذه الحرب؟

هنا لابد للإشارة أولا إلى اطول حدود في العالم بطول ٢١٠٠ كيلو متر وبدون حواجز طبيعية هي الحدود مابين دولة جنوب السودان والسودان الشقيق ولذلك لا تستطيع ضبط تدفق حركة السكان والبضائع وتنظيمها بين البلدين ودولة جنوب السودان أكبر المتضررين من الحرب في السودان وتأثرا ومع ذلك فتحنا كل المعابر والمداخل لأهلنا في السودان بدون تعقيدات إدارية وعوائق الأوراق الرسمية بل يوجد (كمان) تلاحم شعبي وهذا شيء طبيعي للروابط التاريخية والاجتماعية والاقتصادية لشعب واحد في بلدين.

ماهي رؤيتكم لإنهاء الحرب في السودان؟

لابد من حل لإنهاء الحرب بأسرع وقت ممكن ولذلك الرئيس سلفاكير طرح عددا من المبادرات وهو يستضيف الأطراف في جوبا لمحاولة لم شمل السودان والرئيس سلفاكير مشغول جدا بهذا الأمر ولديه فريق عمل يعمل ليل نهار ويجري الاتصالات على المستويين الإقليمي والدولي لجمع الاطراف وإيجاد صيغة سلمية لحل الأزمة في السودان الشقيق.

هل مازال السودان لديكم هو السودان القديم أم الحديث في مقارنة سياسية؟ 

هنا لا بد أن نعود إلى أن حرب الخمسين عاما في السودان لها آثارها السلبية لا سيما الشعارات التي كانت ترفع أثناء الحرب في قضية جنوب السودان وحكومة الإنقاذ مثلا استحدثت شعار الجهاد بينما حزب الأمة قبل الانقاذ والحكومات الأخرى قبل أن تأتي الانقاذ اعتبرت الجنوب متمردا على حكومة الخرطوم.

وماهي اكبر تحدياتكم السياسية وغيرها خلال تلك المراحل التي ذكرتها؟

من أكبر الاشكاليات فعلا هناك كان فرض حواجز ثقافية منذ قانون المناطق المقفولة وبعد ذلك أتت الحكومات المتعاقبة في الخرطوم مدنية وعسكرية وفرضت اللغة العربية والثقافة والعقيدة الإسلامية وهنا نذكر الرئيس عبود وهو يفرض الإجازة الأسبوعية يوم الجمعة وفرض اللغة العربية في مدارس جنوب السودان ومحاولة أسلمة الجنوب وهي أسوأ مرحلة حكومية عانى منها جنوب السودان وأكثر فترة تشددا وأدت لارتكاب مذابح بسبب مقاومة هذه السياسات.

هل نفهم أن الجنوب عانى من كل الحكومات والانظمة في الخرطوم؟ 

فترة حكم الرئيس جعفر محمد نميري له الرحمة شهدت تحسن الأوضاع في جنوب السودان باتفاق أديس أبابا عام ١٩٧٣م والحكم الذاتي لأهل جنوب السودان، بعدها شهد الجنوب استقرارا لفترة ١٠ سنوات من عام ١٩٧٣ حتي عام ١٩٨٣م ولكن من سوء حظ السودان اختلف أبناء جنوب السودان مما دفع الرئيس نميري إلى تقسيم الجنوب إلى ثلاثة أقاليم وتم توسيع المشاركة السياسية وموازنة التنمية ولو استمر السودان في ذاك الوقت على هذا المنوال لما كثرت حالات التمرد والمظالم الإقليمية ونذكر بأن النميري كان يمهد لإنشاء حكم فيدرالي مثل القائم الآن في الولايات المتحدة الأمريكية.

لكن الجنوب ظل ضد كل الحكومات حتى المدنية؟

أقول لك على ذكر المظالم التاريخية من قبل الحكومات المتعاقبة فبعد ذهاب نميري ومجيء حكومة الصادق المهدي والديمقراطية التي قامت بتوزيع الأسلحة على القبائل خاصة القبائل الحدودية المتاخمة لجنوب السودان وكذلك كونت المليشيات القبلية وهذه المليشيات كانت تدعم الجيش السوداني ضد جيش الحركة الشعبية وكانت المليشيات هذه التي كونها الصادق المهدي تعتدي على القبائل الجنوبية المجاورة على الحدود السودانية بحجة أنها تحارب الحركة الشعبية لتحرير السودان هذه هي حكومة الصادق الأخيرة.

هل حكومة الانقاذ كانت مهادنة للجنوب؟

حكومة الانقاذ وفي إطار التعبئة العامة في عهدها أعلنت الجهاد وكثفت العمليات العسكرية في جنوب السودان ومناطق أخرى والمنهج كان تطبيق الشريعة الإسلامية في السودان مع استثناء جنوب السودان،  ولكن نجد في إطار محاربة الانقاذ نفسها في المجتمع الدولي تم استخدام الجهاد باعتبار إرغام الجنوبين المسيحين لاعتناق الإسلام وفي المقابل استخدم هذا الشعار لاستقطاب الدعم الدولي للحركة الشعبية مما فاقم الأوضاع.

كيف حصل الجنوب على الانفصال بعد كل الذي ذكرته؟

نعم كانت لحكومة الانقاذ محاولات لطرح الفيدرالية وهو مطلب أهل جنوب السودان إلا أنه ايضا طرح تقرير المصير ووجد قبولا من بعض قادة الانقاذ وبدأت ممارسات تؤكد قبول حكومة الخرطوم لتحقيق المصير لجنوب السودان وفعلا أقبل أبناء وأهل جنوب السودان بكثافة على الانتخابات ونالوا حقهم بالاستفتاء.

لماذا تعتبرون عبود أسوأ حاكم في قناعة أهلنا في جنوب السودان؟

لأن عبود حاول فرض سياسات لأسلمة جنوب السودان عنوة وجرت سلسلة من المذابح للمفكرين والمثقفين الجنوبين في مدن واو وجوبا وبور وذلك في عام ١٩٦٨م وهذا تاريخ محفوظ في الذاكرة لأهل جنوب السودان وفي ذات الوقت يظل جعفر نميري مكان تقدير ومحبة كل أهل جنوب السودان.

سعادة السفير ألحظ هدوء تام في سفارتكم هل ليس لديكم جالية هنا في السعودية؟

لدينا جالية في الرياض هنا ولكنها بعدد قليل جدا، ونقوم بكل واجباتنا تجاه هذه الجالية الصغيرة وهي عملية توفيق الأوضاع داخل السعودية كمغتربين.

شكرا سعادة السفير خميس حقار وشكرا لكل طاقم سفارة دولة جنوب السودان الشقيقة بالمملكة العربية السعودية.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق